للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ لَا تَبْقَى إلَيْهِ كَأَنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعَظُمَ ضَرَرُ النَّخْلِ بِبَقَائِهَا وَكَأَنْ أَصَابَهَا آفَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ أَطْلَقَاهُمَا وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَكَأَنْ اُعْتِيدَ قَطْعُهَا قَبْلَ نُضْجِهَا لَكِنَّ هَذِهِ لَا تَرِدُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَقْتُ جُذَاذِهَا عَادَةً

(وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ: الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا بَقِيَتْ (السَّقْيُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَضُرَّ صَاحِبَهُ (وَلَا مَنْعَ لِلْآخَرِ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ حِينَئِذٍ سَفَهٌ، أَوْ عِنَادٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي السَّقْيَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَنْمِيَتَهَا فَلْتَكُنْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَمْكِينُهُ مِنْ السَّقْيِ بِمَا اُعْتِيدَ سَقْيُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي كَبِئْرٍ دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِطًا لِنَفْسِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ اغْتَفَرُوهُ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ شَغْلِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِمَائِهِ، أَوْ اسْتِعْمَالِهِ لِمَاءِ الْمُشْتَرِي إلَّا حَيْثُ نَفَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُبِيحُ مَالَ الْغَيْرِ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ مَنْفَعَةٍ بِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي مَاءٍ لِلْبَائِعِ أَرَادَ بِهِ شَغْلَ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مِنْ نَفْعٍ لَهُ بِهِ فَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ ضَرَّهُمَا) كَانَ لِكُلٍّ مَنْعُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ صَاحِبَهُ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ إلَيْهِ فَهُوَ سَفَهٌ وَتَضْيِيعٌ وَ (وَلَمْ يَجُزْ) السَّقْيُ لَهُمَا، وَلَا لِأَحَدِهِمَا (إلَّا بِرِضَاهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ فِيهِ إفْسَادَ الْمَالِ، وَهُوَ حَرَامٌ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ ارْتَفَعَ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِحَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُمَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَهُوَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ

ــ

[حاشية الشرواني]

إلَخْ إلَى الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعًا فَيُفِيدُ جَوَازَ أَخْذِهِ بِالتَّدْرِيجِ، وَإِنْ حَصَلَ نُضْجُهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً إذَا كَانَ الْعَادَةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا تَبْقَى إلَخْ) أَيْ: لَا تَلْزَمُ التَّبْقِيَةُ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَعَظُمَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَذَّرَ السَّقْيُ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ اُعْتِيدَ إلَخْ) كَاللَّوْزِ الْأَخْضَرِ فِي بِلَادٍ لَا يَتَجَفَّفُ فِيهَا إيعَابٌ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَأْتَمِنْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إذَا بَقِيَتْ) أَيْ: الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ قَوْلُ الْمَتْنِ (الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ) أَوْ أَحَدُهُمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: يَعْنِي إنْ لَمْ يَضُرَّ صَاحِبَهُ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَنُّتٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ إذْ لَا غَرَضَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي تَمْكِينُهُ اهـ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ سم وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي نَعَمْ يَتَّجِهُ إلَخْ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: م ر عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ أَيْ: عَلَى الْآخَرِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا ضَرَّ السَّاقِيَ، أَوْ نَفَعَهُ، أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ كَمَا يَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِي فَتَوَقُّفُ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْبَائِعَ وَكَانَ السَّقْيُ يَضُرُّهُ، أَوْ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْمُشْتَرِيَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْفَعُ السَّاقِيَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَوَقُّفُ الشَّيْخِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَنْعَ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: تَمْكِينُهُ) أَيْ: اسْتِحْقَاقُ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي تَمْكِينُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا اُعْتِيدَ) أَيْ مِنْ مَحَلٍّ اُعْتِيدَ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ وَمَا مَوْصُولَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِالْهَمْزَةِ، قَوْلُهُ: الْآتِي كَبِئْرٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: مَاءِ بِئْرٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ) أَيْ: فِي تَمْكِينِ الْبَائِعِ مِنْ السَّقْيِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِيرُ) أَيْ: الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: إلَّا حَيْثُ نَفْعُهُ) وَمَحَلُّ سَقْيِ الْبَائِعِ مِنْ الْبِئْرِ الدَّاخِلَةِ فِي الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ الْمُشْتَرِي لِمَاءِ الْبِئْرِ لِيَسْقِيَ بِهِ شَجَرًا آخَرَ مَمْلُوكًا هُوَ وَثَمَرَتُهُ لَهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ احْتَاجَ الْبَائِعُ إلَى السَّقْيِ نَقَلَ الْمَاءَ إلَيْهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَمَنْ بَاعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ لَزِمَهُ سَقْيُهُ إلَخْ قَدْ يُخَالِفُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ مَنْفَعَةٍ بِهِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ الشَّرْعُ لَا يُبِيحُ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ نَفَعَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَانَ الْكُلُّ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: السَّقْيُ لَهُمَا) نَظَرَ فِيهِ سم إنْ رُمْت رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى ذَلِكَ) أَيْ: سَقْيُ أَحَدِهِمَا بِرِضَا الْآخَرِ كَتَصَرُّفِهِ إلَخْ أَيْ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِغَيْرِ غَرَضٍ مُعْتَبَرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُرْمَةَ ارْتَفَعَتْ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ثُمَّ رَأَيْت الرَّشِيدِيَّ قَالَ قَوْلُهُ: وَيَبْقَى ذَلِكَ مَعْنَاهُ إنَّ رِضَى الْآخَرِ بِالْإِضْرَارِ رَفَعَ حَقَّ مُطَالَبَتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَجَابَ إلَخْ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ اتِّحَادِ الْحَمْلِ وَتَعَدُّدِهِ وَأَنَّ السَّبَبَ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَمْنُ الِاخْتِلَاطِ لَكِنَّ الْفَرْقَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَفَارَقَ النَّخْلَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ إلَّا تَعَدُّدُ الْحَمْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: يَعْنِي إنْ لَمْ يَضُرَّ صَاحِبَهُ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَنُّتٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ إذْ لَا غَرَضَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي تَمْكِينُهُ اهـ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي نَعَمْ يَتَّجِهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ صَحَّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا عِنْدَ وُجُودِ مَنْفَعَةٍ بِهِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ الشَّرْعُ لَا يُبِيحُ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ نَفَعَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ السَّقْيُ لَهُمَا) قَدْ يُسْتَشْكَلُ سَوَاءٌ رَجَعَ إلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَاهُمَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ سَقْيُ أَحَدِهِمَا بِرِضَا الْآخَرِ فَلْيُجِزْ سَقْيَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِهِ رِضَاهُمَا بِالسَّقْيِ فَإِنْ أَرَادَ عَدَمَ جَوَازِ سَقْيِهِمَا مُطْلَقًا فَهُوَ مُشْكِلٌ، أَوْ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِنَاءً عَلَى رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ لِهَذَا أَيْضًا فَرِضَاهُمَا لَازِمٌ لِسَقْيِهِمَا فَلَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ بِالْمَنْعِ وَاسْتِثْنَاءِ كَوْنِهِ بِرِضَاهُمَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ لَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ لَا لَهُمَا عَلَى وَجْهِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى السَّقْيِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْفَعُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَالْجَوَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>