للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ وَامْتَنَعَ عَلَى الْوَارِثِ إمْسَاكُهَا وَالْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَحَلَّ مِنْ بَقِيَّةِ أَمْوَالِهِ وَكَذَا لَوْ اشْتَمَلَتْ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ الِاسْتِقْلَالَ بِأَخْذِهَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْأُولَى وَالرُّويَانِيُّ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ مَا ذَكَرَهُ إنْ قَالَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّ لِلتَّخْصِيصِ مَعْنًى يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي خُصُوصِ تِلْكَ الْعَيْنِ وَلَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا، أَمَّا لَوْ قَالَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ الْحَالِّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ غَرَضٌ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْعَبَثِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَى آخِرِهِ الْمُرَادُ مِنْهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُ التَّرِكَةِ وَالْقَضَاءُ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَإِنْ أَرَادَ إعْطَاءَهُ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَوْرًا أُجْبِرَ الدَّائِنُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ تَعَنُّتٌ وَتَعَلُّقُ حَقِّهِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ لِكَوْنِهَا مَرْهُونَةً فِيهِ لَا يَمْنَعُ الْإِعْطَاءَ مِنْ غَيْرِهَا الْمُسَاوِي لَهَا؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّهِ إنَّمَا هُوَ بِالذِّمَّةِ حَقِيقَةً وَبِالتَّرِكَةِ تَوَثُّقًا.

وَإِذَا كَانَ بِالذِّمَّةِ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ فِي قَضَائِهِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الدَّائِنِ بِوَجْهٍ وَإِذَا وَجَبَتْ إجَابَةُ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ بِشُرُوطِهِ مَعَ كَوْنِهِ أَقْوَى بِالنَّظَرِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ فَأَوْلَى هَذَا فَإِنْ قُلْت: قَرَّرُوا فِي الْوَصَايَا وَغَيْرِهَا أَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ فَقِيَاسُهُ إجَابَةُ دَائِنٍ لَهُ غَرَضٌ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ قُلْت لَمْ يُطْلِقُوا ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ حَتَّى يَتَأَتَّى مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا خَصُّوهُ بِمَا إذَا كَانَ حَقُّهُ مُتَعَلِّقًا بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ مِلْكًا كَأَنْ أَوْصَى لِكُلِّ وَارِثٍ بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِجَازَةِ حِينَئِذٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ.

وَأَمَّا مَنْ حَقُّهُ فِي الذِّمَّةِ أَصَالَةً وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأَعْيَانِ إلَّا التَّوَثُّقَ فَلَا يُجَابُ إلَى تَعْيِينِ عَيْنٍ دُونَ عَيْنٍ مُسَاوِيَةٍ لَهَا لِظُهُورِ تَعَنُّتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ أَرَادَ إعْطَاءَهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَهُ الْأَخْذُ، لَكِنْ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الظَّفَرِ لِتَعَدِّيهِ بِمَنْعِ الْجِنْسِ أَوْ بِالتَّأْخِيرِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَرَيَانِ الظَّفَرِ بِشُرُوطِهِ فِيمَا فِيهِ جِنْسُ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْته وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ يُرَدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ هُنَا الِاسْتِقْلَالَ بِالْأَخْذِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَتَعَاطَى الْبَيْعَ وَالِاسْتِيفَاءَ لِنَفْسِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ وَالْوَالِدِ مَعَ الطِّفْلِ وَبِأَنَّ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (قَوْلُهُ عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ إلَخْ) وَاضِحٌ إلَّا فِي صُورَةِ مَا إذَا أَوْصَى أَنْ تُبَاعَ وَيُوفِيَ دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ مُشْتَرِيًا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذِهِ بِمَا إذَا ظَهَرَ مُشْتَرٍ يَكُونُ مَالُهُ أَطْيَبَ مِنْ مَالِ الْوَارِثِ وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ تَخْصِيصِ الْبَيْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ احْتِمَالِ قَصْدِ صَرْفِ أَطْيَبِ أَمْوَالِهِ فِي جِهَةِ قَضَاءِ دَيْنِهِ كَمَا فِي التَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ أَثِمَ بِإِمْسَاكِهَا لِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ بِمَا بَذَلَهُ الْوَارِثُ وَوُصُولُهُ إلَى حَقِّهِ مِنْ الدَّيْنِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اهـ.

ع ش وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْهُ بِمَا إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الْعَيْنِ عَلَى الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيَظْهَرُ وَجْهُهَا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ لَوْ اشْتَمَلَتْ) أَيْ التَّرِكَةُ (عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ) ظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ إمْسَاكِ الْوَارِثِ هُنَا اهـ سم عِبَارَةُ ع ش أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْأَخْذِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَقُولُ يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ مُجَرَّدَ جَوَازِ اسْتِقْلَالِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِأَخْذِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْوَارِثِ مِنْ أَخْذِ التَّرِكَةِ وَدَفْعِ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِالدَّيْنِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقَ رَهْنٍ وَالرَّاهِنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ اهـ.

(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ: قَوْلُهُ نَعَمْ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ) أَيْ: الرَّافِعِيُّ (إلَيْهِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) أَيْ: فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّفْعِ وَ (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: فِي الْوَصِيَّةِ بِبَيْعِ عَيْنٍ وَالتَّوْفِيَةِ مِنْ ثَمَنِهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ) وَهِيَ الْوَصِيَّةُ بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ وَافَقَهُ) أَيْ: الرَّافِعِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ إنْ قَالَ) أَيْ: الْمُوصِي فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ مِمَّا يَظْهَرُ فِيهِ) أَيْ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَنَّ لِلتَّخْصِيصِ مَعْنًى إلَخْ) الْأَخْصَرُ الْأَوْضَحُ أَنَّ فِي التَّخْصِيصِ نَفْعًا يَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ غَرَضٌ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَا بِنَظِيرِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ) أَيْ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) خَبَرُ إنَّ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُرَادِ إلَخْ وَجُمْلَتُهُ الْكُبْرَى خَبَرُ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَإِنْ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ التَّرِكَةِ فَيُنْظَرُ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ وَدَعْوَى دَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَإِنْ كَانَ التَّفْصِيلُ فِي نَفْسِهِ قَرِيبًا كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ إلَخْ) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِلْإِعْطَاءِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ امْتِنَاعَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى كَمَا فِي نَظِيرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذَا زَادَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَ حَقُّهُ) أَيْ الدَّائِنِ (بِعَيْنِ التَّرِكَةِ إلَخْ) جَوَابُ مُعَارَضَةٍ تَقْدِيرِيَّةٍ (قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَتَعَلَّقَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِمَا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ: مِنْ رَهْنِ التَّرِكَةِ شَرْعًا (قَوْلُهُ فَأَوْلَى هَذَا) أَيْ بِوُجُوبِ إجَابَةِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمُقَرَّرِ (قَوْلُهُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ) أَيْ: تَأْثِيرُهُ فِي الْإِجَابَةِ.

(قَوْلُهُ حَقُّهُ) أَيْ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِجَازَةِ) أَيْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ لَهَا) أَيْ: لِلْعَيْنِ الْأُولَى وَلَعَلَّ الْأَوْلَى لَهُ أَيْ: لِحَقِّهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَرَادَ إعْطَاءَهُ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْأَخْذُ) أَيْ لِلدَّائِنِ أَخْذُ الْجِنْسِ اسْتِقْلَالًا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) أَيْ وَفِي غَيْرِ مَا فِيهِ جِنْسُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْته) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَرَادَ إعْطَاءَهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ: فِيمَا إذَا اشْتَمَلَتْ التَّرِكَةُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ) أَيْ: جَوَازَ الِاسْتِقْلَالِ (قَوْلُهُ لَا يَتَعَاطَى الْبَيْعَ إلَخْ) أَيْ بَيْعَ مَالِ الْغَيْرِ وَاسْتِيفَاءَ ثَمَنِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَالِدُ إلَخْ) أَيْ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَحَامُلٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لَوْ اشْتَمَلَتْ) أَيْ: التَّرِكَةُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ ظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ إمْسَاكِ الْوَارِثِ هُنَا (قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>