الْإِجْمَاعُ عَلَى تَعَيُّنِ غَسْلِهِمَا حَيْثُ لَا خُفَّ وَخِلَافُ الشِّيعَةِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْمَرْفِقَيْنِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ وَلَوْ فُقِدَ الْكَعْبُ أَوْ الْمَرْفِقُ اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ أَيْ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ كَأَنْ لَاصَقَ الْمِرْفَقُ الْمَنْكِبَ وَالْكَعْبُ الرُّكْبَةَ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَكَذَا فِي الْحَشَفَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَقَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ: يُعْتَبَرُ قَدْرُهُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ وَالنُّصُوصُ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولَانِ عَلَى غَالِبٍ، وَيَجِبُ هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْيَدَيْنِ بِمَا عَلَيْهِمَا وَمَا حَاذَاهُمَا وَهُنَا وَثَمَّ إزَالَةُ مَا بِنَحْوِ شِقٍّ أَوْ جُرْحٍ مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ أَوْ دَوَاءٍ مَا لَمْ يَصِلْ لِغَوْرِ اللَّحْمِ الْغَيْرِ الظَّاهِرِ أَوْ يَلْتَحِمُ فَلَا وُجُوبَ أَوْ يَضُرُّهُ فَيَتَيَمَّمُ
(السَّادِسُ: تَرْتِيبُهُ هَكَذَا) مِنْ تَقْدِيمِ غَسْلِ الْوَجْهِ فَالْيَدَيْنِ فَالرَّأْسِ فَالرِّجْلَيْنِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنِ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلِقَوْلِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ؛ وَلِأَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُتَجَانِسَيْنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَائِدَةٍ هِيَ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ لَا نَدْبُهُ بِقَرِينَةِ الْأَمْرِ فِي الْخَبَرِ فَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَائِهِ مَعًا لَمْ يَحْسِبْ إلَّا الْوَجْهَ وَلَا يَسْقُطُ كَبَقِيَّةِ الْفُرُوضِ وَالشُّرُوطِ لِنِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ (فَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ) فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ بِنِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ حَتَّى نِيَّةِ الْوُضُوءِ عَلَى الْأَوْجَهِ أَوْ نِيَّةِ نَحْوِ الْجَنَابَةِ أَوْ أَدَاءِ الْغَسْلِ غَلَطًا لَا عَمْدًا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ) وُقُوعِ (تَرْتِيبٍ) فِي الْخَارِجِ (بِأَنْ غَطَسَ وَمَكَثَ) بِقَدْرِ زَمَنِ التَّرْتِيبِ (صَحَّ) لَهُ الْوُضُوءُ (وَإِلَّا) يَمْكُثُ بِأَنْ خَرَجَ حَالًا (فَلَا) يَصِحُّ (قُلْت الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْإِجْمَاعُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَمَا صُحِّحَ مِنْ وُجُوبِ الْغَسْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَخِلَافُ الشِّيعَةِ فِي ذَلِكَ) أَيْ ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْإِجْمَاعَاتِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ فِي الِاصْطِلَاحِ اتِّفَاقُ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَلَيْسَ صَاحِبُ الْبِدْعَةِ الَّذِي يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهَا مِنْ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ دُونَ الْمُتَابَعَةِ وَمُطْلَقُ الِاسْمِ لِأُمَّةِ الْمُتَابَعَةِ كَذَا فِي التَّلْوِيحِ فَلَا يَنْتَفِي الْإِجْمَاعُ بِمُخَالَفَتِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَدَلَّ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ إلَخْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُمَا الْعَظْمَانِ إلَخْ) وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْكَعْبَ هُوَ الَّذِي فَوْقَ مُشْطِ الْقَدَمِ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ: النَّاتِئَانِ) أَيْ الْبَارِزَانِ الْمُرْتَفِعَانِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ) اعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ يُعْتَبَرُ) أَيْ فِيمَا إذَا وُجِدَ الْمَرْفِقِ أَوْ الْمَنْكِبُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ وَالنُّصُوصُ إلَخْ) مِنْ مَقُولِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ يَلْتَحِمُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِنَحْوِ شِقٍّ) أَيْ كَثَقْبٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ) أَيْ كَحِنَّا وَلَا أَثَرَ لِدُهْنٍ ذَائِبٍ وَلَوْنِ حِنَّا مُغْنِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَصِلْ لِغَوْرِ اللَّحْمِ) عِبَارَةُ ع ش أَيْ حَيْثُ كَانَ فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الشِّقِّ، وَهُوَ ظَاهِرُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَ إلَى اللَّحْمِ بِبَاطِنِ الْجُرْحِ فَلَا يَجِبُ إزَالَتُهُ وَلَوْ كَانَ يُرَى اهـ.
(قَوْلُهُ لِغَوْرِ اللَّحْمِ الْغَيْرِ الظَّاهِرِ) أَيْ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَلْتَحِمُ إلَخْ أَيْ بَعْدَ أَنْ كَانَ ظَاهِرًا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الظَّاهِرِ الَّذِي وَصَلَ إلَى اللَّحْمِ، فَإِنْ وَصَلَ حِينَئِذٍ لِحَدِّ الْبَاطِنِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ عِبَارَةُ إيعَابِهِ وَفِي الْخَادِمِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الثَّقْبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ظَاهِرًا صُورَتُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَرَى الضَّوْءَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَفِي تَبْصِرَةِ الْجُوَيْنِيِّ إنَّ شُقُوقَ الرِّجْلِ إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لَا تُجَاوِزُ الْجِلْدَ إلَى اللَّحْمِ وَالظَّاهِرَ إلَى الْبَاطِنِ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِهَا، وَإِنْ فَحَشَتْ حَتَّى اتَّصَلَتْ بِالْبَاطِنِ لَمْ يَلْزَمْهُ إيصَالُ الْمَاءِ لِذَلِكَ الْبَاطِنِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا كَانَ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ التَّيَمُّمِ بِالْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَجِبَ إيصَالُ التُّرَابِ إلَيْهِ اهـ.
وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ يُوَافِقُهُ مَا تَقَرَّرَ عَنْ الْمَجْمُوعِ إلَخْ اهـ كَلَامُ الْإِيعَابِ اهـ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ) إلَى قَوْلِهِ قِيلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَبَقِيَّةِ الْفُرُوضِ وَالشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِلَى قَوْلِهِ بَلْ لَوْ كَانَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ قِيلَ إلَى وَقَوْلِ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ غَسْلِ الْوَجْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ كَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ مَسْحِ الرَّأْسِ ثُمَّ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ غَسْلِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى لَفْظِ تَقْدِيمِ (قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَوَضَّأْ إلَّا مُرَتَّبًا» وَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَتَرَكَهُ فِي وَقْتٍ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ كَمَا فِي التَّثْلِيثِ وَنَحْوِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ) أَيْ وَهُوَ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلْوُضُوءِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَصْلَ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ إذَا ذَكَرَتْ مُتَعَاطِفَاتٍ بَدَأَتْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فَلَمَّا ذَكَرَ فِيهَا الْوَجْهَ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسَ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ دَلَّتْ عَلَى الْأَمْرِ بِالتَّرْتِيبِ وَإِلَّا لَقَالَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَاغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَصْلَ) أَيْ بِالْمَسْحِ بَيْنَ الْمُتَجَانِسَيْنِ أَيْ غَسْلَيْ الْوَجْهِ وَالرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةً إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَيْثُ نَوَى مَعَ غَسْلِ الْوَجْهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْسِبْ إلَخْ) وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ عَدَمُ التَّنْكِيسِ وَعَلَيْهِ صَحَّ وُضُوءُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إنْ نَوَى مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلشُّرُوطِ فَقَطْ أَوْ وَلِلْفُرُوضِ وَيُرَادُ بِهَا فُرُوضُ الْوُضُوءِ، وَيَدَّعِي أَنَّ لَمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشُّرُوطُ حُكْمُهَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ) وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا أَوْ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا أَيْ لَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِنَحْوِ النِّسْيَانِ قَوْلُ الْمَتْنِ (مُحْدِثٌ) أَيْ حَدَثًا أَصْغَرَ فَقَطْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ مَعَ رَدِّهِ (قَوْلُهُ بِنِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بِنِيَّةِ نَحْوِ الْجَنَابَةِ) أَيْ نَحْوِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: غَلَطًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بِنِيَّةِ نَحْوِ الْجَنَابَةِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ) الْأَوْلَى تَرْكُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْخِصَالِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَتَّصِفَ بَعْضُ الْخِصَالِ بِالْإِبَاحَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الْغَسْلِ أَصْلًا أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوَّلًا