للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ غَيْرِهِ وَدَلَّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمَأْخُوذِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مَتْرُوكًا وَيَصِحُّ مَعَ عَدَمِ هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا وَغَايَتُهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ لِأَمْرَيْنِ كَوْنِهِ عَلَى إنْكَارٍ وَعَدَمِ الْعِوَضِيَّةِ فِيهِ (وَكَذَا إنْ جَرَى) الصُّلْحُ مِنْ بَعْضِ الْمُدَّعَى (عَلَى بَعْضِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَأَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا أَمَّا لَوْ صَالَحَ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ فَيَبْطُلُ جَزْمًا؛ لِأَنَّ الضَّعِيفَ يُقَدِّرُ الْهِبَةَ فِي الْعَيْنِ وَإِيرَادُ الْهِبَةِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ مُمْتَنِعٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهَا وَمَرَّ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ صُدِّقَ مُدَّعِي الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ.

وَقَدْ يَصِحُّ الصُّلْحُ مَعَ عَدَمِ الْإِقْرَارِ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ اصْطِلَاحُهُنَّ بِتَسَاوٍ وَتَفَاوُتٍ، وَكَذَا مَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَكِنْ يَأْتِي قُبَيْلَ خِيَارِ النِّكَاحِ خِلَافُهُ أَوْ ادَّعَى اثْنَانِ وَدِيعَةً بِيَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ لِأَيِّكُمَا هِيَ أَوْ دَارًا بِيَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً وَفِي هَذِهِ كُلِّهَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ غَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشَرْطُهُ تَحَقُّقُ الْمِلْكِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدٌ آخِرَ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ (وَقَوْلُهُ) بَعْدَ إنْكَارِهِ (صَالِحْنِي عَنْ الدَّارِ) مَثَلًا (الَّتِي تَدَّعِيهَا لَيْسَ إقْرَارًا فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَذَا قَوْلُهُ لِمُدَّعٍ عَلَيْهِ أَلْفًا صَالِحْنِي مِنْهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ أَوْ هَبْنِي خَمْسَمِائَةٍ أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْ خَمْسِمِائَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَطْعَ الْخُصُومَةِ لَا غَيْرُ وَلِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ بِأَقْسَامِهَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَقَدْ يُصَالِحُ عَلَى الْإِنْكَارِ أَيْ: بَلْ هُوَ الْأَغْلَبُ كَمَا تَقَرَّرَ.

أَمَّا قَوْلُهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً قَبْلَ إنْكَارِهِ فَلَيْسَ إقْرَارًا قَطْعًا وَلَوْ قَالَ هَبْنِي هَذِهِ أَوْ بِعْنِيهَا أَوْ زَوِّجْنِي الْأَمَهَ كَانَ إقْرَارًا بِمِلْكِ عَيْنِهَا أَوْ أَجِّرْنِيهَا أَوْ أَعِرْنِيهَا فَإِقْرَارٌ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا الْعَيْنِ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا فَقَالَ أَبْرَأْتنِي أَوْ أَبْرِئْنِي فَإِقْرَارٌ أَيْضًا وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا

ــ

[حاشية الشرواني]

اسْتِثْنَاءٌ مَا لَوْ كَانَ هَذَا الْغَيْرُ مُدَّعَى آخَرَ مُقِرًّا بِهِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ عَنْ غَيْرِهِ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى شَخْصٍ شَيْئَيْنِ فَأَنْكَرَهُمَا مَعًا فَيُصَالِحُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَدَلَّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرٍ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْمَأْخُوذَ) وَهُوَ نَفْسُ الْمُدَّعَى (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ إلَخْ) سَلَكَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فِي حَلِّ الْمَتْنِ عَلَى هَذَا فَقَالَا عَقِبَهُ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا فَيُصَالِحُهُ عَلَيْهَا بِأَنْ يَجْعَلَهَا لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَاطِلٌ فِيهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ هَذَا التَّقْدِيرِ) وَعَلَى هَذَا فَالْمُدَّعَى الْمَذْكُورُ مَأْخُوذٌ وَمَتْرُوكٌ بِاعْتِبَارَيْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ أَيْ: فَعَلَى عَلَى بَابِهَا بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ) أَيْ: فِي الصُّلْحِ فِي ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْعِوَضِيَّةِ فِيهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَفَسَادُ الصِّيغَةِ بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ بَعْضِ الْمُدَّعَى) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظَ بَعْضِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَكَذَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ إنْ جَرَى عَلَى بَعْضِهِ أَيْ: الْمُدَّعَى كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ الْمُدَّعَى اهـ.

(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ صَالَحَ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي يَعْنِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَيْنِ وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى بَعْضِهِ إلَخْ) أَيْ: فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ مُمْتَنِعٌ) وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ لَكَانَ إبْرَاءً وَهُوَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ صَحِيحٌ ع ش وَسَمِّ (قَوْلُهُ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) أَيْ: وَوُقِفَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهَا مُسْتَثْنًى أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فَاصْطَلَحْنَ اهـ وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَسْبَكُ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ الْبَيَانِ) أَيْ: أَوْ التَّعْيِينُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ لِأَيِّكُمَا إلَخْ) أَيْ: هِيَ لِوَاحِدٍ مِنْكُمَا وَلَا أَعْلَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا لَوْ تَصَالَحَا بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَعَلَيْهِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا تَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الْيَدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَوَابِ عَنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَّمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَخَاصَمَا فِي مِيرَاثٍ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا فِي يَدِهِمَا فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ إلَخْ) أَيْ: الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ آخِرَ نِكَاحٍ إلَخْ) أَيْ: فِي آخِرِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَيْسَ إقْرَارًا فِي الْأَصَحِّ) وَعَلَيْهِ يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْدَ هَذَا الِالْتِمَاسِ صُلْحَ إنْكَارٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالٍ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَالشَّرْحِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: الَّتِي فِي الشَّرْحِ قَالَ سم اُنْظُرْهُ مَفْهُومُهُ اهـ أَيْ: مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ جَارٍ فِي الْأُولَى أَيْضًا وَلَك مَعَ الْجَرَيَانِ بِأَنَّهُ رَدٌّ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى إقْرَارٌ بِالْكُلِّ بِالتَّسْلِيمِ وَالْمَعْنَى وَلَوْ سَلَّمْنَا عَدَمَ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ إقْرَارٌ بِالْبَعْضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِأَقْسَامِهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْأَلْفَ الْمُدَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُصَالِحُ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَيْ: بَلْ هُوَ) أَيْ: الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ أَمَّا قَوْلُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَبْرَأْتنِي (قَوْلُهُ أَمَّا قَوْلُهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ مَعًا (قَوْلُهُ قَطْعًا) الْجَزْمُ هُنَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ صَالِحْنِي عَنْ دَارِك بِكَذَا فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ وَفَسَادِهِ وَمَا هُنَا فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَبُطْلَانِهِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ هَذِهِ) أَيْ الْعَيْنُ الَّتِي تَدَّعِيهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَظَاهِرٌ أَنَّ سَبْقَ الدَّعْوَى لَيْسَ بِقَيْدٍ هُنَا (قَوْلُهُ إقْرَارٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِالْتِمَاسِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ لَا الْعَيْنُ) ؛ إذْ الْإِنْسَانُ قَدْ يَسْتَعِيرُ مِلْكَهُ وَيَسْتَأْجِرُهُ مِنْ مُسْتَأْجِرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ أَيْضًا) فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْتِمَاسِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْبَعْضِ وَمِنْ الْكُلِّ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَنْ غَيْرِهِ) يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ مَا لَوْ كَانَ هَذَا الْغَيْرُ مُدَّعِيًا عَنْ آخَرَ مُقِرٍّ بِهِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ مَعَ عَدَمِ هَذَا التَّقْدِيرِ) وَعَلَى هَذَا فَالْمُدَّعَى مَتْرُوكٌ وَمَأْخُوذٌ بِاعْتِبَارَيْنِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّعِيفَ يُقَدِّرُ الْهِبَةَ فِي الْعَيْنِ) وَضَّحَهُ مَعَ كَوْنِ هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ إبْرَاءً وَأَيْضًا فَكَانَ يُمْكِنُ الضَّعِيفُ تَخْصِيصَ تَقْدِيرِ الْهِبَةِ بِالْعَيْنِ وَيَجْعَلُ غَيْرَهُ إبْرَاءً.

(قَوْلُهُ أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْ خَمْسِمِائَةٍ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ أَبْرِئْنِي بِإِقْرَارٍ أَيْضًا يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ طَلَبِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْكُلِّ وَطَلَبِهِ مِنْ الْبَعْضِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ هَذَا عَدَمُ إضَافَةِ الْخَمْسمِائَةِ إلَى الْأَلْفِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ (قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ أَيْضًا) فَعُلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>