وَلَوْ بِلَا إذْنٍ إنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ مَا ذَكَرَ أَوْ قَالَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَهُوَ مُبْطِلٌ فِي عَدَمِ إقْرَارِهِ فَصَالِحْنِي عَنْهُ بِكَذَا؛ إذْ لَا يَتَعَذَّرُ قَضَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقُلْ وَكِّلْنِي فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي الْعَيْنِ لِتَعَذُّرِ تَمْلِيكِ الْغَيْرِ عَيْنًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ وَهِيَ لَك وَلَا وَهُوَ مُقِرٌّ وَإِنْ قَالَ هُوَ مُبْطِلٌ فِي عَدَمِ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى إنْكَارٍ حِينَئِذٍ.
(وَلَوْ) كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا وَ (صَالَحَ) الْأَجْنَبِيُّ عَنْهَا (لِنَفْسِهِ) بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ: أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ لَك أَوْ هِيَ لَك (صَحَّ) الصُّلْحُ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوًى وَجَوَابٍ فَلَمْ يَحْتَجْ لِسَبْقِ خُصُومَةٍ مَعَهُ (وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ) مُسَاوٍ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّشْبِيهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شِرَاءً حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ خَفِيٌّ لِكَوْنِهِ وَقَعَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَحْوِ وَدِيعَةٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
بِسَبَبِ الصُّلْحِ فِي ذِمَّتِهِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الصُّلْحِ أَيْ وَإِنْ قَالَ لَمْ يَأْذَنْ لِي اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ: فِي صُورَتَيْ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ (وَقَوْلُهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ: وَهُوَ مُقِرٌّ لَك بِهَا إلَخْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّلْحِ إلَخْ لِقَوْلِهِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ إلَخْ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الصُّلْحِ صَحَّ إنْ قَالَ وَهُوَ مُقِرٌّ لَك أَوْ نَحْوَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ صَحَّ إنْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ قَالَ هُوَ مُبْطِلٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَوْهَامِ فَهْمُ هَذَا الْمَقَامِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الْحَلَبِيِّ وَالشَّوْبَرِيِّ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي عِنْدَ الْإِذْنِ وَالْحَالُ هُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْعَيْنِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ وَهُوَ مُبْطِلٌ فِي عَدَمِ إقْرَارِهِ فَلْيُحَرَّرْ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا قَيَّدَ بِعَدَمِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ عِنْدَ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ اهـ سم وَقَوْلُهُ وَالْحَالُ هُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي إلَخْ فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَاكَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ كِفَايَةِ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ مَعَ الْإِذْنِ كَمَا هُنَا فَمَا مَعْنَى التَّوَقُّفِ وَطَلَبِ التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ يَمْنَعُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ الْمُرَادُ بِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِذْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَالْإِشْكَالُ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ صُلْحِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْإِنْكَارِ عَنْ الدَّيْنِ وَصُلْحِهِ عَنْ الْعَيْنِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ مَا لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ وَكَّلَنِي فِي الْمُصَالَحَةِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَك فَإِنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ فِي التَّصْحِيحِ وَلَوْ قَالَ هُوَ مُنْكِرٌ غَيْرُ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فَصَالِحْنِي لَهُ عَلَى عَبْدِي لِيَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ بَيْنَكُمَا وَكَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُ الْغَيْرِ عَيْنَ مَالٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُمْكِنُ قَضَاءُ دَيْنِهِ وَلَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ عَلَى عَيْنٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَيْ الْوَكِيلِ أَوْ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَقَعَ لِلْآذِنِ وَيَرْجِعُ الْمَأْذُونُ عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ قَرْضٌ لَا هِبَةٌ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهَا وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ صَالَحَ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ عَلَى هَذَا فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ احْتِبَاكٌ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْعَيْنِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ وَكَّلَنِي إلَخْ عَلَى تَعَذُّرِ التَّمْلِيكِ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ وَهِيَ لَك إلَخْ عَلَى الْإِنْكَارِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْجُودٌ فِي الصُّورَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ بِكَذَا) أَيْ: مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) .
(تَنْبِيهٌ) يَرِدُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُصَنِّفِ التَّوْكِيلَ مَا لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ صَالِحْنِي عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَائِزٌ قَالَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَة اهـ مُغْنِي وَعُلِمَ بِهِ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ آنِفًا أَنَّ صُلْحَ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الدَّيْنِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَلَا التَّوْكِيلُ.
(قَوْلُهُ فِي الْعَيْنِ) أَيْ: وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلٌ فِي الدَّيْنِ آنِفًا بِقَوْلِهِ وَأَمَّا الدَّيْنُ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَّلَنِي إلَخْ مَا لَوْ تَرَكَهُ وَهُوَ شِرَاءٌ فُضُولِيٌّ فَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ وَبِقَوْلِهِ وَهُوَ مُقِرٌّ لَك مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَكَّلَنِي فِي مُصَالَحَتِك فَلَا يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُصَالَحَتِك عَلَى نِصْفِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَصَالَحَهُ صَحَّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَوْ عَلَى ثَوْبِي هَذَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ بِدَيْنِ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا) إلَى قَوْلِهِ أَيْضًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ هِيَ لَك) أَيْ أَوْ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهَا لَك (قَوْلُهُ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ الْأَجْنَبِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ) أَيْ: بِلَفْظِ الشِّرَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ مُسَاوٍ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مُسَاوٍ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ: مِنْ الْمُدَّعِي اهـ سم.
(قَوْلُهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ: قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ.
(قَوْلُهُ بِنَحْوِ وَدِيعَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِوَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الصُّلْحُ مَعَ ذَلِكَ صُلْحًا عَلَى إقْرَارٍ حَتَّى صَحَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ إنْكَارِ الْمُوَكِّلِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَى إنْكَارِهِ قَائِمٌ مَقَامَ ثُبُوتِ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي عَنْهُ الْإِذْنُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْعَيْنِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ وَهُوَ مُبْطِلٌ فِي عَدَمِ إقْرَارِهِ فَلْيُحَرَّرْ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا قَيَّدَ بِعَدَمِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ عِنْدَ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ وَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي الْعَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَالَ وَهُوَ مُبْطِلٌ فِي عَدَمِ إقْرَارِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ أَوْ قَالَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ إلَخْ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ لِتَعَذُّرٍ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ؛ إذْ لَا يَتَعَذَّرُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ) أَيْ: مِنْ الْمُدَّعِي