للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ فَلَا يُنْقَضُ وَيُقْضَى لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ دَائِمًا حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْجِدَارُ وَأُعِيدَ أُعِيدَتْ وَلَيْسَ لِمَالِكِهِ نَقْضُهُ إلَّا أَنْ يُسْتَهْدَمَ اهـ فَقَوْلُ الْفُورَانِيِّ يُنَزَّلُ عَلَى الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ فَلِمَالِكِهِ قَلْعُهَا بِالْأَرْشِ أَوْ تَبْقِيَتُهَا بِالْأُجْرَةِ ضَعِيفٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَيْ: وَإِنْ بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَأَفْتَى بِهِ أَبُو زُرْعَةَ كَالْبَغَوِيِّ لِمُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ الَّذِي ذَكَرْته وَتَوَهُّمُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُنَزَّلُ عَلَى خُصُوصِ إجَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِوَضِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَنَازَعَا فِي مَجْرَى مَاءٍ وَحَكَمْنَا بِأَنَّهُ بِحَقٍّ لَازِمٍ فَهَلْ يُجْعَلُ ذَلِكَ الْحَقُّ اللَّازِمُ مُقْتَضِيًا لِلْمِلْكِ فَلَهُ أَنْ يُعَمِّقَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي الْحَقِّ اللَّازِمِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ مُؤَبَّدَةً دُونَ الْعَيْنِ كُلُّ مُحْتَمَلٍ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَبَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ فَلَا يَمْلِكُ الْعُمْقَ وَلَا يَزِيدُ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ الْمُعْتَادِ اقْتِصَارًا عَلَى أَحَدِ مَعْنَى الْحَقِّ اللَّازِمِ وَهُوَ الْمَعْهُودُ مِنْ حَالِ اسْتِحْقَاقِ الِاسْتِطْرَاقِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ وَلَا يَعْدِلُ لِمَا فَوْقَهُ أَوْ دُونَهُ إلَّا لِمُخَصِّصٍ اهـ.

(وَالسَّقْفُ بَيْنَ عُلْوِهِ) أَيْ: الشَّخْصِ (وَسُفْلِ غَيْرِهِ كَجِدَارٍ بَيْنَ مِلْكَيْنِ فَيُنْظَرُ أَيُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلْوِ) لِإِمْكَانِ نَقْبِ وَسَطِ الْجِدَارِ وَوَضْعِ جُذُوعٍ فِيهِ وَيُوضَعُ عَلَيْهَا نَحْوُ أَلْوَاحٍ فَيَصِيرُ الْبَيْتُ الْوَاحِدُ بَيْتَيْنِ (فَيَكُونُ) السَّقْفُ (فِي يَدِهِمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ أَرْضًا لِلْأَعْلَى وَسَتْرِهِ لِلْأَسْفَلِ (أَوْ لَا) يُمْكِنُ ذَلِكَ كَالْعَقْدِ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ (فَ) الْيَدُ (لِصَاحِبِ السُّفْلِ) لِاتِّصَالِهِ بِبِنَائِهِ.

(فَرْعٌ) أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ لَهُ أَرْضٌ وَبِهَا غِرَاسٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ غَيْرُهُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا مُنَازِعٍ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى مِلْكِهِ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ سُلَّمًا مَنْصُوبًا فِي السُّفْلِ فَإِنَّ الْيَدَ فِيهِ لِلْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ الْمُتَصَرِّفَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ الثَّانِي أَيْ: إنْ لَمْ يُسَمَّرْ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْأَسْفَلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَيْسَ لِذِي الْأَرْضِ تَمَلُّكُ غِرَاسٍ بِقِيمَتِهِ قَهْرًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُ دَائِمًا ظَاهِرًا وَالتَّمَلُّكُ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ بِانْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ اهـ.

قَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى ذُو الْأَرْضِ أَحَدَ هَذَيْنِ حَلَفَ وَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُهُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ احْتِرَامِ ذَلِكَ الْغِرَاسِ فَلَا نُزِيلُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْخَصْمِ وَمَرَّ آنِفًا مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية الشرواني]

لِقَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْقَضُ) أَيْ: لَا يُنْزَعُ الْجِذْعُ (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْجِذْعِ (قَوْلُهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ أُعِيدَتْ) كَذَا فِي أَصْلِهِ بِغَيْرِ خَطِّهِ وَالظَّاهِرُ أُعِيدَ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ أَيْ: وَإِنَّمَا أَنَّثَ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْجُذُوعِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِمَالِكِهِ نَقْضُهُ) أَيْ: الْجِدَارِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُ الْفُورَانِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ ضَعِيفٌ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ بَعْدَ سَوْقِ قَوْلِ الْفُورَانِيِّ الْمَذْكُورِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَلْعَ وَلَا أُجْرَةَ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ إبْقَاءَهَا بِحَالِهَا اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَلَا أُجْرَةَ أَيْ: وَلَهُ إعَادَتُهَا إذَا سَقَطَتْ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ ثُمَّ أُعِيدَ اهـ.

(قَوْلُهُ لِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ: قَوْلَ الْفُورَانِيِّ (قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُمْ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ (الْوَجْهُ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: الِاسْتِحْقَاقَ الدَّائِمِيَّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى عَدَمِ التَّنْزِيلِ عَلَى خُصُوصِ الْإِجَارَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ لَا يُجْعَلُ مُقْتَضِيًا لَهُ (قَوْلُهُ كَبَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ) الْأَوْلَى كَمِلْكِ حَقِّ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْ الْحَقِّ اللَّازِمِ) أَيْ: أَحَدِ احْتِمَالَيْهِ وَهُوَ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ: ذَلِكَ الْأَحَدُ أَوْ عَدَمُ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ) أَيْ فِي شَرْحِ بُنِيَا مَعًا عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ كَالْأَزَجِّ الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلْوِ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ) وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ شَرِيكًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَضْعُ أَثْقَالٍ مُعْتَادَةٍ عَلَى السَّقْفِ وَغَرْزُ وَتِدٍ بِهِ عَلَى مَا رَجَّحَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَلِلْآخَرِ تَعْلِيقٌ مُعْتَادٌ بِهِ وَلَوْ بِوَتِدٍ يَتِدُهُ اهـ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَلَوْ تَنَازَعَا أَرْضًا وَلِأَحَدِهِمَا فِيهِ بِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّرْجِيحِ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ) أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ فِي دَعْوَى مِلْكِهِ) أَيْ: الْغِرَاسِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْيَدَ فِيهِ لِلْأَوَّلِ) يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُمَا وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالْعُلْوُ لِلْآخَرِ وَتَنَازَعَا فِي الدِّهْلِيزِ أَوْ الْعَرْصَةِ فَمِنْ الْبَابِ إلَى الْمَرْقَى مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَدًا وَتَصَرُّفًا بِالِاسْتِطْرَاقِ وَوَضْعَ الْأَمْتِعَةِ وَغَيْرَهُمَا وَالْبَاقِي لِلْأَسْفَلِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ يَدًا وَتَصَرُّفًا وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْمَرْقَى الدَّاخِلِ وَهُوَ مَنْقُولٌ فَإِنْ كَانَ فِي بَيْتٍ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَهُوَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي غُرْفَةٍ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ فَهُوَ فِي يَدِهِ أَوْ مَنْصُوبًا فِي مَوْضِعِ الرُّقِيِّ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَرْقَى مُثْبَتًا فِي مَوْضِعِهِ كَالسُّلَّمِ الْمُسَمَّرِ فَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ بِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ مَبْنِيًّا وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ بَيْتٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ السُّقُوفِ أَوْ مَوْضِعُ جَرَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مَعَ ضَعْفِ مَنْفَعَةِ الْأَسْفَلِ اهـ.

زَادَ الْأَوَّلُ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي حِيطَانِ السُّفْلِ الَّتِي عَلَيْهَا الْغُرْفَةُ فَالْمُصَدَّقُ صَاحِبُ السُّفْلِ فَإِنَّهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِيطَانِ الْغُرْفَةِ فَالْمُصَدَّقُ صَاحِبُ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِانْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْغَيْرِ أَيْ: غَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ الدَّائِمِيِّ (قَوْلُهُ أَحَدُ هَذَيْنِ) أَيْ: الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ (قَوْلُهُ حُكْمُهُ) أَيْ: مِنْ التَّمَلُّكِ بِقِيمَةٍ أَوْ الْإِبْقَاءِ بِأُجْرَةٍ أَوْ الْقَلْعِ مَعَ غُرْمِ أَرْشِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ آنِفًا) أَيْ: فِي شَرْحٍ لَمْ يُرَجِّحْ مِنْ قَوْلِهِمْ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ وَجَدْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ) وَعَلَيْهِ مَا الْحُكْمُ لَوْ قُلِعَ الْغَرْسُ هَلْ يَسْتَمِرُّ لَهُ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ حَتَّى يُعِيدَ مِثْلَهُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ.

أَقُولُ مَا مَرَّ آنِفًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ لَهُ الْإِعَادَةَ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِالْأَرْشِ (قَوْلُهُ وَحَكَمْنَا بِأَنَّهُ بِحَقٍّ) قِيَاسُ مَا قَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجُذُوعِ أَنْ يُحْكَمَ بِأَنَّهُ بِحَقٍّ لَازِمٍ بِمُجَرَّدِ الْجَهْلِ بِحَالِهِ لَكِنْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرْعٌ لَوْ كَانَ يَجْرِي مَاءٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً قَبْلَ قَوْلِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ اهـ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ مَبْنِيًّا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْجُذُوعِ ثُمَّ رَأَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>