اهـ وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُ الدَّائِنُ الْعِوَضَ الْمَبْذُولَ لَهُ بِالْإِبْرَاءِ وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ وَطَرِيقُ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الدَّيْنِ كَأَلْفٍ شَكَّ هَلْ دَيْنُهُ يَبْلُغُهَا أَوْ يَنْقُصُ عَنْهَا وَإِذَا لَمْ تَبْلُغْ الْغِيبَةُ الْمُغْتَابَ كَفَى فِيهَا النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ.
فَإِنْ بَلَغَتْهُ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِهَا بِالشَّخْصِ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَالْبَاقِي مَا عَدَاهُ ع ش (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُ الدَّائِنُ) وَفِي ع ش بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِمَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِالْمُوَاطَأَةِ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ دَفَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَرَاءَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ تُقِرَّ لِي عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ كَذَا فَكَمَا قِيلَ فِي ذَلِكَ بِالْبُطْلَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّرْطِ يُقَالُ هُنَا كَذَلِكَ لِاشْتِمَالِ الْبَرَاءَةِ عَلَى الشَّرْطِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ هُوَ بَيْعٌ فَيُجْرَى فِيهِ أَحْكَامُهُ أَوْ مَا حَقِيقَتُهُ وَهَلْ يَكْفِي الْتِزَامُ الْعِوَضِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ يَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّرَ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ زِيَادٍ قَالَ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ بِلَا خُصُومَةٍ أَبْرِئْنِي مِنْ دَيْنِك عَلَى كَذَا فَأَبْرَأَهُ جَازَ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ اهـ انْتَهَتْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ تَعَيُّنِ مَا صَوَّرَهُ ع ش وَأَنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا (قَوْلُهُ وَطَرِيقُ الْإِبْرَاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَإِذَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ الْمَجْهُولِ إلَخْ) ذَكَر حَجّ فِي غَيْرِ التُّحْفَةِ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ فَيَصِحُّ لِأَنَّ الْمُبْرَأَ رَاضٍ بِذَلِكَ اهـ.
هَكَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ) أَيْ لِلْمُغْتَابِ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِفُلَانٍ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غِيبَةِ الْبَالِغِ وَأَمَّا غِيبَةُ الصَّبِيِّ فَهَلْ يُقَالُ فِيهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهِ وَذِكْرِهَا لَهُ وَذِكْرِ مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ أَيْضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ بَرَاءَتَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَوْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ حَالًا مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ الِاسْتِحْلَالِ مِنْهُ الْآنَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.
وَقَالَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ أَيْ وَلَوْ بَلَغَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْأَبْعَدُ تَعْيِينُهَا بِالشَّخْصِ أَطْلَقَ السُّيُوطِيّ فِي فَتَاوِيه اعْتِبَارَ التَّعْيِينِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُغْتَابَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَقَالَ فِيمَنْ خَانَ رَجُلًا فِي أَهْلِهِ بِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إلَّا بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ وَمِنْهَا اسْتِحْلَالُهُ بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ ثُمَّ لَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَنْ أَكْرَهَهَا فَهَذَا كَمَا وَصَفْنَا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَنْ تَكُونَ مُطَاوِعَةً فَهَذَا قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَاعٍ فِي إزَالَةِ ضَرَرِهِ فِي الْآخِرَةِ بِضَرَرِ الْمَرْأَةِ فِي الدُّنْيَا وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسُوغَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إخْبَارَهُ بِهِ وَإِنْ أَدَّى إلَى بَقَاءِ ضَرَرِهِ فِي الْآخِرَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ إذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ حُسْنَ النِّيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُكَلَّفَ الْإِخْبَارَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَكِنْ يَذْكُرُ مَعَهُ مَا يَنْفِي الضَّرَرَ عَنْهَا بِأَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا وَيَجُوزُ الْكَذِبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَهَذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ لَكِنْ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ عِنْدِي وَلَوْ خَافَ مِنْ ذِكْرِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عُذْرًا لِأَنَّ التَّخَلُّصَ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ بِضَرَرِ الدُّنْيَا مَطْلُوبٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيُرْجَى مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُرْضِيَ عَنْهُ خَصْمَهُ إذَا عَلِمَ حُسْنَ نِيَّتِهِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْحَقِّ فِي الْغِيبَةِ وَالزِّنَا وَنَحْوِهِمَا أَنَّهُ يَعْفُو إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَلَهُ بَذْلُهُ سَعْيًا فِي خَلَاصِ ذِمَّتِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْغَزَالِيَّ قَالَ فِيمَنْ خَانَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا بَلْ يَفْزَعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيُرْضِيَهُ عَنْهُ اهـ بِاخْتِصَارِ اهـ.
أَقُولُ الْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ حَتَّى لَوْ أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ عَلَى الزِّنَا لَا يَسُوغُ لَهُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ اغْتَابَ ذِمِّيًّا فَهَلْ يَسُوغُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِيَتَخَلَّصَ هُوَ مِنْ إثْمِ الْغِيبَةِ أَوْ لَا وَيَكْتَفِي بِالنَّدَمِ لِامْتِنَاعِ الدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِمَغْفِرَةِ غَيْرِ الشِّرْكِ أَوْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ مَعَ النَّدَمِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ أَتَى بَهِيمَةً فَهَلْ يُخْبِرُ أَهْلَهَا بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إظْهَارٌ لِقُبْحِ مَا صَنَعَ أَمْ لَا وَيَكْفِي النَّدَمُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَتَى أَهْلَ غَيْرِهِ حَيْثُ امْتَنَعَ الْإِخْبَارُ بِمَا وَقَعَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا لِلْمَرْأَةِ وَلِأَهْلِهَا فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِهَا إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي حَيْثُ قَالَ وَلَوْ اسْتَحَلَّ مِنْهُ مِنْ غِيبَةٍ اغْتَابَهَا وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ فَأَحَلَّهُ مِنْهَا فَهَلْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَيْ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ) أَيْ لَوْ بَلَغَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِهَا بِالشَّخْصِ) أَطْلَقَ السُّيُوطِيّ فِي فَتَاوِيه اعْتِبَارَ التَّعْيِينِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمُغْتَابُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَقَالَ فِيمَنْ خَانَ رَجُلًا فِي أَهْلِهِ بِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إلَّا بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ وَمِنْهَا اسْتِحْلَالُهُ بَعْدَ أَنْ يُعْرَفَ بِهِ بِعَيْنِهِ ثُمَّ لَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا