للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَحْضِرْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ رَسُولُ الْقَاضِي إلَيْهِ وَلَمْ يَكْفِ قَوْلُ ذِي الْحَقِّ لِأَنَّ مَنْ طَلَبَ خَصْمَهُ لِقَاضٍ لَا تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبُهُ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ تَقَيَّدَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى وَبِقَوْلِي وَقَدْ إلَخْ يَنْدَفِعُ اعْتِمَادُ الزَّرْكَشِيّ قَوْلَ جَمْعٍ لَا يَحْبِسُ كَمُعْسِرٍ بِدَيْنٍ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ ظُهُورُ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ قَادِرًا عَلَى إحْضَارِ مَا لَزِمَهُ بِخِلَافِ ذَاكَ (حُبِسَ) إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ إلَى تَعَذُّرِ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِمَوْتٍ أَوْ نَحْوِ تَغَلُّبٍ أَوْ جَهْلٍ بِمَحَلِّهِ لِامْتِنَاعِهِ مِمَّا لَزِمَهُ.

وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْمَكْفُولُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ الدَّيْنَ رَجَعَ بِهِ عَلَى مَنْ أَدَّاهُ إلَيْهِ وَرَدَّ أَنَّهُ تَبَرَّعَ بِالْأَدَاءِ لِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ وَأُجِيبَ: يُمْنَعُ تَبَرُّعُهُ وَإِنَّمَا بَذَلَهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَرَدَّهُ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْوَفَاءَ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ عَلَى الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ؟ لِأَنَّ أَدَاءَهُ عَنْهُ يُشْبِهُ الْقَرْضَ الضِّمْنِيَّ لَهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الْأَدَاءِ جِهَةَ الْمَكْفُولِ بَلْ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ بِتَخْلِيصِهِ لَهَا بِهِ مِنْ الْحَبْسِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ (وَقِيلَ إنْ غَابَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ) لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ وَرَدُّوهُ بِأَنَّ مَالَ الْمَدِينِ لَوْ غَابَ إلَيْهَا لَزِمَ إحْضَارُهُ فَكَذَا هُوَ وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ تَطْرَأَ الْغَيْبَةُ أَوْ يَكُونَ غَائِبًا وَقْتَ الْكَفَالَةِ نَعَمْ لَا تَصِحُّ بِبَدَنٍ غَائِبٍ جُهِلَ مَكَانُهُ.

(تَنْبِيهٌ) وَقَعَ لِلشَّارِحِ هُنَا مَا قَدْ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ حَيْثُ مَزَجَ الْمَتْنَ بِقَوْلِهِ فَيَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا دُونَهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا فَوْقَهَا لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْضَارُ مِنْهُ وَهُوَ خِلَافُ مُصَحَّحِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَا يُقَالُ هِيَ وَإِنْ بَعُدَتْ تُسَمَّى مَسَافَةَ قَصْرٍ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَحْسُنُ لَوْ لَمْ يَقُلْ فَمَا دُونَهَا أَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُرَادُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَّا أَقَلَّهَا لِأَنَّهَا الَّتِي لَهَا دُونٌ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لَهُ فَائِدَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَغَيْرِهَا وَالثَّانِيَةُ بَيَانُ نُكْتَةٍ خِلَافِيَّةٍ أَوْمَأَ إلَيْهَا الْمَتْنُ وَأَشَارَ إلَيْهَا فِي الْخَادِمِ بِقَوْلِهِ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ إلْحَاقِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ بِمَا دُونَهَا خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي فَعَلِمْنَا أَنَّ مَا دُونَهَا لَا خِلَافَ فِيهِ يُعْتَدُّ بِهِ بَلْ فِيهَا فَالشَّيْخَانِ يُلْحِقَانِهَا بِمَا دُونَهَا وَالْمُتَوَلِّي يُفَرِّقُ فَقَصَدَ الشَّارِحُ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَنْ شَذَّ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْحَقِّ وَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ اسْتِدْعَاءُ الْقَاضِي لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَوْ طَلَبَ إحْضَارَ خَصْمِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ مَعَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْحَقِّ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا امْتَنَعَ الْكَفِيلُ مِنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ أَمَّا فِي الْأُولَى وَهِيَ فِيمَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ فَإِنَّهُ حَبْسٌ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ أَحْضِرْهُ إلَى الْقَاضِي فَلِأَنَّهُ وَكِيلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَقُولَ لَهُ إلَخْ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْقَوْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ الْكَفِيلَ حِينَ إذْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكْفِ) أَيْ فِي لُزُومِ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ ذِي الْحَقِّ) هُوَ هُنَا الْمَكْفُولُ (قَوْله لَا تَلْزَمُهُ) أَيْ الْخَصْمَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ رَسُولُ الْقَاضِي إلَيْهِ (يُقَيَّدُ) أَيْ لُزُومُ الْإِجَابَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ) إلَى قَوْلِهِ وَالْكَلَامُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهُ مَلَكَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِلْكَ قَرْضٍ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَالْقَرْضِ م ر اهـ.

سم (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْحَبْسِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ إذَا حَضَرَ الْمَكْفُولُ إلَخْ) وَيَتَّجِهُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنْ يُلْحَقَ بِقُدُومِهِ أَيْ مِنْ الْغَيْبَةِ تَعَذُّرُ حُضُورِهِ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ أَيْ حَتَّى يَرْجِعَ الْكَفِيلُ بِمَا غَرِمَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُؤَدَّى إلَيْهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ لَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ) مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ غَابَ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ لَا تَصِحُّ بِبَدَنٍ غَائِبٍ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ قَالَ ع ش وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ حَجّ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْكَفَالَةِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ وَلَا يَتَأَتَّى إلَّا إذَا عَرَفَ مَكَانَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْجَهْلِ بِمَكَانِهِ وَقْتَ الْكَفَالَةِ اسْتِمْرَارُ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ جَهِلَ مَكَانَهُ) الَّذِي فِي الْعُبَابِ عَطْفًا عَلَى مَا يَصِحُّ التَّكَفُّلُ بِهِ أَوْ غَائِبٌ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ عَزَاهُ فِي شَرْحِهِ إلَى الْبَحْرِ اهـ.

سم (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي شَرْحِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ مَزْجًا مُتَلَبِّسًا بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ) أَيْ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ هِيَ) أَيْ الْمَسَافَةُ (وَإِنْ بَعُدَتْ) أَيْ عَنْ مَرْحَلَتَيْنِ (تُسَمَّى إلَخْ) أَيْ مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَسَافَةِ يَقْصُرُ فِيهَا الصَّلَاةَ لَا التَّقْيِيدُ بِمَرْحَلَتَيْنِ وَجَرَى النِّهَايَةُ عَلَى ذَلِكَ التَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ لَوْ تُرِكَ لِشَارِحٍ لَفْظٌ فَمَا دُونَهَا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِأَقَلِّهَا وَمَا زَادَ لَهَا دُونَ وَهُوَ مَا لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَعَمْرِي إنَّ التَّعَجُّبَ مِنْ الشَّارِحِ فِي ذَلِكَ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ بَلْ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ تَأَمُّلٍ سم وَسَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ لَهُ إلَخْ) أَيْ لِلْمَزْجِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَغَيْرِهَا) أَيْ وَاَلَّتِي فَوْقَهَا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِاللُّزُومِ فِيهَا دُونَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ يُعْتَدُّ بِهِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّنْ أَشَارَ إلَى أَنْ يَنْبَغِيَ أَنْ يَفْصِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ بَلْ فِيهَا) أَيْ بَلْ الْخِلَافُ الْمُعْتَدُّ بِهِ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ) وَهُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فَأَشَارَ) أَيْ مَنْ شَذَّ (قَوْلُهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهُ امْتَنَعَ حَبْسُهُ وَانْقَطَعَ طَلَبُ الْمَكْفُولِ لَهُ الْإِحْضَارُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهُ مَلَكَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِلْكَ قَرْضٍ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَالْقَرْضِ م ر.

(قَوْلُهُ إنَّهُ إذَا حَضَرَ الْمَكْفُولُ إلَخْ) كَحُضُورِهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ جَهِلَ مَكَانَهُ) الَّذِي فِي الْعُبَابِ عَطْفًا عَلَى مَا يَصِحُّ التَّكَفُّلُ بِهِ أَوْ غَائِبٌ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ عَزَاهُ فِي شَرْحِهِ إلَى الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِأَقَلِّهَا وَمَا زَادَ لَهَا دُونَ وَهُوَ مَا لَيْسَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>