للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَسَاءُ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَيَمْتَدُّ لُغَةً إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَمِنْهُ إلَى الزَّوَالِ صَبَاحٌ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ أَنَّ التَّغَيُّرَ بَعْدَهُ يَتَمَحَّضُ عَنْ الصَّوْمِ لِخُلُوِّ الْمَعِدَةِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ إزَالَةُ دَمِ الشَّهِيدِ؛ لِأَنَّهَا تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَى الْغَيْرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَوَّكَ الصَّائِمُ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَلَوْ تَمَحَّضَ التَّغَيُّرُ مِنْ الصَّوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا يَنْشَأُ عَنْهُ تَغَيُّرٌ لَيْلًا كُرِهَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَلَوْ أَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ نَاسِيًا مُغَيِّرًا أَوْ نَامَ وَانْتَبَهَ كُرِهَ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَغَيُّرَ الصَّوْمِ فَفِيهِ إزَالَةٌ لَهُ وَلَوْ ضِمْنًا وَأَيْضًا فَقَدْ وُجِدَ مُقْتَضٍ هُوَ التَّغَيُّرُ وَمَانِعٌ هُوَ الْخُلُوفُ وَالْمَانِعُ مُقَدَّمٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ التَّغَيُّرَ أَذْهَبَ تَغَيُّرَ الصَّوْمِ لِاضْمِحْلَالِهِ فِيهِ وَذَهَابِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَسُنَّ السِّوَاكُ لِذَلِكَ كَمَا عَلَيْهِ جَمْعٌ

ــ

[حاشية الشرواني]

عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ وَخَصَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْآخِرَةِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْمَسَاءُ لِمَا إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لِمَا (قَوْلُهُ: وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ) أَيْ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) فَيُحَالُ عَلَى نَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ فِي اللَّيْلِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَاصَلَ وَأَصْبَحَ صَائِمًا كُرِهَ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا قَالَهُ الْجِيلِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَوْ لَمْ يَتَسَحَّرْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ التَّغَيُّرِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَنَّهُ يُحَالُ عَلَى التَّغَيُّرِ مِنْ الطَّعَامِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ فَأَنَاطُوهُ بِالْمَظِنَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْإِفْرَادِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ لَوْ تَنَاوَلَ لَيْلًا مَا يَمْنَعُ الْوِصَالَ وَلَا يَنْشَأُ مِنْهُ تَغَيُّرٌ فِي الْمَعِدَةِ بِوَجْهٍ وَكَذَا لَوْ ارْتَكَبَ الْوِصَالَ الْمُحَرَّمَ فِيمَا يَظْهَرُ كُرِهَ لَهُ السِّوَاكُ مِنْ الْفَجْرِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ الْخُلُوفَ حِينَئِذٍ مِنْ الصَّوْمِ السَّابِقِ اهـ.

وَيُوَافِقُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِأَنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا يَنْشَأُ عَنْهُ إلَخْ وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ م ر نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجّ وَنَصُّ مَا نُقِلَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِيمَا يُحْتَمَلُ تَغَيُّرُهُ بِهِ أَمَّا لَوْ أَفْطَرَ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَالَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَنَحْوِ سِمْسِمَةٍ أَوْ جِمَاعٍ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ وَاصَلَ أَفَادَهُ الشَّارِحُ م ر فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَالَ إنَّ وَالِدَهُ أَفْتَى بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَوَّكَ إلَخْ) أَوْ أَزَالَ الشَّهِيدُ الدَّمَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ جُرِحَ جُرْحًا يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهُ فَأَزَالَ الدَّمَ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كُرِهَ شَيْخُنَا زَادَ الْمُغْنِي فَتَفْوِيتُ الْمُكَلَّفِ الْفَضِيلَةَ عَلَى نَفْسِهِ جَائِزٌ وَتَفْوِيتُ غَيْرِهِ لَهَا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَوْ تَعَمَّدْ مَسَّ أَوْ لَمْسَ غَيْرِهِ مَسًّا أَوْ لَمْسًا نَاقِضًا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَأَنْ تَعَمَّدَتْ لَمْسَ رَجُلٍ أَوْ تَعَمَّدَ لَمْسَ امْرَأَةٍ بِلَا إذْنٍ فِي ذَلِكَ يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ إذْ فِيهِ تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَى غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ تَعَمَّدَ نَقْضَ طَهَارَةِ نَفْسِهِ عَبَثًا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ م ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ: مُفْطِرًا يَنْشَأُ عَنْهُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ الْجِمَاعِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ إلَخْ) وَجَرَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالْخَطِيبُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَابْنُ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَةِ السِّوَاكِ حِينَئِذٍ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَسَنَّ السِّوَاكُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالزِّيَادِيُّ وَكَذَا النِّهَايَةُ وِفَاقًا لِوَالِدِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُوجَرًا مَا زَالَ بِهِ الْخُلُوفُ أَوْ قَبْلَهُ مَا مَنَعَ ظُهُورَهُ وَقُلْنَا بِعَدَمِ فِطْرِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهَلْ يُكْرَهُ السِّوَاكُ أَمْ لَا لِزَوَالِ الْمَعْنَى.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ التَّعْمِيمَ اهـ زَادَ سم أَيْ فَيُكْرَهُ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَصَلَ تَغَيُّرٌ بِالنَّوْمِ أَوْ الْأَكْلِ نَاسِيًا مَثَلًا فَلَا يُكْرَهُ وَفُرِضَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَغَيُّرٌ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ زَوَالِ الْخُلُوفِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا مَثَلًا حُصُولُ تَغَيُّرٍ بِذَلِكَ الْأَكْلِ اهـ زَادَ الْكُرْدِيُّ وَعَلَى مَا قَالَهُ أَيْ سم إنْ حَصَلَ بِمَا ذُكِرَ تَغَيُّرُ الْفَمِ كُرِهَ السِّوَاكُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَيْ ابْنِ حَجَرٍ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَغَيُّرٌ كُرِهَ عِنْدَ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ كَرَاهَتَهُ لِلصَّائِمِ قَبْلَ الزَّوَالِ إنْ كَانَ يُدْمِي فَمَه

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ أَوْ لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ» وَلَا كَذَلِكَ الْخِلَالُ اهـ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَحَّرْ عَلَى الْأَوْجَهِ م ر قَالَ الْجِيلِيُّ إلَّا إذَا لَمْ يُفْطِرْ لَيْلًا أَيْ فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ حِينَئِذٍ مِنْ أَثَرِ الصَّوْمِ وَلَا مَحْذُورَ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِالْغُرُوبِ وَعَوْدُهَا بِالْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَزُولُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ، وَهِيَ هُنَا إزَالَةُ الصَّائِمِ أَثَرَ صَوْمِهِ، وَيَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَلَوْ جَامَعَ لَيْلًا فَقَطْ فَهَلْ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ الصَّوْمِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْجِمَاعَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّغَيُّرِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَوَّكَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ) لَوْ تَعَمَّدَ مَسَّ أَوْ لَمْسَ غَيْرِهِ مَسًّا أَوْ لَمْسًا نَاقِضًا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَأَنْ تَعَمَّدَتْ لَمْسَ رَجُلٍ أَوْ تَعَمَّدَ لَمْسَ امْرَأَةٍ أَوْ مَسَّ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ فِي ذَلِكَ يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ إذْ فِيهِ تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَى غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ تَعَمَّدَ نَقْضَ طَهَارَةِ نَفْسِهِ عَبَثًا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ م ر وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ أَزَالَ الشَّهِيدُ دَمَ نَفْسِهِ لَمْ يَحْرُمْ بِأَنْ جُرِحَ فِي الْحَرْبِ جِرَاحَةً يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا ثُمَّ أَزَالَهُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فِي الْحَرْبِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ الْإِزَالَةِ أَنَّهُ شَهِيدٌ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَمُوتَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَقَدْ وَجَدَ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ كِلَا التَّوْجِيهَيْنِ بِجَوَازِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ الشَّهِيدِ، وَإِنْ أَدَّتْ إلَى إزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرَهُ أَنَّ سَبَبَ كَرَاهَةِ السِّوَاكِ إزَالَةُ الْخُلُوفِ وَقَضِيَّتُهُ كَرَاهَةُ إزَالَتِهَا بِغَيْرِ اسْتِيَاكٍ (قَوْلُهُ: كَمَا عَلَيْهِ جَمْعٌ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَلَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ مُكْرَهًا مَا زَالَ بِهِ الْخُلُوفُ أَوْ قَبْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>