مَتَى أَدَّى الْمَدِينُ بِغَيْرِ قَصْدِ شَيْءٍ حَالَةَ الدَّفْعِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا وَلَمْ يَمْلِكْهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْأَدَاءِ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَغْلَطُ فِي هَذَا وَيَقُولُ أَدَاءُ الدَّيْنِ لَا تَجِبُ فِيهِ النِّيَّةُ اهـ.
وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّبَرُّعَ قُلْتُ لَا يُنَافِيه لِأَنَّ إذْنَ الْمَدِينِ فِي الْأَدَاءِ عَنْ دَيْنِهِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ عَنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الدَّفْعِ بَلْ يَنْبَغِي جَوَازُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ هُنَا عِنْدَ عَزْلِ مَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الزَّكَاةِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ قَالَ اعْلِفْ دَابَّتِي أَوْ قَالَ أَسِيرٌ: فَادِنِي وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ وَيُفَرَّقَ بَيْنَ هَذَيْنِ وَأَطْعِمْنِي رَغِيفًا بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَا أُجْرَةَ فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ وَقَوْلُ الْقَاضِي لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ دَارِهِ لَا أَدَاءَ دَيْنِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ اقْضِ دَيْنِي وَأَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي اهـ.
ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ مَتَى أَدَّى الْمَدِينُ) أَيْ شَيْئًا لِدَائِنِهِ (لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْمُؤَدَّى (شَيْئًا) أَيْ لَا تَبَرُّعًا وَلَا مَحْسُوبًا مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (يُنَافِي مَا ذُكِرَ) أَيْ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ قَصْدِ الْمَدِينِ الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ دَيْنِهِ مُفْهِمٌ لِاشْتِرَاطِ قَصْدِ الْمُؤَدِّي لِدَيْنِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ قُلْتُ لَا يُنَافِيه إلَخْ) أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُوَجَّهَ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ بِأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ التَّبَرُّعِ صَادِقٌ مَعَ قَصْدِ الْمُؤَدِّي الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوَّلًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَدَاءِ الْمَدِينِ وَأَدَاءِ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ بِذَلِكَ الْقَصْدِ وَلَيْسَ مُرَادُ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاءِ الْمَدِينِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ غَيْرِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَلْ إنَّهُ إذَا أَدَّى الْمَدِينُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ فَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمَدِينِ قَبْلَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي فَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمُؤَدِّي سِيَّمَا وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِعَزْلٍ وَلَا أَدَاءً أَوْ عِنْدَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إذْنِهِ نِيَّتُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ وَأَيْضًا فَكَيْفَ تَصِحُّ النِّيَّةُ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَى وَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمُؤَدِّي فَالتَّضَمُّنُ الَّذِي ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ إذْنُ الْمَدِينِ لَا يَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ الْمُؤَدِّي عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ إذْنَ الْمَدِينِ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ اعْلِفْ) إلَى قَوْلِهِ وَقِيَاسُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَلَى خِلَافِ إلَيَّ لِأَنَّهُمْ اعْتَنَوْا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِمَا وَإِنْ إلَخْ (وَقَوْلُهُ وَأَطْعِمْنِي رَغِيفًا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ بِمُقَابِلٍ كَأَنْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ حِرْفَتُهُ بَيْعُ الْخُبْزِ اهـ ع ش وَالْأَقْرَبُ مَا مَالَ إلَيْهِ السَّيِّدُ عُمَرَ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِهِ هَلْ يَلْحَقُ بِهِ اعْلِفْ دَابَّتِي إذَا اطَّرَدَ عُرْفٌ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ فَلَا رُجُوعَ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ عِنْدَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ لَا يَخْطُرُ بِبَالِ الْآذِنِ الْتِزَامُ الْعِوَضِ وَلَا بِبَالِ الدَّافِعِ الطَّمَعُ وَكَذَا يُقَالُ إذَا اطَّرَدَ عُرْفٌ بِعَدَمِ الْمُسَامَحَةِ بِالرَّغِيفِ مِنْ بَاذِلِهِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الْتِزَامِ الْعِوَضِ مِنْ الْآذِنِ يَجِبُ الْعِوَضُ كَقَوْلِ مَنْ ظَاهِرُهُ الْغِنَى وَعَدَمُ الْحَاجَةِ لِسُوقِيٍّ مِنْ سُوقَةِ الْمُدُنِ الْمُطَّرِدِ عُرْفُهُمْ فِي الْمُشَاحَّةِ فِي أَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ أَطْعِمْنِي رَغِيفًا أَوْ يُقَالُ بِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِي كِلَا الطَّرَفَيْنِ الْقَلْبُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ أَخْذًا مِنْ فَرْقِهِمْ بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ إلَخْ وَلِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي حِلِّ مَالِ الْغَيْرِ طَيْبَةُ النَّفْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ بِالْمُسَامَحَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ الْغَسْلَ بِالْأُجْرَةِ اهـ.
ع ش وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْقَاضِي) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ ضَعِيفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّخْصَ.
(قَوْلُهُ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الرُّجُوعَ حَيْثُ شَرَطَهُ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْآلَةَ لِمَالِكِ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَقَصْدِهِ الدَّفْعَ عَنْ الضَّمَانِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَيْهِ إنْ شَاءَ وَإِلَى التَّطَوُّعِ بِهِ إنْ شَاءَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى لَكِنَّ الشَّارِحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ رَدَّ هَذَا الشَّرْطَ ثُمَّ قَالَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ هُنَا وَثَمَّ أَيْ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِالتَّسْلِيمِ الْأَدَاءُ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَقَصَدَهُمَا لَمْ أُطْلِقْ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الْقَصْدَ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ نَفْسَهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ هُنَا انْتَهَى وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْحَطُّ عَلَى جِهَةِ الضَّمَانِ خِلَافًا لِمَا ذُكِرَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مَنْ الْأَشْبَهِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ قُلْتُ لَا يُنَافِيه إلَخْ) أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُوَجِّهَ عَدَمَ الْمُنَافَاةِ بِأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ التَّبَرُّعِ صَادِقٌ مَعَ قَصْدِ الْمُؤَدِّي الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوَّلًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَدَاءِ الْمَدِينِ وَأَدَاءِ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ بِذَلِكَ الْقَصْدِ وَلَيْسَ مُرَادُ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاءِ الْمَدِينِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ غَيْرِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَلْ إنَّهُ إذَا أَدَّى الْمَدِينُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ فَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمَدِينِ قَبْلَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي فَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ تَصِحُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمُؤَدِّي سِيَّمَا وَلَمْ تَقْتَرِنْ بِعَزْلٍ وَلَا أَدَاءً وَعِنْدَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إذْنِهِ نِيَّتُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ وَأَيْضًا فَكَيْفَ تَصِحُّ النِّيَّةُ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَى وَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمُؤَدَّى فَالتَّضَمُّنُ الَّذِي ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ إذْنُ الْمَدِينِ لَا يَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ الْمُؤَدَّى عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَيْنِ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْوَجْهَ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا