للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ بَلْ الصَّحِيحُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا»

وَالدَّلْكُ وَالتَّخْلِيلُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَأْخِيرِ ثَلَاثَةِ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ عَنْ ثَلَاثَةِ الْغَسْلِ وَجَعْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَقِبَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ، وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى وَالسِّوَاكُ وَسَائِرُ الْأَذْكَارِ كَالْبَسْمَلَةِ وَالذِّكْرِ عَقِبَهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ وَيُكْرَهُ النَّقْصُ عَنْ الثَّلَاثِ كَالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا أَيْ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ وَتَحْرُمُ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ عَلَى التَّطْهِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ الْمَنْدُوبُ مِمَّا وُقِفَ لِلْأَكْفَانِ؛ لِأَنَّهُ يَتَسَامَحُ فِي الْمَاءِ لِتَفَاهَتِهِ مَا لَا يَتَسَامَحُ فِي غَيْرِهِ وَشَرْطُ حُصُولِ التَّثْلِيثِ حُصُولُ الْوَاجِبِ أَوَّلًا وَلَا

ــ

[حاشية الشرواني]

كَمَّلَ مَسْحَ الرَّأْسِ عَلَيْهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ) تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالدَّلْكُ) عُطِفَ عَلَى الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ) أَيْ مِنْ ثَلَاثَةِ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى) فِيهِ نَظَرٌ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ هَذَا وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ، وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ بَلْ لِتَكْمِيلِ الْغَسْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَلْيَقُ الْإِتْيَانُ بِكُلِّ غَسْلَةٍ مَعَ مُكَمِّلَاتِهَا ثُمَّ الِانْتِقَالُ مِنْهَا لِأُخْرَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْأَذْكَارِ إلَخْ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ فَتْحِ الْجَوَادِ، وَهِيَ تَشْمَلُ النِّيَّةَ اللَّفْظِيَّةَ فَيُسَنُّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا كَالتَّسْمِيَةِ اهـ.

وَفِي الْإِيعَابِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا مُسَاعَدَةُ الْقَلْبِ وَقَدْ حَصَلَتْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ لِلْحَلَبِيِّ لَا يُنْدَبُ تَثْلِيثُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ وَرَجَّحَ ع ش نَدْبَ تَثْلِيثِ النِّيَّةِ اللَّفْظِيَّةِ وَنَظَرَ الْبُجَيْرِمِيُّ فِي عِلَّتِهِ وَاسْتَظْهَرَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ عَدَمَ نَدْبِهِ.

وَقَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ أَيْ عَدَمُ النَّدْبِ الْمُعْتَمَدُ اهـ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ كَالْبَسْمَلَةِ) أَيْ أَوَّلَهُ (قَوْلُهُ: وَالذِّكْرِ عَقِبَهُ) وَدُعَاءِ الْأَعْضَاءِ وَقِرَاءَةِ سُورَةِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: ١] شَيْخُنَا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ) وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهِ أَعْنِي نَحْوَ الدَّلْكِ وَالسِّوَاكِ وَالتَّسْمِيَةِ إيعَابٌ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) إلَى قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ النَّقْصُ) .

وَأَمَّا وُضُوءُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّمَا كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ شَيْخُنَا زَادَ الْمُغْنِي فَكَانَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبٌ اهـ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي تَعْلِيمِ غَيْرِهِ الْوُضُوءَ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى مَرَّةٍ مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ تَنْتَفِيَ الْكَرَاهَةُ م ر اهـ.

وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ.

(فَرْعٌ)

لَوْ نَذَرَ الْوُضُوءَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ لَا يَنْعَقِدُ قُلْتُ، فَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ إلْغَاءَهُ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمَكْرُوهُ إنَّمَا هُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثِّنْتَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا فَظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ كَالزِّيَادَةِ إلَخْ) وَيُكْرَهُ الْإِسْرَافُ فِي الْمَاءِ وَلَوْ عَلَى الشَّطِّ نِهَايَةٌ أَيْ شَطِّ الْبَحْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى نَفْسِ الْبَحْرِ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ) أَيْ تَقْيِيدُ الزِّيَادَةِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ إلَخْ) أَيْ تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ كَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

قَالَ ع ش.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُرْمَةُ الْوُضُوءِ مِنْ مَغَاطِسِ الْمَسَاجِدِ وَالِاسْتِنْجَاءِ مِنْهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا وَقَفَهُ لِلِاغْتِسَالِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِنْهَا لِمَنْ يُرِيدُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِهِ وَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَدْخُلُونَ فِي مَحَلِّ الطَّهَارَةِ لِتَفْرِيغِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يَغْسِلُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ مِنْ مَاءِ الْفَسَاقِيِ الْمُعَدَّةِ لِلْوُضُوءِ لِإِزَالَةِ الْغُبَارِ وَنَحْوِهِ بِلَا وُضُوءٍ وَلَا إرَادَةِ صَلَاةٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِ مِثْلِهِ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَيُعْلَمُ بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي مَاءِ الصَّهَارِيجِ الْمُعَدَّةِ لِلشُّرْبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِاسْتِعْمَالِ مَائِهَا لِغَيْرِ الشُّرْبِ وَعَلِمَ بِهِ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ مَعَ قَطْعِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ عَنْهَا لَمْ يُكْرَهْ مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَنْدُوبُ) نَائِبُ فَاعِلِ لَمْ يُعْطَ وَقَوْلُهُ مِمَّا وُقِفَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْ بِلَمْ يُعْطَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ الْمَنْدُوبُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطِيَ الزَّائِدَ عَلَى الْفَرْضِ لِلْمَيِّتِ مِنْ الْمَوْقُوفِ لِلْأَكْفَانِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِالزَّائِدِ عَلَى الْفَرْضِ إلَى الثَّلَاثِ مِنْ الْمَاءِ الْمَوْقُوفِ لِلتَّطَهُّرِ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَفَاهَتِهِ) أَيْ حَقَارَتِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: حُصُولُ التَّثْلِيثِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي التَّعَدُّدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ لِمَنْ تَمَّمَ وُضُوءَهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ الْوَجْهَ وَالْيَدَ مُتَبَاعِدَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَنْتَقِلَ إلَى الْآخَرِ وَأَمَّا الْفَمُ وَالْأَنْفُ فَكَعُضْوٍ فَجَازَ تَطْهِيرُهُمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ انْتَهَى وَفِي قَوْلِهِ كَالْيَدَيْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَثْلِيثَ الْيَدَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَثْلِيثِ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى بَلْ لَوْ ثَلَّثَهُمَا مَعًا أَجْزَأَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ تَطْهِيرِهِمَا.

وَاعْتِبَارُ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ دُونَ الْأُولَى مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>