وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْعَارِيَّةُ وَالْفَوَائِدُ إنَّمَا جُعِلَتْ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَالتَّبَعِ فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْعَارِيَّةُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِهْلَاكُ الْمُعَارِ لَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَقْصُودُ فِيهَا اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ، وَلَوْ أَعَارَهُ شَاةً أَوْ دَفَعَهَا لَهُ وَمَلَّكَهُ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا لَمْ تَصِحَّ الْإِعَارَةُ وَلَا التَّمْلِيكُ وَيَضْمَنُهَا الْآخِذُ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةُ الْفَاسِدَةِ لَا هُمَا لِأَنَّهُمَا بِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ فَسَادُ الْعَارِيَّةُ هُنَا بِصِحَّتِهَا فِيمَا قَبْلَهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّمْلِيكَ الْفَاسِدَ هُوَ الْغَرَضُ مِنْهَا هُنَا فَأَفْسَدَهَا بِخِلَافِ الْإِبَاحَةِ ثَمَّ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ فَلَا مُوجِبَ لِلْفَسَادِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ فَيَكْفِي خُذْ مَا أَرَدْت مِنْ دَوَابِّي بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ.
(وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ) إذَا لَا مَحْذُورَ نَعَمْ يَأْتِي حُرْمَةُ نَظَرِ كَافِرَةٍ لِشَيْءٍ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَفَاسِقَةٍ بِفُجُورٍ أَوْ قِيَادَةٍ لِعَفِيفَةٍ فَعَلَيْهِ تَمْتَنِعُ إعَارَتُهَا لَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَعَلَى جَوَازِ نَظَرِ مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ مِنْهَا تَجُوزُ الْعَارِيَّةُ (أَوْ) ذَكَرٌ (مُحَرَّمٌ) أَوْ مَالِكٌ لَهَا بِأَنْ يَسْتَعِيرَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ، وَكَذَا مُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ لِحِلِّ وَطْئِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَنْ تَحْبَلُ لِأَنَّهَا قَدْ تَلِدُ فَتَكُونُ مَنَافِعُ وَلَدِهِ لِلْمُوصَى لَهُ فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِرْقَاقِ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا أَوْلَدَهَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مِثْلَهُ وَإِنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ لَيْسَتْ لِذَلِكَ بَلْ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ أَوْ النَّقْصِ أَوْ الضَّعْفِ أَوْ زَوْجٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَضْمَنُهَا وَلَوْ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لِسَيِّدِهَا أَوْ نَائِبِهِ وَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ بِخِلَافِ إعَارَتِهَا وَهِيَ غَيْرُ صَغِيرَةٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْأَعْضَاءُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْزَاءِ الذَّاهِبَةِ بِلُبْسِ الثَّوْبِ اهـ ع ش وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ الذَّاهِبُ مِنْ الْمَقِيسِ عَيْنٌ وَمِنْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ قُوَّتُهُ وَخُشُونَتُهُ بُجَيْرِمِيٌّ أَيْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إعَارَةَ الْإِبْرِيقِ الَّذِي فِيهِ مَاءٌ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ صِحَّةُ الْإِعَارَةِ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ فَعُلِمَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَعَارَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْعَارِيَّةُ إلَخْ) وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ نَحْوَ الدَّرِّ لَيْسَ مُسْتَفَادًا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةُ بَلْ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ الْعَارِيَّةُ لَيْسَ إلَّا الِانْتِفَاعُ بِالْأَصْلِ فِي التَّوَصُّلِ إلَى اسْتِيفَاءِ مَا أُبِيحَ لَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وسم وَإِلَى هَذَا التَّحْقِيقِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَكَإِبَاحَةِ أَحَدِ هَذِهِ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ فَعُلِمَ إلَخْ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مُسْتَقِلًّا بِعِنْوَانِ التَّحْقِيقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ.
(قَوْلُهُ لَا هُمَا) أَيْ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ وَكَانَ الْأَوْلَى إيَّاهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا) أَيْ أَخْذَهُمَا. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَعِيرِ التَّعْيِينِ وَسَكَتَ عَنْ هَذَا فِي الْمُعِيرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْمُعَارِ، وَلَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ لِيُعِرْنِي أَحَدُكُمَا كَذَا فَدَفَعَهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ صَحَّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَصِحُّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ع ش اهـ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ إعَارَتُهَا) أَيْ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمُسْلِمَةِ وَالْعَفِيفَةِ (لَهَا) أَيْ لِلْأُولَى مِنْ الْكَافِرَةِ وَالْفَاسِقَةِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي جَوَازِ إعَارَةِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْهَا لِخِدْمَتِهَا الَّتِي لَا تَنْفَكُّ عَنْ رُؤْيَتِهَا مَعَهَا نَظَرٌ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا وَجْهَ لِاسْتِثْنَاءِ الذِّمِّيَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ نَظَرُ الزَّائِدِ عَلَى مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يُمْكِنُ مَعَهُ الْخِدْمَةُ انْتَهَى وَهَذَا أَوْجَهُ اهـ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ حُرْمَةُ نَظَرِ كَافِرَةٍ لِمَا لَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ مِنْ مُسْلِمَةٍ فَيَمْتَنِعُ إعَارَتُهَا لَهَا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ قَالَ ع ش فِي حَجّ إنَّ مِثْلَ الْكَافِرَةِ الْفَاسِقَةُ بِفُجُورٍ أَوْ قِيَادَةٍ اهـ وَفِي عَدَمِ ذِكْرِ الشَّارِحِ م ر لِلْفَاسِقَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْكَافِرَةِ فَيَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ كَالْعَفِيفَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ ذَكَرٌ) عَطْفٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَالِكٌ وَقَوْلُهُ أَوْ زَوْجٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مُحَرَّمٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ مُحَرَّمٌ) وَفِي مَعْنَى الْمُحَرَّمِ وَنَحْوِهِ الْمَسْمُوحُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَنْبَغِي تَقْيِيدٌ بِعَدَمِ بَقَاءِ الشَّهْوَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَالِكٌ) إلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ إلَى قَوْلِهِ فَهُوَ نَوْعٌ إلَى أَوْ زَوْجٌ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَى بِخِلَافِ مَا لَا يَتَضَمَّنُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ مِثْلُ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ لِحِلِّ وَطْئِهِ) أَيْ الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ زَوْجٌ إلَخْ هَذَا أَلْحَقهُ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ م ر فِي شَرْحِهِ عَلَى مَا قَبْلَ هَذَا الْإِلْحَاقِ اهـ سم. (قَوْلُهُ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا) أَيْ فَيَكُونُ مَنَافِعُهُ لَهُ. (قَوْلُهُ بَلْ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَتْ الْحُرْمَةُ لِمَا ذُكِرَ كَانَ الْقِيَاسُ جَوَازَهُ عِنْدَ إذْنِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لِرِضَاهُ بِإِتْلَافِهَا عَلَى نَفْسِهِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ خِلَافُهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ أَوْ زَوْجٌ) هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا أَيَّ وَقْتٍ أَرَادَهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ اسْتَعَارَهَا لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ بَطَلَتْ الْعَارِيَّةُ وَإِنْ اسْتَعَارَهَا لِتَرْبِيَةِ وَلَدِهِ مَثَلًا لَا تَبْطُلُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ خَلْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَلَا نَظَرٌ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِ النَّفَقَةِ ظَاهِرٌ إنْ تَمَتَّعَ بِهَا وَأَعْرَضَ عَنْ الْعَارِيَّةُ أَمَّا لَوْ تَمَتَّعَ بِهَا مُلَاحِظًا الْعَارِيَّةُ فَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا مُسَلَّمَةٌ عَنْ جِهَةِ الْعَارِيَّةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا مَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ مِنْ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا تَسَلَّمْهَا عَنْ الْعَارِيَّةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ جَوَازُ إعَارَةِ الْجَارِيَةِ لِخِدْمَةِ الذَّكَرِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ صَغِيرَةٍ) أَيْ.
وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ يَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ.
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْمَذْكُورَاتِ إعَارَةُ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا وَالْمُكْحُلَةِ لِلِاكْتِحَالِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْعَارِيَّةُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وَنَحْوَهَا هُنَا لَيْسَتْ مُسْتَفَادَةً بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةُ بَلْ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ الْعَارِيَّةُ لَيْسَ إلَّا الِانْتِفَاعُ بِالْأَصْلِ فِي التَّوَصُّلِ إلَى اسْتِيفَاءِ مَا أُبِيحَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ الْأُشْمُونِيَّ ذَكَرَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَوْ ذَكَرٍ) عَطْفٌ عَلَى امْرَأَةٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ مَالِكٍ لَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ زَوْجٍ ش. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ تَحْبَلُ إلَخْ) هَلَّا أَطْلَقَ صِحَّةَ إعَارَةِ مَنْ تَحْبَلُ لِلْخِدْمَةِ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ وَطْءً وَلَا مَحْذُورًا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَطَأُ (قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَهُوَ غَفْلَةٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ زَوْجٍ إلَخْ) هَذَا أَلْحَقَهُ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ م ر فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute