للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ الْإِذْنُ فَقَطْ وَأَلْحَقَ الْبُلْقِينِيُّ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ جِلْدَ أُضْحِيَّةٍ مَنْذُورَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إعَارَتُهُ وَلَا يَضْمَنُهُ مُسْتَعِيرُهُ لَا بِتَنَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِ غَيْرِ مَالِكٍ، وَكَذَا مُسْتَعَارٌ لِرَهْنٍ تَلِفَ فِي يَدِ مُرْتَهَنٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَالرَّاهِنِ وَصَيْدٌ اُسْتُعِيرَ مِنْ مُحْرِمٍ وَكِتَابٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا اسْتَعَارَهُ فَقِيهٌ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ

(وَلَوْ تَلِفَتْ دَابَّتُهُ فِي يَدِ وَكِيلٍ بَعَثَهُ فِي شُغْلِهِ أَوْ فِي يَدِ مَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا) أَيْ يُعَلِّمَهَا الْمَشْيَ الَّذِي يَسْتَرِيحُ بِهِ رَاكِبُهَا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا لِغَرَضِ الْمَالِكِ أَمَّا إذَا تَعَدَّى كَأَنْ رَكِبَهَا فِي غَيْرِ الرِّيَاضَةِ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ قِنُّهُ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةً فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا، وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ (وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِحَسَبِ الْإِذْنِ) لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعِ كَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّكُوبِ فِي الرُّجُوعِ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ فِيهِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لِلْمُسْتَعِيرِ فَتَنَاوَلَ الْإِذْنُ الرُّكُوبَ فِي الْعَوْدِ عُرْفًا وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمَحِلَّ الْمَشْرُوطَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الذَّهَابِ مِنْهُ وَالْعَوْدِ إلَيْهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ رَاكِبًا كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِالْمُخَالَفَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ

(فَرْعٌ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدُوهُ فِي كِتَابٍ مُسْتَعَارٌ رَأْي فِيهِ خَطَأً لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْمُصْحَفُ فَيَجِبُ وَيُوَافِقُهُ إفْتَاءُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّ الْغَلَطِ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الضَّمَانِ حَلَبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْإِعَارَةِ.

(قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ إلَخْ) هُنَا إيجَازٌ مُخِلٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَاسِدَةَ لَيْسَتْ حُكْمَ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهَا اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ إلَخْ أَيْ وَالْإِذْنُ تَنَاوُلٌ اسْتِعْمَالٍ بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ م ر لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهَا أَيْ وَجَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهَا ثَبَتَ بَعْدَ انْتِهَاء الْعَقْدِ مُتَرَتِّبًا عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا تُشَارِكُهَا فِيهِ الْفَاسِدَةُ اهـ. (قَوْلُهُ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ أَوْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ مَا جُعِلَ مَنْفَعَتُهُ صَدَاقًا أَوْ مُصَالَحًا عَلَيْهَا أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ. (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُهُ مُسْتَعِيرُهُ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ نَفْسِهَا فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ كَمَا مَرَّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ذَبْحَهَا وَتَفْرِقَةَ لَحْمِهَا أَشْبَهَتْ الْوَدِيعَةَ فَضُمِنَتْ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِخِلَافِ الْجِلْدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الِانْتِفَاعِ فَأَشْبَهَ الْمُبَاحَاتِ فَلَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ عَلَى يَدِ غَيْرٍ إلَخْ) بِإِضَافَةِ الْيَدِ إلَى الْغَيْرِ.

(قَوْلُهُ تَلِفَ فِي يَدِ مُرْتَهِنٍ) خَرَجَ مَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدِ فِكَاكِ الرَّهْنِ وَنَزَعَهُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ فَيَضْمَنَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ م ر اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَكِتَابٌ مَوْقُوفٌ إلَخْ) وَلَوْ اسْتَعَارَ كِتَابًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَرَطَ وَاقِفُهُ أَنْ لَا يُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ نَحْوِ قِيمَتِهِ فَسُرِقَ مِنْ حِرْزِهِ لَا يُضْمَنُ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَإِنْ سُمِّيَ عَارِيَّةً عُرْفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى الْعَارِيَّةِ رَهْنٌ وَلَا ضَمَانٌ فَإِنْ شُرِطَ فِيهَا ذَلِكَ بَطَلَتْ اهـ مُغْنِي وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ قَدْ مَرَّ خِلَافُهُ فِي التُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ يَعْلَمُهَا) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَإِلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحِرْفَةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ) يَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا مَرَّ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ التَّلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ثُمَّ رَأَيْت قَالَ سم قَوْلُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَارِيَّةٌ اهـ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (الِانْتِفَاعُ) أَيْ بِالْمُعَارِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ لَهُ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ فِي أَيِّ طَرِيقٍ أَرَادَ إنْ تَعَدَّدَتْ الطُّرُقُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُعِيرِ عَنْ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِكُلِّهَا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ إنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لِلْمُسْتَعِيرِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا لَزِمَهُ الرَّدُّ فَهِيَ عَارِيَّةٌ قَبْلَهُ وَإِنْ انْتَهِي الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَهُ عَنْهَا وَرَبَطَهَا فِي الْخَانِ مَثَلًا إلَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ مَثَلًا ضَمِنَهَا.

وَ (قَوْلُهُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ إنْ أَطْرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرُدُّهَا عَلَى مَالِكِهَا، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ لِرَدِّ) اُنْظُرْ أَيَّ مُسْتَعِيرٍ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ هُوَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَنْفَعَةِ إذَا رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ دُونَ الرَّدِّ كَمُعِيرِهِ اهـ ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ وَلَعَلَّهُ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ اهـ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الذَّهَابِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي ضَمَانُ تَلَفِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ حَالَ الْمُجَاوَزَةِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمَحِلِّ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَرْكَبُ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ إلَيْهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَبْطُلُ إلَخْ) كَمَا لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِتَعَدِّيهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ جَائِزٌ وَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا أُجْرَةُ الرُّجُوعِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بِالْقُرْعَةِ وَزَادَ مُقَامُهُ بِالْبَلَدِ الَّذِي مَضَى فِيهِ قَضَى الزَّائِدَ لِبَقِيَّةِ نِسَائِهِ وَلَا قَضَاءَ لِمُدَّةِ الرُّجُوعِ وَلَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا مَثَلًا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهِ فَإِنَّ لُبْسَهُ صَارَ عَارِيَّةً وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَوْنِهِ وَدِيعَةً، وَلَوْ اسْتَعَارَ صُنْدُوقًا فَوَجَدَ فِيهِ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُهُ مُسْتَعِيرُهُ) تَقَدَّمَ فِي إعَارَةِ الْمَنْذُورِ ضَمَانُ كُلٍّ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالِاسْتِعْمَالِ. (قَوْلُهُ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ) أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَارِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر وَانْظُرْ أَيَّ مُسْتَعِيرٍ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الذَّهَابِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي ضَمَانُ تَلَفِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ حَالَ الْمُجَاوَزَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>