وَمِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ فَاتَّضَحَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ الشُّرَّاحُ عَلَيْهِ وَبَقِيَ لِلْوُضُوءِ سُنَنٌ كَثِيرَةٌ اسْتَوْفَيْتهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.
وَمِنْ الْمَشْهُورِ مِنْهَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي جَمِيعِهِ وَالدَّلْكُ، وَيَتَأَكَّدُ كَالْمُوَالَاةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِمَا وَتَجَنُّبُ رَشَاشِهِ وَجَعْلٌ مَا يَصُبُّ مِنْهُ عَنْ يَسَارِهِ وَمَا يَغْتَرِفُ مِنْهُ عَنْ يَمِينِهِ وَتَرْكُ تَكَلُّمٍ بِلَا عُذْرٍ وَلَا يُكْرَهُ وَلَوْ مِنْ عَارٍ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَلَّمَ أُمَّ هَانِئٍ يَوْمَ فَتَحَ مَكَّةَ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ؛ وَلَطَمَ الْوَجْهَ بِالْمَاءِ» وَاعْتُرِضَ بِحَدِيثٍ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِسْرَافٌ وَلَوْ عَلَى شَطٍّ وَأَنْ يَكُونَ مَاؤُهُ نَحْوَ مُدٍّ كَمَا يَأْتِي وَتَعَهُّدُ مَا يَخَافُ إغْفَالَهُ كَمُوقَيْهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَمَشَى شَيْخِي عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَأَفْتَى بِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ اهـ زَادَ الْأَوَّلُ وَنَفَى الْمُصَنِّفُ أَصْلَهُ بِاعْتِبَارِ الصِّحَّةِ أَمَّا بِاعْتِبَارِ وُرُودِهِ مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ حِينَئِذٍ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ قَوْلُهُ: لَا أَصْلَ لِدُعَاءِ الْأَعْضَاءِ عَلَى هَذَا جَرَى الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْأَسْنَى أَيْ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ اهـ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاعْتَمَدَ اسْتِحْبَابَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوَلَدُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلْته فِي الْأَصْلِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ، وَأَنَّهُ دُعَاءٌ حَسَنٌ لَكِنْ لَا يَعْتَقِدُ سُنِّيَّتَهُ فَيَطْلُبُ الْإِتْيَانَ بِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَائِدَةُ شَرْطِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ شَدِيدَ الضَّعْفِ وَأَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ أَصْلٍ عَامٍّ وَأَنْ لَا يَعْتَقِدَ سُنِّيَّتَهُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ وَفِي هَذَا الشَّرْطِ أَيْ الْأَخِيرِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ عِبَارَةُ سم وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ السُّنِّيَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ إلَّا كَوْنُهُ مَطْلُوبًا طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ وَكُلُّ مَطْلُوبٍ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ سُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ سُنَّةً تَعَيَّنَ اعْتِقَادُ سُنِّيَّتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَمْ لَا بَلْ قَدْ يُقَالُ يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي بِهِ لِيَكُونَ فِعْلُهُ سَبَبًا لِإِفَادَةِ غَيْرِهِ الْحُكْمَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ ع ش (قَوْلُهُ: سُنَنٌ كَثِيرَةٌ) مِنْهَا تَقْدِيمُ النِّيَّةِ مَعَ أَوَّلِ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا التَّلَفُّظُ بِالْمَنْوِيِّ لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُسِرُّ بِهَا بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَمِنْهَا اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ ذِكْرًا بِقَلْبِهِ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَشْهُورِ) إلَى قَوْلِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُكْرَهُ إلَى وَلَطَمَ الْوَجْهَ وَقَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ إلَى وَإِسْرَافٍ (قَوْلُهُ وَالدَّلْكُ) لَمْ يَكْتَفِ بِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَالدَّلْكُ فِي شَرْحِ وَيُثَلِّثُ الْغَسْلَ إلَخْ كَأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ السُّنِّيَّةَ فَتَأَمَّلْهُ سم أَقُولُ بَلْ أَعَادَهُ لِقَوْلِهِ، وَيَتَأَكَّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَجَنُّبُ رَشَاشِهِ) فَلَا يَتَوَضَّأُ فِي مَوْضِعٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ رَشَاشٌ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَجَعَلَ مَا يَصُبُّ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ كَالْإِبْرِيقِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ تَكَلُّمٍ) وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ اهـ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُشْتَغِلِ بِالْغُسْلِ لَا يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُ مَا يُسْتَحْيَا مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَلَا يَلِيقُ مُخَاطَبَتُهُ حِينَئِذٍ ع ش (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ وَقَدْ يَجِبُ كَأَنْ رَأَى نَحْوَ أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَطْمِ وَجْهٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى تَكَلُّمٍ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْجَوَازِ) وَاللَّطْمُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِسْرَافٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَمِنْهَا أَنْ يَقْتَصِدَ فِي الْمَاءِ فَيُكْرَهُ السَّرَفُ فِيهِ اهـ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَيُكْرَهُ التَّقْتِيرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعُمُّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ إلَخْ) فَيُجْزِئُ بِدُونِهِ حَيْثُ أَسْبَغَ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ» هَذَا فِيمَنْ بَدَنُهُ كَبَدَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتِدَالًا وَلُيُونَةً وَإِلَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ بِالنِّسْبَةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) لَعَلَّهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ كَمُوقَيْهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَنْ يَتَعَهَّدَ مُوقَهُ، وَهُوَ طَرَفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ بِالسَّبَّابَةِ الْأَيْمَنَ بِالْيُمْنَى وَالْأَيْسَرَ بِالْيُسْرَى وَمِثْلُهُ اللِّحَاظُ، وَهُوَ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَمَحَلُّ سَنِّ غَسْلِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا رَمَصٌ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَغَسْلُهُمَا وَاجِبٌ اهـ.
زَادَ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَالْمُرَادُ بِهِمَا أَيْ الْمُوقَيْنِ مَا يَشْمَلُ اللِّحَاظَ اهـ (قَوْلُهُ -
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْحَالِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ) شَرَطَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنْ لَا يُعَارِضَهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِظُهُورِ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ حَدِيثَانِ يُنْظَرُ إلَى التَّرْجِيحِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّحِيحَ مُقَدَّمٌ عَلَى الضَّعِيفِ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ السُّنِّيَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ إلَّا كَوْنُهُ مَطْلُوبًا طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ وَكُلُّ مَطْلُوبٍ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ سُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ سُنَّةً تَعَيَّنَ اعْتِقَادُ سُنِّيَّتِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي الْخُفِّ وَيُسَنُّ مَسْحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ خُطُوطًا مَالَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا الْبَحْثِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَالدَّلْكُ) لَمْ يَكْتَفِ بِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ