أَمَّا إذَا كَانَ الْمِثْلُ مَفْقُودًا عِنْدَ التَّلَفِ فَيَجِبُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ.
(تَنْبِيهٌ)
هَلْ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمِثْلِ أَوْ الْمَغْصُوبُ وَجْهَانِ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ هُوَ الْأَصْلَ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَقْصَى مِنْ التَّلَفِ إلَى انْقِطَاعِ الْمِثْلِ وَعَلَى الثَّانِي الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَاَلَّذِي صَرَّحُوا بِهِ كَمَا عَلِمْت أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ فِي حَالَةٍ أَوْ إلَى التَّلَفِ فِي أُخْرَى وَهَذَا غَيْرُ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ بَنَاهُمَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ لَا الْمِثْلِ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ هُوَ اعْتِبَارُ الْمَغْصُوبِ.
(وَلَوْ نَقَلَ الْمَغْصُوبَ الْمِثْلِيَّ) أَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا الْمُتَقَوِّمُ كَمَا عُلِمَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ فَذِكْرُ نَقْلِهِ مِثَالٌ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّفْرِيعَاتِ الْآتِيَةِ مِنْهَا قَوْلُهُ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ (إلَى بَلَدٍ) أَوْ مَحَلٍّ (آخَرَ) ، وَلَوْ مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ حَالًا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْ وَإِلَّا لَمْ يُطَالِبْهُ بِالْقِيمَةِ (فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَدَّهُ) إذَا عَلِمَ مَكَانَهُ لِخَبَرِ عَلَى الْيَدِ السَّابِقِ (وَأَنْ يُطَالِبَهُ) ، وَإِنْ قَرُبَ مَحَلُّ الْمَغْصُوبِ، وَلَوْ لَمْ يَخَفْ هَرَبَهُ وَلَا تَوَارِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ (فِي الْحَالِ) أَيْ قَبْلَ الرَّدِّ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُطَالَبْ بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرَادِّ فَقَدْ يَزِيدُ السِّعْرُ أَوْ يَنْحَطُّ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ وَالْقِيمَةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَيَمْلِكُهَا مِلْكَ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى حُكْمِ رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمِثْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ التَّلَفِ إلَخْ) بِأَنْ فُقِدَ قَبْلَهُ كَأَنْ غَصَبَهُ فِي رَجَبٍ مَثَلًا وَفُقِدَ الْمِثْلُ فِي رَمَضَانَ وَتَلِفَ الْمَغْصُوبُ فِي شَوَّالٍ فَيَكُونُ الْمَغْصُوبُ مَضْمُونًا بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ رَجَبٍ إلَى شَوَّالٍ. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ
(قَوْلُهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ) أَيْ أَقْصَى قِيَمِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ) أَيْ الْمِثْلَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ نِهَايَةٌ وَمُغْنٍ أَيْ لِابْنِ حَجّ ع ش (قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا عَلِمْت) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ إلَخْ مَعَ مُحْتَرَزِهِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ فِي حَالَةٍ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا عِنْدَ التَّلَفِ وَ (قَوْلُهُ فِي أُخْرَى) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمِثْلُ مَفْقُودًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ فِي حَالَةٍ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ هُوَ اعْتِبَارُ الْمَغْصُوبِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ. اهـ سم
(قَوْلُهُ أَوْ انْتَقَلَ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَذِكْرُ نَقْلِهِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ قَرُبَ مَحَلُّ الْمَغْصُوبِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا عُلِمَ إلَى فَذِكْرُ نَقْلِهِ وَقَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ أَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ نَقَلَهُ سَيْلٌ أَوْ رِيحٌ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ) يَعْنِي الِانْتِقَالَ بِصُورَتَيْهِ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ أَيْ كَالْمِثْلِيِّ الَّذِي فِي الْمَتْنِ مَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ يَرُدُّهُ التَّفْرِيعُ الْآتِي بِقَوْلِهِ فَذِكْرُ نَقْلِهِ مِثَالٌ أَيْ وَمِثْلُهُ الِانْتِقَالُ (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَقُولُ الْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْمِيمُ ثُمَّ التَّفْرِيعُ عَلَى كُلِّ مَا يُنَاسِبُهُ. اهـ سم
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ حَالًا) أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ حَمْلُهُ زَمَنًا يَزِيدُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي هُمْ فِيهِ عُرْفًا. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرُبَ مَحَلُّ الْمَغْصُوبِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ عِبَارَتُهُمَا إنْ كَانَ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يُطَالَبُ إلَّا بِالرَّدِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يَخَفْ هَرَبَ الْغَاصِبِ أَوْ تَوَارِيهِ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ. اهـ قَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا رَأْيٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا قَرُبْت الْمَسَافَةُ أَمْ بَعُدَتْ أُمِنَ تَعَزُّزُهُ أَوْ تَوَارِيهِ أَمْ لَا م ر. اهـ ع ش. اهـ
قَوْلُ الْمَتْنِ فِي الْحَالِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُطَالِبُهُ لَا بِالْقِيمَةِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُطَالِبَ أَيْ الْغَاصِبَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مُغْنِي وَأَسْنَى وَأَقَرَّهُ سم وَعِ ش أَيْ الْمَغْصُوبُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ الْحَيْلُولَةِ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ وَأَسْقَطَ الْمُغْنِي لَفْظَةَ مِنْ ثَمَّ، وَعَلَيْهِ التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَيَمْلِكُهَا إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا، وَلَوْ وُجِدَتْ فِيهَا زَوَائِدُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ زَوَائِدِ الْقَرْضِ فَتَكُونُ مِلْكًا لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ بِأَنْ أَخَذَ بَدَلَ الْقِيمَةِ دَابَّةً. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ مِلْكَ الْقَرْضِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ أَخْذِ أَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ بَدَلُهَا كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِرَاضُهَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إذْ الضَّرُورَةُ قَدْ تَدْعُوهُ إلَى أَخْذِهَا خَشْيَةً مِنْ فَوَاتِ حَقِّهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَغَيْرُ غَاصِبٍ أَيْ فِي الثَّانِيَةِ فَقِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ فَلَوْ غَرِمَ ثُمَّ وُجِدَ الْمِثْلُ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ. اهـ
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ هُوَ اعْتِبَارُ الْمَغْصُوبِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَ قِيمَتِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ كَالْمَوْجُودِ بِوُجُودِ مِثْلِهِ قِيلَ اعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ الَّذِي لَا يُسَاوِيهَا مُشْكِلٌ لَا يُقَالُ هِيَ لَا تُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ فَلَمْ تُعْتَبَرْ أَقْصَى قِيَمِهِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَقُولُ الْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْمِيمُ وَالتَّفْرِيعُ عَلَى كُلِّ مَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَخَفْ هَرَبَهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْ بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ) لَوْ زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَخْذُ الزِّيَادَةِ فَفِي الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ أَبَقَ الْمَغْصُوبُ أَوْ سَرَقَهُ أَوْ عَيَّبَهُ الْغَاصِبُ أَوْ ضَاعَ كَمَا فِي شَرْحِهِ أَنَّ لِلْمَالِكِ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ أَقْصَى مَا كَانَتْ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ. اهـ
قَالَ فِي شَرْحِهِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُطَالِبَ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَمْلِكُهَا مِلْكَ الْقَرْضِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً تَحِلُّ لَهُ امْتَنَعَ أَخْذُهَا لَكِنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُ أَخْذِهَا لِلْحَاجَةِ