عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا قِيمَةَ لَهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ غِنَاءَ الْعَبْدِ لَوْ حَرُمَ لِكَوْنِهِ أَمْرَدَا حَسَنًا يُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ أَوْ غَيْرَ أَمْرَدَ، لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْغِنَاءَ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ كَانَ مِثْلَهَا فِيمَا ذُكِرَ وَلَوْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ مَحَالُّ مُخْتَلِفَةُ الْقِيَمِ تَخَيَّرَ الْغَاصِبُ فِيمَا يَظْهَرُ.
(فَإِنْ جَنَى) عَلَيْهِ بِتَعَدٍّ لَا بِنَحْوِ صِيَالٍ وَهُوَ بِيَدِ مَالِكِهِ أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُ فِي الْيَدِ (وَتَلِفَ بِسِرَايَةٍ) مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ (فَالْوَاجِبُ الْأَقْصَى أَيْضًا) مِنْ حِينِ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا وَجَبَ فِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَفِي الْإِتْلَافِ السَّارِي أَوْلَى
(وَلَا تُضْمَنُ) حَشِيشَةٌ وَنَحْوُهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ الطَّاهِرَةِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ كَالْخَمْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ يَصِحُّ بَيْعُهَا فَلْيُحْمَلْ عَلَى مَا إذَا فَوَّتَهَا عَلَى مُرِيدِ أَكْلِهَا الْمُحَرَّمِ وَانْحَصَرَ تَفْوِيتُهَا فِي إتْلَافِهَا، وَلَا (الْخَمْرُ) ، وَلَوْ مُحْتَرَمَةً لِذِمِّيٍّ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا كَكُلِّ نَجِسٍ، وَلَوْ دُهْنًا وَمَاءً عَلَى الْأَوْجَهِ وَالْمُرَادُ بِهَا هَاهُنَا مَا يَعُمُّ النَّبِيذَ نَعَمْ لَا يَنْبَغِي إرَاقَتُهُ قَبْلَ اسْتِحْكَامِ غَيْرِ حَنَفِيٍّ فِيهِ لِئَلَّا يُرْفَعَ لَهُ فَيُغَرِّمَهُ قِيمَتَهُ وَلَا نَظَرَ هُنَا لِكَوْنِ مَنْ هُوَ لَهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ أَوْ حُرْمَتَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِنْكَارِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ مَا يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ (وَلَا تُرَاقُ) هِيَ فَأَوْلَى بَقِيَّةُ الْمُسْكِرَاتِ (عَلَى ذِمِّيٍّ) وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مُعَاهَدٌ وَمُسْتَأْمَنٌ؛ لِأَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غِنَاءٍ يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ كَرَاهَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْغِنَاءُ مُحَرَّمًا فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهَا وَكَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ. اهـ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ) أَيْ بِأَنْ يُخَافَ مِنْهَا ذَلِكَ عَادَةً أَيْ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ الْفِتْنَةُ كَانَ مَكْرُوهًا وَحِينَئِذٍ يَضْمَنُهُ حَلَبِيٌّ. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ إلَخْ) نَحْوِ الْمُقْتَرِنِ بِآلَاتِ اللَّهْوِ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ بِنَاءً عَلَى حُرْمَتِهِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ. اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَوَى إلَخْ) مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ فَكَانَ اللَّائِقُ تَقْدِيمَهُ هُنَاكَ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ تَخْيِيرُ الْغَاصِبِ) أَيْ الْمُتْلِفِ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ غَاصِبًا مَجَازًا. اهـ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَقَوِّمِ. اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي لَكِنَّ عِبَارَتَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِإِتْلَافِ الْمُنْكَرَاتِ فَلَا ضَمَانَ شَرْحُ م ر. اهـ سم وَقَالَ ع ش أَقُولُ وَهُوَ أَيْ مَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ الضَّمَانِ الْأَقْرَبِ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يُنْتَفَعُ بِهَا وَيَجُوزُ أَكْلُهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ كَالدَّوَاءِ فَإِتْلَافُهَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ عَلَى مُحْتَاجِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مُحْتَرَمَةً) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِثْلُهُ إلَى؛ لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ وَقَوْلُهُ وَآلَةُ اللَّهْوِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتُضْمَنُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْخِنْزِيرُ وَقَوْلُهُ وَيَأْتِي فِي الْيَرَاعِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْتَرَمَةً لِذِمِّيٍّ) هَذَا يُفْهِمُ أَنَّ الْخَمْرَةَ فِي يَدِ الذِّمِّيِّ قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هِيَ مُحْتَرَمَةٌ، وَإِنْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَظْهَرَ نَحْوَ بَيْعِهَا فَتُرَاقُ لِلْإِظْهَارِ لَا لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا. اهـ ع ش
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا إلَخْ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ مِنْ تَغَايُرِهِمَا فَالْخَمْرُ هِيَ الْمُعْتَصَرُ مِنْ الْعِنَبِ وَالنَّبِيذِ هُوَ الْمُعْتَصَرُ مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ وَعَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا تَنْبَغِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَلَكِنْ لَا يُرِيقُهُ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ مُجْتَهِدٍ يَرَى ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَالَ وَالْمُقَلِّدُ الَّذِي يَرَى إرَاقَتَهُ كَالْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ. اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا يُرِيقُهُ إلَخْ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُرِيقَهُ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ لَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خَوْفِ الْغُرْمِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ سم عَلَى مَنْهَجٍ. اهـ
(قَوْلُهُ قَبْلَ اسْتِحْكَامِ غَيْرِ حَنَفِيٍّ) كَانَ وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالِاسْتِحْكَامِ دُونَ الِاسْتِئْذَانِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْتِئْذَانِ لَا يَمْنَعُ تَغْرِيمَ الْحَنَفِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ سم وَمَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحْكَامِ الْأَمْرُ (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي التَّوَقِّي عَنْ الْغُرْمِ بِالِاسْتِحْكَامِ وَ (قَوْلُهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ) أَيْ حَتَّى يَحْتَاجَ تَوَقِّي الْغُرْمِ إلَى الِاسْتِحْكَامِ وَ (قَوْلُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ النَّبِيذُ حِينَئِذٍ كَالْخَمْرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَلَا يَحْتَاجُ التَّوَقِّي إلَى الِاسْتِحْكَامِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ تَوَقِّيَ الْغُرْمِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ وَغَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ أَيْ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا تُرَاقُ عَلَى ذِمِّيٍّ) اُنْظُرْ إرَاقَةَ النَّبِيذِ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَقَدْ يَدُلُّ إطْلَاقُ قَوْلِهِ نَعَمْ لَا تَنْبَغِي إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَخْ عَلَى أَنَّهُ يُرَاقُ عَلَيْهِ. اهـ سم وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا صَرِيحُ نَقْلٍ، وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الذِّمِّيِّ بِعَدَمِ الْإِرَاقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَّخِذُهُ بِاجْتِهَادِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ ضَعُفَ مُدْرَكُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ كَلَامَ التُّحْفَةِ السَّابِقَ إنَّمَا هُوَ فِي الضَّمَانِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَالْجَارِيَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَبْدُ وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِيهِ مِنْ لُزُومِ تَمَامِ قِيمَتِهِ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ ش م ر.
(قَوْلُهُ فَفِي الْإِتْلَافِ السَّارِي أَوْلَى) وَقَدْ يُضْمَنُ بِالْأَقْصَى فِي الْإِتْلَافِ غَيْرِ السَّارِي أَيْضًا كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ مَالِكِهِ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ ثُمَّ فُقِدَ فَيَلْزَمُهُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْإِتْلَافِ إلَى فَقْدِ الْمِثْلِ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَصْلٌ غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَصْبٍ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَلَمْ يَغْرَمُ حَتَّى عَدِمَ الْمِثْلُ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَزِمَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ أَيْ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الْإِتْلَافِ أَيْ فِي الثَّانِي إلَى الْإِعْوَازِ أَيْ فَقْدِ الْمِثْلِ. اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ) اعْتَمَدَهُ م ر. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِإِتْلَافِ الْمُسْكِرَاتِ فَلَا ضَمَانَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ قَبْلَ اسْتِحْكَامِ غَيْرِ حَنَفِيٍّ) كَأَنْ وَجَّهَ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِحْكَامِ دُونَ الِاسْتِئْذَانِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْتِئْذَانِ لَا يَمْنَعُ تَغْرِيمَ الْحَنَفِيِّ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا تُرَاقُ عَلَى ذِمِّيٍّ) اُنْظُرْ إرَاقَةَ النَّبِيذِ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَقَدْ يَدُلُّ إطْلَاقُ