للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُغْلُهُ أَيْ بِحَيْثُ يَمْضِي فِيهِ زَمَنٌ يُقَابِلُ عَمَلَهُ فِيهِ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ تَافِهَةٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ ظُرُوفِهَا مُطْلَقًا زَجْرًا وَتَأْدِيبًا دُونَ الْآحَادِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ الْمُهِمَّةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْمُنْكِرُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا مَا فَعَلَهُ صُدِّقَ الْمَالِكُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ أَرَاقَهُ ثُمَّ قَالَ كَانَ خَمْرًا وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ عَصِيرًا صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْمَالِيَّةِ اهـ قَالَ غَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُوَجَّهُ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ فَإِنَّا تَحَقَّقْنَا هُنَا الْمَالِيَّةَ وَاخْتَلَفْنَا فِي زَوَالِهَا فَصُدِّقَ مُدَّعِي بَقَائِهَا لِوُجُودِ الْأَصْلِ مَعَهُ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى إهْدَارِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ الَّتِي الْأَصْلُ عَدَمُ ضَمَانِهَا فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُضْمَنِ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ بِحَقٍّ وَقَالَتْ بَلْ تَعَدِّيًا صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَبَاحَ لَهُ الضَّرْبَ جَعَلَهُ وَلِيًّا فِيهِ فَوَجَبَ تَصْدِيقُهُ فِيهِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَأْتِي هُنَا فَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُ الْمُتْلِفِ.

(تَنْبِيهٌ) سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ أَنَّهُ تَجِبُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَيَخْتَصُّ وُجُوبُهُ بِكُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ، وَلَوْ أُنْثَى وَقِنًّا وَفَاسِقًا وَيُثَابُ عَلَيْهِ الْمُمَيِّزُ كَمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْبَالِغُ.

(وَتُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهَا (بِالتَّفْوِيتِ) بِالِاسْتِعْمَالِ (وَالْفَوَاتِ) وَهُوَ ضَيَاعُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ كَإِغْلَاقِ الدَّارِ (فِي يَدٍ عَادِيَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ فَضُمِنَتْ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْشُ نَقْصٍ أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ ضَمِنَ كُلَّ مُدَّةٍ بِمَا يُقَابِلُهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا أَقْصَى لِانْفِصَالِ وَاجِبِ كُلِّ مُدَّةٍ بِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ عَمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْقِيمَةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فَزَعَمَ اسْتِوَاءَهُمَا فِي اعْتِبَارِ الْأَقْصَى، وَلَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ صَنَائِعُ وَجَبَتْ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُهَا، وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْكُلِّ كَخِيَاطَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ أَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ أَوْ لَهُ مَنْفَعَةٌ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لَهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ لِيُلَائِمَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَلِلْوُلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَوَقَّفَتْ إرَاقَةُ الْخَمْرِ عَلَيْهِ أَوَّلًا. اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُ الْمُتْلِفِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ م ر. اهـ سم، وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ.

(قَوْلُهُ وَيَخْتَصُّ إلَخْ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَى، وَلَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ إنْ وُضِعَ إلَى وَأُجْرَتُهُ (قَوْلُهُ وَفَاسِقًا) نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي الْعُمْدَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ وَمِنْ شُرُوطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ: أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَهُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ. اهـ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ وَيُرَدُّ بِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اسْتِهْزَائِهِ بِالدِّينِ. اهـ

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بِقَوْلٍ أَوْ وَعْظٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ الْمُنْكَرِ اسْتِهْزَاءٌ بِالدِّينِ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ جَوَازُهُ بِالْقَوْلِ حَيْثُ قَالَ وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ مَرَاتِبُ: مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ لَا تَزْنِ ومِنْهَا الْوَعْظُ كَقَوْلِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الزِّنَا حَرَامٌ وَعُقُوبَتُهُ شَدِيدَةٌ وَمِنْهَا السَّبُّ وَالتَّوْبِيخُ وَالتَّهْدِيدُ كَقَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا مَنْ لَا يَخْشَى اللَّهَ لَئِنْ لَمْ تُقْلِعْ عَنْ الزِّنَا لِأَرْمِيَنك بِهَذَا السَّهْمِ وَمِنْهَا الْفِعْلُ كَرَمْيِهِ بِالسَّهْمِ مَنْ أَمْسَكَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَكَكَسْرِهِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَتِهِ أَوَانِي الْخُمُورِ وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الْأَرْبَعَةُ لِلْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لِلذِّمِّيِّ مِنْهَا سِوَى الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ وَكَلَامَ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لَا تَزْنِ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الزِّنَا بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ بَلْ نَقُولُ: إنَّ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُسْلِمِ لَا تَزْنِ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إنْ رَأَيْنَا خِطَابَ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ. انْتَهَى اهـ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ قَوْلُهُ أَوْ فَسَقَةً أَيْ بِغَيْرِ الْكُفْرِ فَلَيْسَ لِلْكَافِرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُعَاقَبُونَ عَلَى عَدَمِ الْإِزَالَةِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ التَّكْلِيفِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قِيلَ. اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْبَالِغُ) أَيْ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ لَا فِي مِقْدَارِهِ إذْ الصَّبِيُّ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ النَّافِلَةِ وَالْبَالِغُ ثَوَابَ الْفَرْضِ. اهـ ع ش

(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ يَصْرِفُ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ) كَالْكِتَابِ وَالدَّابَّةِ وَالْمِسْكِ وَ (قَوْلُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ) كَأَنْ يُطَالِعَ فِي الْكِتَابِ وَيَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَيَشُمَّ الْمِسْكَ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ آخِرَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ عَمَّا قَبْلَهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ اسْتِوَاءَهُمَا) أَيْ الْأُجْرَةِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ إلَخْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَيْ وَقَدْ أَتْلَفَهُ بِالْإِحْرَاقِ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُ الْمُتْلِفِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ م ر.

(قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ الْكَافِرِ فَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوَّلًا أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ ذِمِّيٌّ نَهَى مُسْلِمًا عَنْ مُنْكَرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوْ لَا الْجَوَابُ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ مَرَاتِبُ: مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ لَا تَزْنِ مَثَلًا، وَمِنْهَا الْوَعْظُ كَقَوْلِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الزِّنَا حَرَامٌ وَعُقُوبَتُهُ شَدِيدَةٌ وَمِنْهَا السَّبُّ وَالتَّوْبِيخُ وَالتَّهْدِيدُ كَقَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا مَنْ لَا يَخْشَى اللَّهَ لَئِنْ لَمْ تُقْلِعْ عَنْ الزِّنَا لِأَرْمِيَنك بِهَذَا السَّهْمِ وَمِنْهَا الْفِعْلُ كَرَمْيِهِ بِالسَّهْمِ مَنْ أَمْسَكَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَكَكَسْرِهِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَتِهِ أَوَانِيَ الْخُمُورِ وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الْأَرْبَعَةُ لِلْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لِلذِّمِّيِّ مِنْهَا سِوَى الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً وَتَسَلُّطًا لَا يَلِيقَانِ بِالْكَافِرِ وَأَمَّا الْأُولَيَانِ فَلَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ بَلْ هُمَا مُجَرَّدُ فِعْلِ خَيْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ فِي حِفْظِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ حَتَّى بِالْفِعْلِ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ، وَكَذَا ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ ثُمَّ قَالَ فِي أَثْنَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>