للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا إذَا غَرَسَ لِنَفْسِهِ أَوْ أَضَرَّ بِالْمَسْجِدِ أَوْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا انْتَفَى ذَلِكَ.

وَصَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِيمَا مُنِعَ مِنْ غَرْسِهَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا أُبِيحَ غَرْسُهَا لَا أُجْرَةَ فِيهَا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي تَارِيخِ قَزْوِينَ مَا هُوَ صَرِيحٌ كَمَا بَيَّنْته ثَمَّ أَيْضًا فِي جَوَازِ وَضْعِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ خَزَائِنَهُمْ فِيهِ الَّتِي يَحْتَاجُونَهَا لِكُتُبِهِمْ وَلِمَا يُضْطَرُّونَ لِوَضْعِهِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْإِقَامَةُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ دُونَ الَّتِي يَجْعَلُونَهَا لِأَمْتِعَتِهِمْ الَّتِي يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا وَإِطْلَاقُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازَ رَدَدْته عَلَيْهِمْ ثَمَّ أَيْضًا وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِمْ لِمَا جَازَ وَضْعُهُ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْأُجْرَةُ لِمَا لَمْ يَجُزْ وَضْعُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ وَضْعُهُ لَا أُجْرَةَ فِيهِ وَكُلَّ مَا لَمْ يَجُزْ وَضْعُهُ فِيهِ الْأُجْرَةُ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرْته فَتَأَمَّلْهُ وَقِسْ بِهِ مَا ذَكَرْته فِي نَحْوِ عَرَفَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ مُهِمٌّ.

(وَإِذَا نَقَصَ الْمَغْصُوبُ) أَوْ شَيْءٌ مِنْ زَوَائِدِهِ (بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ) كَعَمَى حَيَوَانٍ وَسُقُوطِ يَدِهِ بِآفَةٍ (وَجَبَ الْأَرْشُ) لِلنَّقْصِ (مَعَ الْأُجْرَةِ) لَهُ سَلِيمًا إلَى حُدُوثِ النَّقْصِ وَمَعِيبًا مِنْ حُدُوثِهِ إلَى الرَّدِّ لِفَوَاتِ مَنَافِعِهِ فِي يَدِهِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبَغَوِيّ فَأَفْتَى فِيمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَشُلَّتْ يَدُهُ عِنْدَهُ وَبَقِيَ عِنْدَهُ مُدَّةً بِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ صَحِيحًا قَبْلَ الرَّدِّ وَبَعْدَهُ إلَى الْبُرْءِ فَاعْتَبَرَهَا أُجْرَةَ سَلِيمٍ مُطْلَقًا وَاعْتَبَرَ مَا بَعْدَ الرَّدِّ إلَى الْبُرْءِ وَهَذَا الِاعْتِبَارُ الْأَخِيرُ مُتَّجِهٌ إنْ تَعَذَّرَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ عَمَلُهُ عِنْدَ الْمَالِكِ أَوْ نَقَصَ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ الرَّدِّ إلَى الْبُرْءِ (وَكَذَا لَوْ نَقَصَ بِهِ) أَيْ الِاسْتِعْمَالِ (بِأَنْ بَلِيَ الثَّوْبُ) بِاللُّبْسِ فَيَجِبُ الْأَرْشُ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِعْمَالِ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَاتِ، وَلَوْ خَصَى الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ أَيْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَاهُ لَزِمَهُ قِيمَتَاهُ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ فَلَا نَظَرَ مَعَهَا لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَقَطَا بِآفَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالنَّقْصِ وَلَمْ يُوجَدْ بَلْ زَادَتْ بِهِ الْقِيمَةُ.

(فَصْلٌ)

فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ مَا يَنْقُصُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَجِنَايَتِهِ وَتَوَابِعِهِمَا (ادَّعَى) الْغَاصِبُ (تَلَفَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَدَّقُ وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ أَدَّى ذَلِكَ إلَى دَوَامِ حَبْسِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ سَبَبًا خَفِيًّا أَمَّا إذَا ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَيُحْبَسُ حَتَّى يُبَيِّنَهُ كَالْوَدِيعِ (فَإِذَا حَلَفَ غَرَّمَهُ الْمَالِكُ) الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَجْزِهِ عَنْ الْوُصُولِ إلَى عَيْنِ مَالِهِ بِيَمِينِ الْغَاصِبِ فَصَارَ كَالتَّالِفِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ لِلْمَالِكِ أُجْرَةٌ لِمَا تَعَذَّرَ مِنْ التَّلَفِ الَّذِي حَلَّفَهُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي الْحَالِ أَنْ يُحْفَظَ لِتَوَقُّعِ الِاحْتِيَاجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. اهـ سم (قَوْلُهُ مَنْ غَرَسَهَا) أَيْ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ أَقَرَّهُ سم وَعِ ش وَالزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ وَلِمَا يُضْطَرُّونَ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُهَا لِإِجَارَتِهَا، وَلَوْ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى السَّاكِنِ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ بِغَيْرِ حَقٍّ. اهـ ع ش قَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَفَ شَخْصٌ قَائِمًا مِنْ الْخَزَائِنِ عَلَى الْمُجَاوِرِينَ ثُمَّ خُصِّصَ أَحَدٌ بِخِزَانَةٍ مِنْهُ بِتَقْرِيرِ الْقَاضِي هَلْ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَهَا لِلْغَيْرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا مَا دَامَ مُجَاوِرًا فَإِنْ تَرَكَ الْمُجَاوَرَةَ بِالْمَرَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ إعْطَاؤُهَا لِمَنْ يَسْكُنُ بِالْمَسْجِدِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ وَوَضَعَهَا أَوَّلًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ فَلَهُ بَيْعُهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا ع ش وَهَلْ لَهُ إجَارَتُهَا حِينَئِذٍ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا لِكَوْنِهَا مِلْكَهُ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الْمَوْقُوفَةِ يُحَرَّرُ إطْفِيحِيٌّ. اهـ أَقُولُ قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ إعْطَاؤُهَا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ إجَارَتُهَا إلَى قَوْلِهِ أَمْ لَا إلَخْ الْأَقْرَبُ فِيهِ الثَّانِي أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْمُجَاوِرِينَ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ إلَى وَقِسْ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُهِمٌّ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَوْ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِمَّا ذُكِرَ عَنْهُ

(قَوْلُهُ أَوْ شَيْءٌ) إلَى وَخَالَفَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مِنْ زَوَائِدِهِ) أَيْ وَإِنْ حَدَثَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ نَقَصَتْ. اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَعَمَى حَيَوَانٍ) إلَى قَوْلِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَ) أَيْ عَمَلُ الْمَغْصُوبِ (فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ) أَيْ فِي تَعَذُّرِ الْعَمَلِ (أَوْ مَا نَقَصَ إلَخْ) أَيْ أُجْرَةُ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَمَلِ وَ (قَوْلُهُ مِنْ الرَّدِّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَجِبُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (بَلِيَ الثَّوْبُ) مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ أَيْ خَلَقَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُصِيَ) إلَى الْفَصْلِ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَقَطَا بِآفَةٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِسُقُوطِهِمَا بِآفَةٍ

(فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ) (قَوْلُهُ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِب إلَخْ) أَيْ فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتِهِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَجِنَايَتُهُ) عَطْفٌ عَلَى مَا يَنْقُصُ إلَخْ وَالضَّمِيرُ لِلْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ وَتَوَابِعُهُمَا) أَيْ تَوَابِعُ الِاخْتِلَافِ وَالضَّمَانِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ رَدَّهُ نَاقِصَ الْقِيمَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ إلَخْ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ الْغَاصِبُ) إلَى قَوْلِهِ فَصَارَ كَالتَّالِفِ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَخَذَ إلَى مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُعْرَفْ فَإِنْ عُرِفَ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ أَوْ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ قَالَهُ الْحَلَبِيُّ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ كَالْوَدِيعِ وَقَوْلُ الْمُغْنِي وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ صَارَ كَالتَّالِفِ ش. اهـ سم (قَوْلُهُ لِمَا بَعْدَ زَمَنِ التَّلَفِ) وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلتَّلَفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

نَحْوِ عَرَفَةَ قُدِّمَتْ وَعَلَى هَذَا فَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي إذَا لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ فِي الْحَالِ أَنْ يُحْفَظَ لِتَوَقُّعِ الِاحْتِيَاجِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ الرَّدِّ إلَى الْبُرْءِ) فِيهِ اعْتِبَارُ أُجْرَتِهِ سَلِيمًا

(فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ إلَخْ) (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ صَارَ كَالتَّالِفِ ش (قَوْلُهُ لِمَا بَعْدَ زَمَنِ التَّلَفِ) بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي حَلِفِهِ زَمَنَ التَّلَفِ فَهَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>