للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ» فَلَوْ غَسَلَ رِجْلًا وَأَدْخَلَهَا ثُمَّ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ حَتَّى يَنْزِعَ الْأُولَى لِإِدْخَالِهَا قَبْلَ كَمَالِ الطُّهْرِ وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي سَاقِ الْخُفِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا مَحَلَّ الْقَدَمِ أَوْ وَهُمَا فِي مَقَرِّهِمَا ثُمَّ نَزَعَهُمَا عَنْهُ إلَى سَاقِ الْخُفِّ ثُمَّ أَعَادَهُمَا إلَيْهِ جَازَ الْمَسْحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَبِسَ بَعْدَ غَسْلِهِمَا ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِهِمَا مَوْضِعَ الْقَدَمِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ الْمَسْحُ بِإِزَالَتِهِمَا عَنْ مَقَرِّهِمَا إلَى سَاقِ الْخُفِّ يُقَيِّدُهُ الْآتِي وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمَا شَيْءٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا (سَاتِرٌ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ ذُكِرَتْ شُرُوطًا نَظَرًا لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْحَالَ مُقَيِّدَةٌ لِصَاحِبِهَا وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ تَنَاوَلَهَا الْأَمْرُ كَحُجَّ مُفْرِدًا وَادْخُلْ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِخِلَافِ اضْرِبْ هِنْدًا جَالِسَةً فَإِنْ قُلْت هَذِهِ الْأَحْوَالُ هُنَا مِنْ أَيِّ الْقِسْمَيْنِ قُلْت يَصِحُّ كَوْنُهَا مِنْ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ أَيْ الْمَأْذُونَ فِيهِ لُبْسُ الْخُفِّ وَالسَّاتِرُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ نَوْعِهِ أَيْ مِمَّا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ وَمِنْ الثَّانِي بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ أَوْ تَنْشَأُ عَنْهُ (مَحَلُّ فَرْضِهِ) وَلَوْ بِنَحْوِ زُجَاجٍ شَفَّافٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا مَنْعُ نُفُوذِ الْمَاءِ وَبِهِ فَارَقَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَهُوَ قَدَمُهُ بِكَعْبَيْهِ مِنْ سَائِرِ جَوَانِبِهِ غَيْرَ الْأَعْلَى عَكْسُ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُلْبَسُ مِنْ أَسْفَلَ وَيُتَّخَذُ لِسَتْرِ أَسْفَلِ

ــ

[حاشية الشرواني]

عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَنَكَّرَ الطُّهْرَ لِيَشْمَلَ التَّيَمُّمَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِإِعْوَازِ الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسْحُ بَلْ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ لَزِمَهُ نَزْعُهُ وَالْوُضُوءُ الْكَامِلُ وَإِنْ كَانَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَأَحْدَثَ ثُمَّ تَكَلَّفَ الْوُضُوءَ لِيَمْسَحَ فَهُوَ كَدَائِمِ الْحَدَثِ وَقَدْ مَرَّ اهـ.

قَالَ الرَّشِيدِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا ثَانِيًا يَنْزِعُهُ وَيَأْتِيَ بِطُهْرٍ كَامِلٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ غَسَلَ مَا عَدَا الرِّجْلَيْنِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ هُنَا بَعْدَ النَّزْعِ إنَّمَا هُوَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ طَهُرَ سَلِسٌ إلَخْ (مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ بَعْدَ لُبْسٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ غَسَلَ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ غَسَلَهُمَا إلَى بِخِلَافِ مَا (قَوْلُهُ فَلَوْ غَسَلَ رِجْلًا إلَخْ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى مَا فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَوْ لَبِسَهُ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَهُمَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ ثُمَّ يُدْخِلَهُمَا فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ الْأُخْرَى إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَتْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْمَسْحِ مِنْ نَزْعِ الْأُولَى وَعَوْدِهَا، وَأَمَّا لَوْ لَبِسَ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى ثُمَّ لَبِسَ الْيُسْرَى بَعْدَ طُهْرِهَا فَقُطِعَتْ الْيُمْنَى فَلَا يُكَلَّفُ نَزْعَ خُفِّ الْيُسْرَى لِوُقُوعِهِ بَعْدَ كَمَالِ الطُّهْرِ ع ش (قَوْلُهُ حَتَّى يَنْزِعَ الْأُولَى) أَيْ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ مَحَلِّيٌّ وَمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ السَّاقِ ع ش (قَوْلُهُ قَبْلَ وُصُولِهِمَا إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْوُصُولِ أَوْ مُقَارِنًا لَهُ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ فِي الْمُقَارَنَةِ بِأَنَّهُ يَنْزِلُ وُصُولُهُمَا لِمَحَلِّ الْقَدَمِ مَعَ الْحَدَثِ مَنْزِلَةَ الْوُصُولِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْحَدَثِ لِقُوَّةِ الطَّهَارَةِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ خِلَافُهُ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مَنْشَؤُهُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَبِسَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ الْآتِي) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ كُرْدِيٌّ أَيْ مِنْ أَنْ لَا يَطُولَ سَاقُ الْخُفِّ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مُعْتَادًا لَظَهَرَ شَيْءٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا) إذْ الْأَصْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَدَمُ الْوُصُولِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ الزَّوَالِ عَنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَرَيَانَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِغَايَةِ التَّكَلُّفِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا فَإِنَّ الْعِبَارَةَ مُصَرِّحَةٌ بِاشْتِرَاطِ اللُّبْسِ بِهَذِهِ الْقُيُودِ فَإِنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا وَهُوَ اللُّبْسُ هُنَا وَالْمَفْهُومُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُقَيَّدِ اشْتِرَاطُ قُيُودِهِ سم عِبَارَةُ ع ش أَقُولُ إنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ مُقَيَّدٍ إذْ لَا أَمْرَ هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ فَإِذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ شَرْطَهُ اللُّبْسُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ عُلِمَ أَنَّ اللُّبْسَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يَكْفِي فِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ اهـ.

(قَوْلُهُ مُفْرِدًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَأْذُونَ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْقَاعِدَةِ يَشْمَلُ الْإِذْنَ سم (قَوْلُهُ أَيْ مِمَّا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ) لَمَّا كَانَتْ نَوْعِيَّتُهُ حَقِيقَةً مَفْقُودَةً احْتَاجَ إلَى صَرْفِهَا عَنْ ظَاهِرِهَا سم (قَوْلُهُ تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ) أَيْ كَالسَّاتِرِ وَقَوْلُهُ أَوْ تَنْشَأُ إلَخْ أَيْ كَإِمْكَانِ تِبَاعِ الْمَشْيِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَحْوِ) إلَى قَوْلِهِ وَالِاتِّصَالُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُلْبَسُ إلَى وَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَحْوِ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْبَاءِ (قَوْلُهُ زُجَاجٌ شَفَّافٌ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ) أَيْ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ مَنْعُ الرُّؤْيَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَحَلُّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ قَدَمُهُ بِكَعْبَيْهِ إلَخْ) فَلَوْ تَخَرَّقَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِنْ قَلَّ خَرْقُهُ أَوْ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ مِنْ مَوَاضِعِ الْخَرْزِ ضَرَّ وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ وُصُولِ الْمَاءِ مِنْهَا لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِخِلَافِ ظُهُورِ بَعْضِ مَحَلِّ الْفَرْضِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ سَائِرِ جَوَانِبِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَاتِرٌ مَحَلَّ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْخُفَّ (قَوْلُهُ وَيُتَّخَذُ لِسَتْرِ أَسْفَلِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الشُّرُوعَ فِيهِ هُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ الْمَسْحُ.

(قَوْلُهُ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَرَيَانَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِغَايَةِ التَّكَلُّفِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا فَإِنَّ الْعِبَارَةَ مُصَرِّحَةٌ بِاشْتِرَاطِ اللُّبْسِ بِهَذِهِ الْقُيُودِ فَإِنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا وَهُوَ اللُّبْسُ هُنَا وَالْمَفْهُومُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُقَيَّدِ اشْتِرَاطُ قُيُودِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَأْذُونَ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْقَاعِدَةِ يَشْمَلُ الْإِذْنَ (قَوْلُهُ أَيْ مِمَّا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ) لَمَّا كَانَتْ نَوْعِيَّتُهُ حَقِيقَةً مَفْقُودَةً احْتَاجَ إلَى صَرْفِهَا عَنْ ظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ مَحَلُّ فَرْضِهِ) .

فَرْعٌ

لَوْ كَانَ لَهُ زَائِدٌ مِنْ رِجْلٍ أَوْ أَكْثَرَ وَوَجَبَ غَسْلُهُ بِأَنْ كَانَ نَابِتًا فِي الْأَصْلِيِّ أَوْ مُحَاذِيًا لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ جَعْلِهِ فِي الْخُفِّ لَكِنْ هَلْ يَجِبُ إفْرَادُهُ بِخُفٍّ عَنْ الْأَصْلِيِّ أَوْ يَكْفِي ضَمُّهُ مَعَ الْأَصْلِيِّ فِي خُفٍّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ طُهْرُهُ تَبَعًا لِلْأَصْلِيِّ فَهُوَ مَعَهُ كَخُفٍّ وَاحِدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَجِبُ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّهِ أَيْضًا أَوْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>