لَكِنْ نَظَرَ فِي أَكْثَرِهَا وَمِنْ جُمْلَتِهَا الَّذِي لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ قَوْلُهُ
(وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (بِقَوْلِهِ آجَرْتُكَ) أَوْ أَكْرَيْتُكَ (مَنْفَعَتَهَا) أَيْ الدَّارَ سَنَةً مَثَلًا بِكَذَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا فَيَكُونُ ذِكْرُهَا تَأْكِيدًا وَادِّعَاءً أَنَّ لَفْظَهَا إنَّمَا وُضِعَ مُضَافًا لِلْعَيْنِ فَلَا يُضَافُ لِلْمَنْفَعَةِ مَمْنُوعٌ وَقَوْلُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (مَنْعُهَا) أَيْ مَنْعُ انْعِقَادِهَا (بِقَوْلِهِ بِعْتُك) أَوْ اشْتَرَيْت (مَنْفَعَتَهَا) لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَاخْتَارَ جَمْعٌ الْمُقَابِلَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى فَإِنَّهَا صِنْفٌ مِنْهُ إذْ هِيَ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ، قِيلَ هَذَا كُلُّهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ دُونَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا اهـ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَآجَرْتُكِ أَوْ بِعْتُك مَنْفَعَةَ دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا.
(وَهِيَ قِسْمَانِ وَارِدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا بَعْدَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا (وَدَابَّةٍ أَوْ شَخْصٍ) أَيْ آدَمِيٍّ وَلِكَوْنِهِ ضِدَّ الدَّابَّةِ اتَّضَحَتْ التَّثْنِيَةُ الْمُغَلَّبُ فِيهَا الْمُذَكَّرُ لِشَرَفِهِ فِي قَوْلِهِ (مُعَيَّنَيْنِ) فَيُتَصَوَّرُ فِيهِمَا إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَنَّ حُلِيَّ الذَّهَبِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِالذَّهَبِ وَحُلِيَّ الْفِضَّةِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ بِالْفِضَّةِ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ إلَّا عَلَى التَّخْرِيجِ بِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ الْعَيْنُ وَقَدْ صَارَ خِلَافًا مُحَقَّقًا وَنَشَأَ مِنْهُ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْفَرْعِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ نَظَرَ فِي أَكْثَرِهَا) أَيْ الْفَوَائِدِ (قَوْلُهُ وَمِنْ جُمْلَتِهَا) حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ عَلَى قَوْلٍ، وَالْمُبْتَدَأُ هُوَ قَوْلُهُ الَّذِي وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ إلَخْ اهـ سم وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَتِهَا خَبَرًا لِقَوْلِهِ قَوْلُهُ وَيَكُونُ الَّذِي نَعْتًا لِجُمْلَتِهَا الَّتِي لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا بِالتَّاءِ فَتُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ كَالْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ.
(قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَادِّعَاءُ أَنَّ إلَخْ) رَدٌّ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ مُضَافًا لِلْعَيْنِ) أَيْ مُرْتَبِطًا بِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْمَنْفَعَةَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي أَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْعَيْنُ أَوْ الْمَنْفَعَةُ وَالصِّحَّةُ عَلَى قَوْلِ الْعَيْنِ وَالْمَنْعُ عَلَى قَوْلِ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ كِنَايَةً فِيهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ بِعْتُك يُنَافِي قَوْلَهُ سَنَةً فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ فِيهَا كِنَايَةٌ هَذَا كُلُّهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَكْفِي فِيهَا أَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا فَيَقُولُ قَبِلْت كَمَا فِي الْكَافِي أَوْ الْتَزَمْت اهـ وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ) أَيْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ الْمُقَابِلَ) أَيْ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ مِنْ الِانْعِقَادِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ كَانَ الْأَوْجَهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا وَلِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ أَيْ قَوْلُهُ بِعْتُك مَنْفَعَتَهَا لَا يَكُونُ كِنَايَةً وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ مَرْدُودٌ بِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ إذْ لَفْظُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَيُنَافِي ذِكْرَ الْمُدَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ) أَيْ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ كَآجَرْتُكِ أَوْ بِعْتُك إلَخْ) أَيْ وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُ الْإِجَارَةِ بِالْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ مَنْفَعَةٍ مُرْتَبِطَةٍ بِعَيْنٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ) إلَى قَوْلِهِ وَزَعَمَ فَرَّقَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ) أَيْ الْعَقَارَ (بِمَا بَعْدَهُ) أَيْ بِقَيْدِ مَا بَعْدَهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ بِالتَّعْيِينِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الدَّابَّةَ وَالشَّخْصَ (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ) تَعْلِيلٌ لِلنَّفْيِ اهـ سم أَيْ تَرَكَ التَّقْيِيدَ بِمَا بَعْدَهُ لِيُفِيدَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِانْتِفَاءِ التَّصَوُّرِ وَالضَّمِيرُ لِلْعَقَارِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَلِكَوْنِهِ إلَخْ) وَيُمْكِنُ جَعْلُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَيَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ التَّثْنِيَةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ إنَّ أَوْ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: ١٣٥] لِلتَّنْوِيعِ وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْوَاوِ فِي وُجُوبِ الْمُطَابَقَةِ نَصَّ عَلَيْهِ الْآمِدِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ قَالَ مُعَيَّنٌ بِالْإِفْرَادِ وَافَقَ الْمَعْرُوفَ لُغَةً مِنْ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْإِفْرَادَ وَلِهَذَا أُجِيبَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا} [النساء: ١٣٥] إلَخْ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّنْوِيعُ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَبْوَابِ اهـ.
(قَوْلُهُ ضِدَّ الدَّابَّةِ) أَيْ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي ذَاتَ الْأَرْبَعِ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ اتَّضَحَتْ التَّثْنِيَةُ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا كَوْنُ الْعَطْفِ بِأَوْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِ الْإِفْرَادِ بَعْدَهَا إذَا كَانَتْ لِلشَّكِّ أَوْ نَحْوِهِ لَا لِلتَّنْوِيعِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ التَّثْنِيَةُ (قَوْلُهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الِاقْتِضَاءِ وَعَلَيْهِ فَيَرِدُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ مَعَ أَنَّ مَعْنَى انْتَفِعْ اسْتَوْفِ مَنَافِعَهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَدَعْوَى هَذَا الِاقْتِضَاءِ مِمَّا لَا سَنَدَ لَهَا إلَّا مُجَرَّدُ التَّخَيُّلِ وَمَا تَقُولُ فِي نَحْو لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ أَنْ أَعْتَكِفَ هَذَا الْيَوْمَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ مَعَ ظَرْفِيَّةِ السَّنَةِ وَالْيَوْمِ لَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ ظَرْفِيَّةً لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ جُمْلَتِهَا) حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ عَلَى قَوْلٍ وَالْمُبْتَدَأُ هُوَ قَوْلُهُ الَّذِي وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ إلَى قَوْلِهِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ) وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ مَرْدُودٌ بِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ؛ إذْ لَفْظُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَيُنَافِي ذِكْرَ الْمُدَّةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ) قِيلَ بَلْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ غَيْرُ كِنَايَةٍ أَيْضًا لِتَنَافِي اللَّفْظِ وَتَهَافُتِهِ؛ إذْ ذِكْرُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الْعَيْنِ وَذِكْرُ الْمَنْفَعَةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ انْتَهَى وَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الْعَيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِي بَيْعِ رَأْسِ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِيُفِيدَ) تَعْلِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ ش (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَدَابَّةٌ أَوْ شَخْصٌ مُعَيَّنَيْنِ) يُمْكِنُ جَعْلُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَيَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ التَّثْنِيَةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْمُغْنِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ فِي أَمْثِلَةِ الِاعْتِرَاضِ مَا نَصُّهُ وَنَحْوُ {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى} [النساء: ١٣٥] قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ مَالِكٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَوَابَ فَاَللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ كَمَا تَوَهَّمُوا لِأَنَّ أَوْ هُنَا لِلتَّنْوِيعِ وَحُكْمُهَا حُكْمُ