للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا الْمُرَادُ حُسْبَانُ مَا مَضَى مِنْ الْوِلَادَةِ وَمُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ بَلَغَ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثِينَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا قَبْلَ الثَّلَاثِينَ وَإِلَّا فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ حِينَئِذٍ إلَّا لِسَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْعُمُرَ الْغَالِبَ قَدْ مَضَى أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَغْلِبُ فِيهِ بَقَاءُ الْعَيْنِ قَدْ مَضَى فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ اعْتَبَرُوا الْعُمُرَ الْغَالِبَ ثَمَّ لَا هُنَا قُلْتُ لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي مُطْلَقِ الْبَقَاءِ وَهُنَا فِي بَقَاءٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مَا أَشَرْتُ إلَيْهِ بِقَوْلِي بِصِفَاتِهَا الْمَقْصُودَةِ

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَجُوزُ فِي الْقِنِّ سِتُّونَ سَنَةً أَيْ هِيَ مُنْتَهَاهَا وَكَذَا الْآتِي لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ» أَيْ الْغَالِبُ فِيهِمْ ذَلِكَ وَجَوَّزَ ابْنُ كَجٍّ فِيهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ وَفِي الدَّابَّةِ عِشْرُونَ وَالدَّارِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَالْأَرْضِ خَمْسُمِائَةٍ فَأَكْثَرُ وَجَوَّزَ فِي الشَّامِلِ كَالْقَفَّالِ بُلُوغَهَا فِيهَا أَلْفًا وَاعْتُرِضَ بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ بِهَا لِبُعْدِ بَقَاءِ الدُّنْيَا إلَيْهَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ لَكِنْ إنْ وَقَعَ عَلَى وَفْقِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ لِعَيْنِ الْوَقْفِ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ عِمَارَتُهُ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابٍ حَافِلٍ سَمَّيْته الْإِتْحَافُ بِبَيَانِ حُكْمِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ.

وَاصْطِلَاحُ الْحُكَّامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لِئَلَّا يَنْدَرِسَ اسْتِحْسَانٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ مُجْتَهِدٍ شَافِعِيٍّ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا اشْتَرَطْنَا ذَلِكَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ بِغَلَبَةِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْوَقْفِ عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ وَأَيْضًا فَشَرْطُهَا فِي غَيْرِ نَاظِرٍ مُسْتَحِقٍّ وَحْدَهُ أَنْ يَكُونَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَقْوِيمُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْبَعِيدَةِ صَعْبٌ وَأَيْضًا فَفِيهَا مَنْعُ الِانْتِقَالِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَضَيَاعُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِمْ غَالِبًا إذَا قُبِضَتْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ إلَّا سَنَةً مَثَلًا وَأَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُؤَجِّرُ مُوَلِّيَهُ أَوْ مَالَهُ إلَّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ وَمَرَّ أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يُؤَجِّرُ

ــ

[حاشية الشرواني]

التِّسْعِينَ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ حُسْبَانُ مَا مَضَى إلَخْ) مَحَلُّ نَظَرٍ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُمُرِ الْغَالِبِ فَالْعَبْدُ الَّذِي عُمُرُهُ عَشْرُ سِنِينَ لَا مَانِعَ مِنْ اسْتِئْجَارِهِ خَمْسِينَ سَنَةً وَاَلَّذِي عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ لَا يُسْتَأْجَرُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَ السِّتِّينَ لَمْ يُسْتَأْجَرْ إلَّا سَنَةً فَلْيُتَأَمَّلْ سَيِّدُ عُمَرَ وَسم وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ وَالْحَلَبِيِّ مِثْلُهُ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يُوَافِقُهُ بَلْ الْمُرَادُ الْمَذْكُورُ مُخَالِفٌ لِلْمَتْنِ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ بَلْ يُرْجَعُ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ هَذَا) أَيْ الْمُرَادُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ بَعْدَ الْعُمُرِ الْغَالِبِ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ) أَيْ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤَجَّرُ بَعْدَ بُلُوغِ الثَّلَاثِينَ إلَّا سَنَةً كَمَا يُصَرِّحُ بِكَوْنِ الْمُرَادِ هَذَا سَابِقُ كَلَامِهِ وَلَاحِقُهُ لَكِنْ لَا يَتَّجِهُ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ مَا يَغْلِبُ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الزَّكَاةِ (لَا هُنَا) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَهُنَا فِي بَقَاءٍ مَخْصُوصٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْغَالِبَ بَقَاءُ الْقِنِّ إلَى خَمْسِينَ بِصِفَاتِهَا الْمَقْصُودَةِ فَلَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ فَارِقًا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْآتِي) أَيْ قَوْلُهُ وَفِي الدَّابَّةِ إلَخْ الْمَعْطُوفُ عَلَى فِي الْقِنِّ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ إيجَارِ الْقِنِّ (قَوْلُهُ بُلُوغَهَا فِيهَا) أَيْ بُلُوغَ الْمُدَّةِ فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مُدَّةَ الْبَقَاءِ غَالِبًا اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي

(تَنْبِيهٌ)

قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالطِّلْقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اهـ

(قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ وَقَعَ عَلَى وَفْقِ الْحَاجَةِ إلَخْ) (فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً وَهِيَ مُنْهَدِمَةٌ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ تُرَاعَى أُجْرَتُهَا بِاعْتِبَارِ حَالَتِهَا الْآنَ أَوْ بِاعْتِبَارِ حَالَتِهَا بَعْدَ الْعِمَارَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُفْرَضُ بِنَاؤُهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَئُولُ أَمْرُهَا إلَيْهَا بِالْعِمَارَةِ عَادَةً ثُمَّ يُعْتَبَرُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُعَجَّلَةً وَهِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا لَوْ قُسِّطَتْ عَلَى الْأَشْهُرِ أَوْ السِّنِينَ بِحَيْثُ يَقْبِضُ مِنْ آخِرِ كُلِّ قِسْطٍ مَا يَخُصُّهُ وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا تِلْكَ الصِّفَةَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إيجَارِهَا كَذَلِكَ أَنْ تُبْنَى بِالْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْآنَ كَانَ إضَاعَةً لِلْوَقْفِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُرْغَبُ فِيهَا كَذَلِكَ بِأُجْرَةٍ قَلِيلَةٍ جِدًّا اهـ ع ش وَفِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ فَإِنَّ فِيمَا رَجَّحَهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ حَالَتَيْ خَرَابِ وَعِمَارَةِ عَرْصَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا أَحْسِبُ أَنَّ أَحَدًا يُسَوِّغُهَا قِيمَةً أَوْ أُجْرَةً فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحُ الْحُكَّامِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانٌ إلَخْ) خَبَرُهُ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانٌ مِنْهُمْ إلَخْ) وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ فِي ذَلِكَ كَالْأَذْرَعِيِّ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُ اسْمِ الْوَقْفِ وَتَمَلُّكُ الْعَيْنِ بِسَبَبِ طُولِ مُدَّتِهَا اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ أَيْ مِنْ الصِّحَّةِ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ رُدَّ) أَيْ ذَلِكَ الِاصْطِلَاحُ وَكَذَا الضَّمَائِرُ الْأَرْبَعَةُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا شَرَطْنَا ذَلِكَ) أَيْ الْوُقُوعَ عَلَى وَفْقِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ لِعَيْنِ الْوَقْفِ وَ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَائِدٌ إلَى قَوْلِهِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ إلَخْ وَتَعْلِيلٌ لِلِاشْتِرَاطِ وَ (قَوْلُهُ فَشَرْطُهَا) أَيْ إجَارَةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُ الْمُدَّةِ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَفِيهَا) أَيْ إجَارَةِ الْوَقْفِ مُدَّةً بَعِيدَةً (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُتَّبَعُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ عَقَّبَ مَسْأَلَتَيْ الْإِقْطَاعِ وَمَنْذُورِ الْعِتْقِ بِمَا نَصَّهُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ

وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ فَإِذَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْإِقْطَاعِ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَتَأَخَّرُ الشِّفَاءُ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ اهـ وَاعْتَمَدَهُ سم وَعِ ش كَمَا يَأْتِي وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُ م ر وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ أَوْ إرْفَاقٍ كَمَا يَأْتِي اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ آجَرَهُ مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَإِنْ اُحْتُمِلَ بُلُوغُهُ بِالِاحْتِلَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَا يُؤَجِّرُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

إلَيْهَا غَالِبًا فَهَلْ تَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ حُسْبَانُ مَا مَضَى مِنْ الْوِلَادَةِ وَمُدَّةِ الْإِجَارَةِ إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ مِنْ عِبَارَتِهِمْ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ إيجَارِ عَبْدٍ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَثَلًا ثَلَاثِينَ سَنَةً مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى إلَيْهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْبَعِيدَةِ صَعْبٌ) قَدْ يُقَالُ مُجَرَّدُ الصُّعُوبَةِ لَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ (قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>