للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِ عَامِرٍ وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ

وَأَصْلُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَنْ عَمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» وَصَحَّ أَيْضًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» وَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجْ فِي الْمِلْكِ هُنَا إلَى لَفْظٍ؛ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ عَامٌّ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقْطَعَهُ أَرْضَ الدُّنْيَا كَأَرْضِ الْجَنَّةِ لِيُقْطِعَ مِنْهُمَا مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِكُفْرِ مُعَارِضِ أَوْلَادِ تَمِيمٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِيمَا أَقْطَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِأَرْضِ الشَّامِ لَكِنْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَيُسَنُّ التَّمَلُّكُ بِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي أَيْ طُلَّابُ الرِّزْقِ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ» ثُمَّ تِلْكَ الْأَرْضُ (إنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلِلْمُسْلِمِ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ كَمَجْنُونٍ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ مِمَّا يَأْتِي (تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ) وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ وَعَبَّرَ بِذَلِكَ الْمُشْعِرِ بِالْقَصْدِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ (وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ تَمَلُّكُ ذَلِكَ (لِذِمِّيٍّ) وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مُرْسَلًا «عَادِيُّ الْأَرْضِ» أَيْ قَدِيمُهَا وَنُسِبَ لِعَادٍ لِقِدَمِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ «لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي» وَإِنَّمَا جَازَ

ــ

[حاشية الشرواني]

جَوَازِ إحْيَائِهِ فِي قَوْلِهِ م ر وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ إلَخْ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ م ر وَسَيَأْتِي عَدَمُ جَوَازِ إحْيَائِهِ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ

(قَوْلُهُ مِنْ حُقُوقِ عَامِرٍ) أَيْ حَرِيمِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ) كَحَافَّاتِ الْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ تَمَلُّكُ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ مَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا كَالطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ وَكَذَا عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةٌ وَمِنًى وَمَا حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ تُعَمَّرْ قَطُّ مَا كَانَ مَعْمُورًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ خَرِبَ وَبَقِيَ آثَارُ عِمَارَتِهِمْ فَلِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَمَا عَمَرَهُ الْكَافِرُ فِي مَوَاتِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ مَنْ عَمَرَ أَرْضًا إلَخْ) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ لُغَةُ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: ١٨] وَيَجُوزُ فِيهِ التَّشْدِيدُ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا) اسْمُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَيْضًا إلَخْ) ذَكَرَهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالِاخْتِصَاصِ إذْ قَوْلُهُ أَحَقُّ فِي الْأَوَّلِ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ حَقًّا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِصِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ وَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْعِلِّيَّةِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ أَقْطَعَهُ) أَيْ أَعْطَاهُ

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ) عِبَارَةُ ع ش لَكِنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِ بِالْمُعَارَضَةِ إذْ غَايَتُهَا انْتِزَاعُ عَيْنٍ مِنْ يَدِ مُسْتَحِقِّهَا نَعَمْ إنْ حُمِلَ عَلَى مُسْتَحِلِّ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ التَّكْفِيرُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ فَلَمْ يُجْمِعُوا إلَّا عَلَى مُطْلَقِ الْإِحْيَاءِ رَشِيدِيٌّ وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ الْإِحْيَاءِ وَ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الْأَرْضِ أَيْ فِي إحْيَائِهَا (أَجْرٌ) أَيْ ثَوَابٌ وَ (قَوْلُهُ طُلَّابُ الرِّزْقِ) أَيْ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ طَيْرٍ اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلِلْمُسْلِمِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (تَمَلُّكُهَا إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ تَحَجَّرَ مُسْلِمٌ مَوَاتًا وَلَمْ يَتْرُكْ حَقَّهُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَسْقُطُ فِيهَا حَقُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ تَمَلُّكُهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ مَلَكَهُ وَإِنْ حُمِلَ الْجَوْرُ فِي كَلَامِهِ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا إيرَادَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ) شَامِلٌ لِصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَيْ بِشَرْطِ تَمْيِيزِهِ اهـ لَكِنْ يُعَارِضُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَجْنُونٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ اهـ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ أَمَّا هُوَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَهُوَ لِمَنْ وَقَعَ الْإِحْيَاءُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْغَايَةِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا كَمَجْنُونٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمُرَادُهُمَا بِذَلِكَ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ قَوْلُ الْمَتْنِ (تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ) نَعَمْ لَوْ حَمَى أَيْ الْإِمَامُ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ مَوْضِعًا مِنْ الْمَوَاتِ فَأَحْيَاهُ شَخْصٌ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْأَئِمَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّمَلُّكِ وَ (قَوْلُهُ الْمُشْعِرِ بِالْقَصْدِ) فَإِنَّ التَّمَلُّكَ يَلْزَمُهُ الْقَصْدُ كُرْدِيٌّ وَعِ ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) أَيْ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَقْصِدَ الْمُحْيِي لَا لِأَنَّ الْقَصْدَ شَرْطٌ فِي الْإِحْيَاءِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ مِمَّنْ لَا قَصْدَ لَهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ اهـ كُرْدِيٌّ وَهُوَ يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ سم مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ أَيْ التَّمَلُّكَ اهـ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيِّنُ (قَوْلُهُ أَيْ تَمَلُّكُ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ إحْيَاءُ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ تَمَلُّكُ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْيَا ذَلِكَ لِلْإِرْفَاقِ لَا يُمْنَعُ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا ازْدَحَمَ مَعَ مُسْلِمٍ فِي إرَادَةِ الْإِحْيَاءِ أَنْ يُقَدَّمَ السَّابِقُ وَلَوْ ذِمِّيًّا فَإِنْ جَاءَا مَعًا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِدَارِ كُفْرٍ لَمْ يَذُبُّونَا عَنْ مَوَاتِهَا اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (لِذِمِّيٍّ) وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ) فَلَوْ أَحْيَا ذِمِّيٌّ أَرْضًا مَيْتَةً بِدَارِنَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ نُزِعَتْ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ فَلَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ وَأَحْيَاهَا مَلَكَهَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فَإِنْ بَقِيَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ نَقَلَهَا وَلَوْ زَرَعَهَا الذِّمِّيُّ وَزَهِدَ فِيهَا أَيْ تَرَكَهَا تَبَرُّعًا صَرَفَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ فِي الْمَصَالِحِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّهُ اسْتِعْلَاءٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِمْ بِدَارِنَا اهـ.

(قَوْلُهُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ إلَخْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَحَقُّقِهَا بِأَنْ لَا يُرَى أَثَرُهَا وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا مِنْ أُصُولِ شَجَرٍ وَنَهْرٍ وَجُدُرٍ وَأَثَافٍ وَأَوْتَادٍ وَنَحْوِهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ) شَامِلٌ لِصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ أَحْيَا ذِمِّيٌّ أَرْضًا مَيْتَةً أَيْ بِدَارِنَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ نُزِعَتْ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ فَلَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ وَأَحْيَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ مَلَكَهَا فَلَوْ زَرَعَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>