للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَجْلِسُ بِهِ مُطْلَقًا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا يَفْعَلُهُ وُكَلَاءُ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ بَيْعِ بَعْضِهِ زَاعِمِينَ أَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ النَّاسِ لَا أَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى فَاعِلُ ذَلِكَ وَشَنَّعَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا عَلَى بَيْعِهِمْ حَافَّاتِ الْأَنْهَارِ وَعَلَى مَنْ يَشْهَدُ أَوْ يَحْكُمُ بِأَنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَكَالشَّارِعِ فِيمَا ذُكِرَ الرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الدُّورِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ إقْطَاعِ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى إقْطَاعِ التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَنَا جَوَازُ إقْطَاعِ الِارْتِفَاقِ بِالشَّارِعِ أَيْ بِمَا لَا يَضُرُّ مِنْهُ بِوَجْهٍ فَيَصِيرُ كَالْمُتَحَجِّرِ وَكَالشَّارِعِ حَرِيمُ مَسْجِدٍ لَمْ يَضُرَّ الِارْتِفَاقُ بِهِ أَهْلَهُ بِخِلَافِ رَحَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْهُ وَحَكَى الْأَذْرَعِيُّ قَوْلَيْنِ فِي حِلِّ الْجُلُوسِ فِي أَفْنِيَةِ الْمَنَازِلِ وَحَرِيمِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مُلَّاكِهَا ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إنْ عُلِمَ الْحَرِيمُ، أَمَّا فِي وَقْتِنَا هَذَا فِي الْأَمْصَارِ وَنَحْوِهَا الَّتِي لَا يُدْرَى كَيْفَ صَارَ الشَّارِعُ فِيهَا شَارِعًا فَيَجِبُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ الْقُعُودِ فِي أَفْنِيَتِهَا وَأَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ لِأَرْبَابِهَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ.

وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ. اهـ. وَاعْتَمَدُوهُ بَلْ قَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا وَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ خَرْقَ الْإِجْمَاعِ وَلَوْ فِعْلِيًّا مُحَرَّمٌ عَلَى مُفْتِي زَمَانِنَا وَحَاكِمِهِ لِانْتِفَاءِ الِاجْتِهَادِ عَنْهُمَا، فَإِنْ فُرِضَ وُجُودُ مُجْتَهِدٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَيْ الْخَرْقُ فِي الْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ كَالْقَوْلِيِّ وَهُوَ الْوَجْهُ. اهـ. وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي إجْمَاعٍ فِعْلِيٍّ عُلِمَ صُدُورُهُ مِنْ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ فَلَا عِبْرَةَ بِإِجْمَاعِ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا ذَكَرْت هَذَا؛ لِأَنَّ الْأَذْرَعِيَّ وَغَيْرَهُ كَثِيرًا مَا يَعْتَرِضُونَ الشَّيْخَيْنِ وَالْأَصْحَابَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْفِعْلِيَّ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ فَإِذَا عَلِمْتَ ضَابِطَهُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ الِاعْتِرَاضُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ إجْمَاعُ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ أَوْ لَا، نَعَمْ مَا ثَبَتَ فِيهِ أَنَّ الْعَامَّةَ تَفْعَلُهُ وَجَرَتْ أَعْصَارُ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِهِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ لَهُ يُعْطِي حُكْمَ فِعْلِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ.

ــ

[حاشية الشرواني]

سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ رَحَبَتِهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَشَنَّعَ إلَى قَالَ، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَرَافِقِ إلَى؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: لِأَحَدٍ) أَيْ لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْوُلَاةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَجْلِسُ بِهِ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَخْذِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْجُلُوسِ بِهِ لِسَبْقِهِ وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ تَجْوِيزُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ لَعَلَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فَإِنَّ الثَّانِي يُخْرِجُهُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ إلَى الِاخْتِصَاصِ، بَلْ إلَى التَّمَلُّكِ كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ بِبَيْعٍ أَمْ لَا لِاسْتِدْعَاءِ الْبَيْعِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَيْعُ الْمَوَاتِ وَلَا قَائِلَ بِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: زَاعِمِينَ أَنَّهُ) أَيْ مَا أَخَذُوا عِوَضَهُ. اهـ. ع ش وَالْأَوْلَى أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَنَا جَوَازُ إقْطَاعِ) قَدَّمْتُ فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّهُ نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الْجِنَايَاتِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ لِلْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي إقْطَاعِ الشَّوَارِعِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقْطَعِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ وَيَتَمَلَّكَهُ وَأَنَّ الشَّارِحَ أَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِمَادِهِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُمَا فِي بَابِ الصُّلْحِ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلطُّرُوقِ بِحَيْثُ لَا يُتَوَقَّعُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَلَوْ عَلَى النُّدُورِ، وَفِي الرَّوْضِ هُنَا وَلَوْ أَقْطَعَهُ إيَّاهُ الْإِمَامُ جَازَ لَا بِعِوَضٍ وَلَا تَمْلِيكٍ انْتَهَى. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ بُقْعَةً ارْتِفَاقًا لَا بِعِوَضٍ وَلَا تَمْلِيكٍ فَيَصِيرُ الْمُقْطَعُ بِهِ كَالْمُتَحَجِّرِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهُ بِالْإِحْيَاءِ وَيَجُوزُ الِارْتِفَاقُ أَيْضًا بِغَيْرِ الشَّارِعِ كَالصَّحَارِيِ لِنُزُولِ الْمُسَافِرِينَ إنْ لَمْ يَضُرَّ النُّزُولُ بِالْمَارَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحَكَى الْأَذْرَعِيُّ قَوْلَيْنِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَأَمَّا الِارْتِفَاقُ بِأَفْنِيَةِ الْمَنَازِلِ فِي الْأَمْلَاكِ فَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَصْحَابِهَا مُنِعُوا مِنْ الْجُلُوسِ فِيهَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْجُلُوسُ عَلَى عَتَبَةِ الدَّارِ لَمْ يَجُزْ الْجُلُوسُ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهَا وَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ وَيُجْلِسَ غَيْرَهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَى الْجُلُوسِ فِي فِنَاءٍ لِدَارٍ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ وَحُكْمُ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَفِنَاءِ الدَّارِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ وَمِثْلُهُ أَيْ الشَّارِعِ حَرِيمُ الدَّارِ وَأَفْنِيَتُهَا وَأَعْتَابُهَا فَيَجُوزُ الْمُرُورُ مِنْهَا وَالْجُلُوسُ فِيهَا وَعَلَيْهَا وَلَوْ لِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْحَرِيمَ مَمْلُوكٌ. اهـ. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْعَتَبَةِ.

(قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَدْرِي كَيْف صَارَ الشَّارِعُ إلَخْ) فِي هَذَا الْكَلَامِ إشْعَارٌ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي فِي الشَّارِعِ فَرَاجِعْهُ. اهـ. سم أَقُولُ ظَاهِرُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي وَالْقَلْيُوبِيِّ الْإِطْلَاقُ وَعَدَمُ تَقْيِيدِ الْمَنَازِلِ بِكَوْنِهَا فِي الشَّارِعِ. (قَوْلُهُ: مُحَرَّمٌ عَلَى مُفْتِي زَمَانِنَا وَحَاكِمِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ انْقَطَعَ بَعْدَ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالشَّيْخُ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: ضَابِطَهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ (قَوْلُهُ: إجْمَاعُ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِالِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقُ الْمُسْتَقِلُّ أَوْ وَلَوْ الْمُنْتَسِبُ؟ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ اتَّضَحَ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إلَخْ وَإِنْ أُرِيدَ مَا يَعُمُّ الثَّانِي فَتَعْقِيبُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لَا سِيَّمَا مَعَ تَقْرِيرِ مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ مَا ثَبَتَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِمْ بِهِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ لَهُ إلَخْ) أَقُولُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَنَا جَوَازُ إقْطَاعِ الِارْتِفَاقِ بِالشَّارِعِ أَيْ بِمَا لَا يَضُرُّ مِنْهُ بِوَجْهٍ) قَدَّمْتُ فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّهُ نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الْجِنَايَاتِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ لِلْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي إقْطَاعِ الشَّوَارِعِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقْطَعِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ وَيَتَمَلَّكَهُ وَأَنَّ الشَّارِحَ أَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِمَادِهِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُمَا فِي بَابِ الصُّلْحِ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلطُّرُوقِ بِحَيْثُ لَا يُتَوَقَّعُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَلَوْ عَلَى النُّدُورِ. اهـ. وَفِي الرَّوْضِ هُنَا وَلَوْ أَقْطَعهُ إيَّاهُ الْإِمَامُ جَازَ لَا بِعِوَضٍ وَلَا تَمْلِيكًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي وَقْتِنَا هَذَا فِي الْأَمْصَارِ وَنَحْوِهَا الَّتِي لَا يَدْرِي كَيْفَ صَارَ الشَّارِعُ فِيهَا شَارِعًا إلَخْ) فِي هَذَا الْكَلَامِ إشْعَارٌ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي فِي الشَّارِعِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِمْ بِهِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ لَهُ) أَقُولُ مِثْلُ هَذَا إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>