مَا فِيهِ مَقَرٌّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ تَابِعٌ وَفَارَقَ الْمَعْدِنَ الظَّاهِرُ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَنَاهِلِ وَالْكَلَأِ وَالْحَطَبِ.
وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى مَنْعِ إقْطَاعِ مَشَارِعِ الْمَاءِ فَكَذَا الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ الْعَامَّةِ وَأَخْذِهَا بِغَيْرِ عَمَلٍ. اهـ. فَالْأَوَّلُ مَحْمَلُهُ مَا إذَا قَصَدَ الْأَيْكَةَ لَا مَحَلَّهَا وَالثَّانِي مَحْمَلُهُ مَا إذَا قَصَدَ إحْيَاءَ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ مَا فِيهَا حَتَّى الْكَلَأَ وَإِطْلَاقُهُمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا لَيْسَ فِي مَمْلُوكٍ وَعَلَى عَدَمِ مِلْكِهِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ فَيَمْلِكُهُ بُقْعَةً وَنَيْلًا إجْمَاعًا عَلَى مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ وَأَمَّا مَا فِيهِ عِلَاجٌ كَأَنْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ بُقْعَةٌ لَوْ حُفِرَتْ وَسِيقَ الْمَاءُ إلَيْهَا ظَهَرَ الْمِلْحُ فَيُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا
(فَإِنْ ضَاقَ نَيْلُهُ) أَيْ الْحَاصِلِ مِنْهُ عَنْ اثْنَيْنِ تَسَابَقَا إلَيْهِ وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الْبَاطِنُ الْآتِي (قُدِّمَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا إلَيْهِ لِسَبْقِهِ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) عُرْفًا فَيَأْخُذُ مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّهُ بِانْصِرَافِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا (فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً) عَلَى حَاجَتِهِ (فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ) لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الْمَعَادِنِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَضُرَّ الْغَيْرَ وَإِلَّا أُزْعِجَ جَزْمًا (فَلَوْ جَاءَا) إلَيْهِ (مَعًا) أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا مُرَجِّحَ وَإِنْ وَسِعَهُمَا اجْتَمَعَا، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ إلَّا بِرِضَاهُ كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ وَحُمِلَ عَلَى أَخْذِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْبُقْعَةِ لَا النَّيْلِ فَلَهُ أَخْذُ الْأَكْثَرِ مِنْهُ
(وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ) وَفَيْرُوزَجَ وَيَاقُوتٍ كَمَا قَالَاهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَصْدِ الْأَيْكَةِ دُونَ مَحَلِّهَا وَالثَّانِي عَلَى قَصْدِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَدْخُلُ تَبَعًا. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا فِيهِ) أَيْ التَّنْبِيهُ مُقَرَّرٌ أَيْ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) أَيْ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ مَا فِي التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ هَذَا الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُهُمَا) أَيْ الشَّيْخَيْنِ (أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ) أَيْ الْكَلَأُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى عَدَمِ مِلْكِهِ) أَيْ نَحْوِ الْكَلَأِ بِالْإِحْيَاءِ وَالْإِقْطَاعِ أَصْلُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ آخِذُهُ بِلَا إذْنٍ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِمَنْ عَلِمَهُ قَبْلَ إحْيَائِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ) التِّبْرَيْ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِحِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ خَاصَّةً وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِيهِ عِلَاجٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا الْبِقَاعُ الَّتِي تُحْفَرُ بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَيُسَاقُ إلَيْهَا الْمَاءُ فَيَنْعَقِدُ فِيهَا مِلْحًا فَيَجُوزُ إحْيَاؤُهَا وَإِقْطَاعُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِالْكَافِ مَا إذَا كَانَ الْمِلْحُ الْجَبَلِيُّ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ فَاحْتَاجَ إخْرَاجُهُ إلَى حَفْرِ الْأَرْضِ وَكَسْرِ الْمِلْحِ بِنَحْوِ الْمِطْرَقَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا وَلَيْسَ الْبَاطِنُ كَذَلِكَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا) وَالْأَقْرَبُ لِلْإِرْفَاقِ وَالتَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: أَيْ الْحَاصِلِ) إلَى قَوْلِهِ فَيَمْلِكُهُ دُونَ بُقْعَتِهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرِّكَازِ قَوْلُ الْمَتْنِ (قُدِّمَ السَّابِقُ) أَيْ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ. اهـ. ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) هَلْ الْمُرَادُ حَاجَةُ يَوْمِهِ أَوْ أُسْبُوعِهِ أَوْ شَهْرِهِ أَوْ سَنَتِهِ أَوْ عُمْرِهِ الْغَالِبِ أَوْ عَادَةُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ بِاعْتِبَارِ عَادَةِ النَّاسِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ. اهـ. ع ش وَأَقُولُ يُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُ الْمُغْنِي وَيَرْجِعُ فِيهَا إلَى مَا يَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَقَرَّاهُ وَقِيلَ إنْ أَخَذَ لِغَرَضِ دَفْعِ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ مُكِّنَ مِنْ أَخْذِ كِفَايَةِ سَنَةٍ أَوْ الْعُمْرِ الْغَالِبِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ) إنْ زُوحِمَ عَلَى الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا قَبْل الْإِزْعَاجِ هَلْ يَمْلِكُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَهُ كَانَ مُبَاحًا وَقَوْلُهُ: م ر إنْ زُوحِمَ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُزَاحَمْ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ لَكِنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَإِنَّهُ مَا دَامَ مُقِيمًا عَلَيْهِ يُهَابُ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَاءَا إلَيْهِ مَعًا إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَكْفِ الْحَاصِلُ مِنْهُ لِحَاجَتِهِمَا أَوْ تَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (أُقْرِعَ) أَيْ وُجُوبًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْحَاجَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ. اهـ.
وَقَوْلُهُمَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا إلَخْ ذَكَرَ سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلَهُ وَيُفِيدُهُ أَيْضًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ إذْ لِأَمْرِ حَجّ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر قُدِّمَ الْمُسْلِمُ أَيْ وَإِنْ اشْتَدَّتْ حَاجَةُ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاقَهُ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَنَا. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (مَا لَا يَخْرُجُ) أَيْ لَا يَظْهَرُ جَوْهَرُهُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَاقُوتٍ) وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْيَاقُوتِ فِي أَمْثِلَةِ الظَّاهِرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ ثَمَّ وَأَحْجَارِ يَاقُوتٍ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْيَاقُوتِ إلَخْ أَيْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَدَرٍ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَاهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَعَدَّ فِي التَّنْبِيهِ الْيَاقُوتَ مِنْ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيِّ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنَةِ. اهـ. قَالَ ع ش حَمَلَ سم عَلَى حَجّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مِنْ الظَّاهِرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحْجَارُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنِ عَلَى نَفْسِ الْيَاقُوتِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. أَقُولُ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ الْعَدَدُ الْمُتَوَاتِرُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِ مَعْدِنِ الْيَاقُوتِ أَنَّهُ بِحَفْرِ مَعْدِنِهِ يَخْرُجُ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ حَجَرٌ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فِي قَوْلِهِ كَأَنْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ بُقْعَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهُ بُقْعَةً وَنِيلًا) كَذَا م ر
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) هَلْ الْمُرَادُ حَاجَةُ يَوْمِهِ أَوْ أُسْبُوعِهِ أَوْ شَهْرِهِ أَوْ سَنَتِهِ أَوْ عُمْرِهِ الْغَالِبِ أَوْ عَادَةُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ؟ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَلَوْ جَاءَا مَعًا أُقْرِعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ. اهـ.
. (قَوْلُهُ: وَيَاقُوتٍ) وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْيَاقُوتِ فِي أَمْثِلَةِ الظَّاهِرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ