بِخِلَافِ مَا مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَدِجْلَةَ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ وَيُعْمَلُ فِيمَا جُهِلَ قَدْرُهُ وَوَقْتُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ فِي الْمَشَارِبِ وَالْمَسَاقِي وَغَيْرِهَا بِالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَكَّمَةٌ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ لِأَرْضِهِ شِرْبٌ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ فَعَطَّلَهُ آخَرُ بِأَنْ أَحْدَثَ مَا يَنْحَدِرُ بِهِ الْمَاءُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَأْثَمُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا لَوْ سُقِيَتْ بِذَلِكَ الْمَاءِ.
قَالَ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِي نَظِيرِهِ. اهـ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُجْرَةِ لِقَوْلِهِمْ لَوْ مَنَعَهُ عَنْ سَوْقِ مَاءٍ إلَى أَرْضِهِ فَتَلَفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ. وَمَا هُنَا مِثْلُهُ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْلِ فِيهِمَا عَلَى الْأَرْضِ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا ضَمِنَ فَرْخَ حَمَامَةٍ ذَبَحَهَا فَهَلَكَ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا. وَفِي ثَلَاثَةٍ لَهُمْ ثَلَاثُ مَسَاقِي مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ أَعْلَى وَأَوْسَطُ وَأَسْفَلُ فَأَرَادَ ذُو الْأَعْلَى أَنْ يَسْقِيَ مِنْ الْأَوْسَطِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِأَنَّ لِذِي الْأَسْفَلِ مَنْعَهُ لِئَلَّا يَتَقَادَمَ ذَلِكَ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ شِرْبًا مِنْ الْأَوْسَطِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ ثَمَّ وَرَثَتُهُمَا يَمْنَعَانِ تِلْكَ الدَّعْوَى نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي السِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ عَلَى أَنَّ التَّقَادُمَ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شِرْبٌ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَفِيمَنْ لَهُ أَرْضَانِ عُلْيَا فَوُسْطَى فَسُفْلَى لِآخَرَ تَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ كَذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ لِلثَّانِيَةِ شِرْبًا مُسْتَقِلًّا لِيَشْرَبَا مَعًا ثُمَّ يُرْسِلُ لِمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ وَأَرَادَ هَذَا مَنْعَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَأْخِيرٌ لِسَقْيِ أَرْضِهِ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ إذَا شَرِبَا مَعًا أَسْرَعَ مِنْهُ إذَا شَرِبَا مُرَتَّبًا
(فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَضِيهمْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا أَلِفٍ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ (فَضَاقَ سَقَى الْأَعْلَى) مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَا لَمْ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونُ مَنْبَعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ جُهِلَ مَنْبَعُهُ اهـ. سم أَقُولُ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ جُهِلَ أَصْلُهُ. اهـ. ع ش أَيْ فَلَيْسَ مِنْ الْمُبَاحَةِ بَلْ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ) أَيْ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ يَدْخُلُ إلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ بِلَا سَوْقٍ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَالْأَخْذِ فِي إنَاءٍ سَوْقُهُ لِنَحْوِ بِرْكَةٍ أَوْ حَوْضٍ مَسْدُودٍ فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي أَيْضًا وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ بِنَحْوِ سَيْلٍ وَلَوْ بِحَفْرِ نَهْرٍ حَتَّى دَخَلَ، أَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ ع ش فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ أَيْ مَا لَمْ يَدْخُلْ لِمَحِلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَالْأَخَذِ فِي إنَاءٍ سَوْقُهُ لِنَحْوِ بِرْكَةٍ أَوْ حَوْضٍ إلَخْ انْتَهَى، فَيُقَالُ فِيهِ هَذَا الْأَخْذُ لَمْ يَصِحَّ لِاخْتِلَافِ الْمَأْخَذِ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ الْمَعْلُومُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ الْمَذْكُورَ لَمْ يَصِحَّ إذْ هُوَ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الْمَانِعَةِ لِلْخُلُوِّ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي ثَلَاثَةٍ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لِأَرْضِهِ شِرْبٌ إلَخْ تَأْثِيمُ فَاعِلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا لَوْ سُقِيَتْ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ وَقَدْ جَرَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِثَلَاثَةٍ ثَلَاثُ مَسَاقٍ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إلَخْ) مِمَّنْ جَرَى عَلَيْهِ الْكَمَالُ الرَّدَّادُ وَوَلَدُهُ الْفَخْرُ وَالْوَجِيهُ ابْنُ زِيَادٍ قَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَالَ الْوَجِيهُ فَمَا ظَنُّك بِزَمَانِنَا انْتَهَى. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: فَتَلِفَ) أَيْ زَرْعُ أَرْضِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي ثَلَاثَةٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى فِيمَنْ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي وَفِيمَنْ ش. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لِذِي الْأَسْفَلِ مَنْعُهُ إلَخْ) أَقَرَّهُ النِّهَايَةُ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: م ر فَيُسْتَدَلُّ بِهِ إلَخْ أَيْ وَيَصِيرُ ذُو الْأَسْفَلِ شَرِيكُ أَرْبَعَةٍ فِي الْمَعْنَى بَعْدَ أَنْ كَانَ شَرِيكَ ثَلَاثَةٍ وَلَعَلَّ الصُّورَةَ عِنْدَ الضِّيقِ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ ذَوِي الْأَوْسَطِ وَالْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ: يَمْنَعَانِ تِلْكَ الدَّعْوَى) فِيهِ أَنَّ مُجَرَّدَ مَنْعِهِمَا بَعْدَ التَّقَادُمِ لَا يُسْمَعُ وَلَا يُفِيدُ شَيْئًا (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ فِيهَا ثُقْبٌ إلَخْ وَيَأْتِي هُنَاكَ عَنْ سم وَعِ ش مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: تَشْرَبُ) أَيْ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَهَا ثَلَاثُ مَسَاقٍ. اهـ. ع ش أَقُولُ يُنَافِي هَذَا التَّفْسِيرُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَأَرَادَ هَذَا إلَخْ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ لِلْأَرْضَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ شِرْبًا وَاحِدًا فَكَانَ يَنْبَغِي تَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ أَيْ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَأَرَادَ) أَيْ مَالِكُ الْأَرْضَيْنِ (قَوْلُهُ: لِيَشْرَبَا) الْأَوْلَى هُنَا وَفِي نَظِيرَيْهِ الْآتِيَيْنِ التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ هَذَا) أَيْ مَالِكُ السُّفْلِ
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الرَّاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ الْأَقْرَبُ لِلنَّهْرِ فَالْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُ: بَلْ لَهُ مَنْعُهُ إلَى ثُمَّ مَنْ وَلِيَهُ وَإِلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَافِرُ بِئْرٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُنَافِي إلَى ثُمَّ مَنْ وَلِيَهُ وَقَوْلُهُ: وَلَهُمْ مَنْعُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ) وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بَدَلُهُ لَفْظُهُ مِنْهَا بِالْحَمْرَاءِ أَيْ مِنْ الْمِيَاهِ الْمُبَاحَةِ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ (فَضَاقَ) أَيْ الْمَاءُ عَنْهُمْ وَبَعْضُهَا أَعْلَى مِنْ بَعْضٍ. اهـ. مُغْنِي وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الِاسْتِوَاءِ الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ اسْتَوَتْ أَرْضُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَفِي الْخَادِمِ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَمَنْ قُدِّمَ بِالسَّقْيِ فَاحْتَاجَتْ أَرْضُهُ سَقِيَّةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ مُكِّنَ وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يَفْرُغَ انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بَيْتٍ فِي حَرِيمِهِ لِلِارْتِفَاقِ حَيْثُ لَا تَضَرُّرَ لِأَحَدٍ بِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي بِنَاءِ بَيْتٍ بِمِنًى لِذَلِكَ حَيْثُ لَا تَضَرُّرَ بِهِ وَمِنْهَا أَنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْمَوَاتِ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ لِعُمُومِ النَّاسِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بِنَاءُ الْقَنْطَرَةِ وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهَا لَكِنْ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ قَنْطَرَةٌ لِعُبُورِ النَّاسِ. اهـ. وَقَالَ فِي الرَّحَى بَيْنَ الْعُمْرَانِ إذَا لَمْ تَضُرَّ وَأَصَحُّهُمَا أَيْ الْوَجْهَيْنِ الْجَوَازُ كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ وَالسَّابَاطِ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ إلَخْ) بَقِيَ مَا جُهِلَ مَنْبَعُهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُجْرَةِ) وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْيٍ لَإِثْمٍ حَيْثُ قَصَدَ إضْرَارَهُ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَفِي ثَلَاثَةٍ) عُطِفَ عَلَى قِيمَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي وَفِيمَنْ ش
(قَوْلُهُ: مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَا لَمْ يَجُوزُ أَرْضَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَمَنْ قَدَّمَ بِالسَّقْيِ فَاحْتَاجَتْ أَرْضُهُ سَقِيَّةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ مُكِّنَ وَإِلَّا فَلَا