قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَا لَمْ يَرْتَحِلْ لِحَاجَةٍ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ، وَأَمَّا إذَا حَفَرَهَا لِارْتِفَاقِ الْمَارَّةِ أَوْ لَا بِقَصْدِ نَفْسِهِ وَلَا الْمَارَّةِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فَيَشْتَرِك النَّاسُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِوَقْفِهَا وَلَيْسَ لَهُ سَدُّهَا، وَإِنْ حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّاسِ بِهَا
(وَالْمَحْفُورَةُ) فِي الْمَوَاتِ (لِلتَّمَلُّكِ أَوْ) الْمَحْفُورَةُ بَلْ النَّابِعَةُ بِلَا حَفْرٍ (فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ) حَافِرُهَا وَمَالِكُ مَحَلِّهَا (مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا جَازَ لِمُكْتَرِي دَارٍ الِانْتِفَاعُ بِمَاءِ بِئْرِهَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ قَدْ يُمْلَكُ بِهِ عَيْنٌ تَبَعًا كَاللَّبِنِ وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ مَنْعُ الْبَيْعِ وَالتَّعْلِيلُ جَوَازُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ مَلْحَظُهُ التَّبَعِيَّةُ فَقُصِرَ عَلَى انْتِفَاعِهِ هُوَ بِعَيْنِهِ لِلْحَاجَةِ فَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ لِبَيْعِهِ وَهَذَا هُوَ الْوَجْه وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَيْت فِي مُسْتَأْجِرِ حَمَّامٍ أَرَادَ بَيْعَ مَاءٍ مِنْ بِئْرِهَا بِمَنْعِهِ لِمَا ذُكِرَ؛ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ يُؤَدِّي لِتَعْطِيلِهَا فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِمُؤَجِّرِهَا (وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَا فَضُلَ عَنْ حَاجَتِهِ) وَلَوْ لِزَرْعِهِ (لِزَرْعٍ) وَشَجَرٍ لِغَيْرِهِ، أَمَّا عَلَى الْمِلْكِ فَكَسَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ؛ فَلِأَنَّهُ أَوْلَى بِهِ لِسَبْقِهِ.
(وَيَجِبُ) بَذْلُ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَحَلُّهُ إنْ كَانَ مَا يَسْتَخْلِفُ مِنْهُ يَكْفِيهِ لِمَا يَطْرَأُ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَإِعْرَاضُهُ عَنْهَا كَارْتِحَالِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَمْ يَرْتَحِلْ إلَخْ) وَهُوَ حَسَنٌ. اهـ. مُغْنِي (فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ إلَخْ) وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَافِرُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ مَا حَفَرَ الْمُكَلَّفُ بِلَا قَصْدٍ فَتَكُونُ وَقْفًا لِعَامَّةِ النَّاسِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ سَدُّهَا إلَخْ) وَلَا فِعْلُ مَا يُفْسِدُ مَاءَهَا كَغَوْطِهِ فِيهِ عَمْدًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّاسِ بِهَا) أَيْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَيَجِبُ لِمَاشِيَةٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: بَلْ النَّابِعَةُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بَلْ وَالنَّابِعَةُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ وَهِيَ أَحْسَنُ ثُمَّ قَالَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي كُلِّ مَا يَنْبُعُ فِي مِلْكِهِ مِنْ نِفْطٍ وَمِلْحٍ. اهـ. زَادَ الْمُغْنِي وَقِيرٍ وَنَحْوِهَا. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي مِلْكٍ يُمْلَكُ إلَخْ) وَلَوْ وَقَفَ الْمَالِكُ أَرْضًا مَثَلًا بِهَا بِئْرٌ اسْتَحَقَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَاءَ الْبِئْرِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْهُ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ لِوَقْفٍ أَوْ مِلْكٍ اقْتَسَمَا مَاءَهَا عَلَى حَسَبِ الْحِصَصِ إنْ لَمْ يَفِ بِحَاجَتِهِمَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا جَازَ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ إلَخْ ش. اهـ. سم عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ إلَخْ) أَوْ يُقَالَ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِإِتْلَافِهِ فَقَبْلَ الْإِتْلَافِ لَا مِلْكَ لَهُ لِيَتَصَوَّرَ بَيْعُهُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فَقَصَرَ عَلَى انْتِفَاعِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ انْتِفَاعُ غَيْرِهِ بِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ وَأَنَّهُ لَوْ آجَرَ الدَّارَ لِآخَرَ لَمْ يَنْتَفِعْ الْآخَرُ بِالْمَاءِ. اهـ. سم أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَعِيدٌ أَقُولُ وَلَك أَنْ تَمْنَعَ تِلْكَ الْقَضِيَّةَ بِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّقْلِ بِعِوَضٍ وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ (أَمْ لَا) أَيْ عَلَى مُقَابِلِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِزَرْعِهِ) لَا مَوْقِعَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ، إذْ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَاءٍ وَإِنْ فَضُلَ عَنْ حَاجَتِهِ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى بَيَانِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ هَذِهِ الْغَايَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَيَجِبُ لِمَاشِيَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا إلَى هُنَاكَ. اهـ.
رَشِيدِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَفَادَ بِهَا دَفْعَ تَوَهُّمِ اخْتِصَاصِ الْحَاجَةِ بِذِي الرُّوحِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بَذْلُ الْفَاضِلِ إلَخْ) وَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَاضِلِ الْكَلَأِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ فِي الْحَالِ وَيُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ وَزَمَنُ رَعْيِهِ يَطُولُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَذْلُ إعَارَةُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ تَقْدِيرُهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا بِرِّي الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ السِّقَاءِ بِعِوَضٍ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي شُرْبِ الْآدَمِيِّ أَهْوَنُ مِنْهُ فِي شُرْبِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْ حَاجَتِهِ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى بِلَا عِوَضٍ (قَوْلُهُ: النَّاجِزَةِ) فَلَوْ فَضُلَ عَنْهُ الْآنَ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَوْلِ وَجَبَ بَذْلُهُ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ. اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ التَّقْيِيدِ بِالنَّاجِزَةِ (قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَذْلٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: قَبْلُ إلَخْ ش. اهـ. سم عَلَى حَجّ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ قَيْدًا فِي الْبَذْلِ بِلَا عِوَضٍ أَيْ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَذْلُ بِلَا عِوَضٍ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْهُ فِي نَحْوٍ إنَاءٍ لِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّهُ لَا اضْطِرَارَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ وَلَوْ بِعِوَضِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ إنَاءٍ) يَدْخُلُ فِيهِ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ كَالْبِرْكَةِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِمَاشِيَةٍ) وَسَكَتُوا عَنْ الْبَذْلِ لِنَحْوِ طَهَارَةٍ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَيْضًا لَكِنْ هَلْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ شُرْبُ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْمَاشِيَةَ وَيَدُلُّ لَهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّاسِ بِهَا) قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ هَذِهِ الْعِلَّةِ مَنْعُهُ مِنْ سَدِّ الْبِئْرِ الَّتِي يَحْفِرُهَا فِي مِلْكِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ. اهـ. وَإِنَّمَا كَانَ قَضِيَّتُهَا ذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّاسِ بِهَا أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَسَوَاءٌ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْعِلَلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا جَازَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ إلَخْ ش (قَوْلُهُ: أَمَانٌ يُقَالُ هُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ إلَخْ) أَوْ يُقَالُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِإِتْلَافِهِ فَقَبْلَ الْإِتْلَافِ لَا مِلْكَ لَهُ لِيُتَصَوَّرَ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: فَقُصِرَ عَلَى انْتِفَاعِهِ هُوَ بِعَيْنِهِ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ انْتِفَاعِ غَيْرِهِ بِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: فَقُصِرَ عَلَى انْتِفَاعِهِ هُوَ بِعَيْنِهِ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ آجَرَ لِآخَرَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالْمَاءِ ذَلِكَ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوَاتٍ لِلتَّمَلُّكِ أَيْ أَوْ فِي مِلْكِهِ أَوْ انْفَجَرَ فِيهِ عَيْنٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ مَلَكَهَا وَمَلَكَ مَاءَهَا إذْ الْمَاءُ يُمْلَكُ لَكِنْ يَجِبُ بَذْلُ الْفَاضِلِ مِنْهُ عَنْ شُرْبِهِ لِشُرْبِ غَيْرِهِ وَعَنْ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ لِمَاشِيَةِ غَيْرِهِ إلَخْ سَكَتُوا عَنْ الْبَذْلِ لِنَحْوِ طَهَارَةِ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَيْضًا لَكِنْ هَلْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ شُرْبُ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيَجِبُ لِمَاشِيَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ تَقْدِيمُ حَاجَةِ زَرْعِهِ عَلَى