اسْتِيفَاءِ كُلٍّ حَقَّهُ وَعِنْدَ تَسَاوِي الثُّقُبِ وَتَفَاوُتِ الْحُقُوقِ أَوْ عَكْسِهِ يَأْخُذُ كُلٌّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ الْحِصَصِ قُسِّمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِحَسَبِ الْمِلْكِ وَقِيلَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ سَوَاءٌ، وَأَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَرْجِيحِهِ هَذَا إنْ اتَّفَقُوا عَلَى مِلْكِ كُلٍّ مِنْهُمْ وَالْأَرْجَحُ بِالْقَرِينَةِ وَالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قُلْتَ يُنَافِي مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مَا ذَكَرَهُ كَالرَّافِعِيِّ فِي مُكَاتَبَيْنِ خَسِيسٌ وَنَفِيسٌ كُوتِبَا عَلَى نُجُومٍ مُتَفَاوِتَةٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا فَأَحْضَرَا مَالًا وَادَّعَى الْخَسِيسُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَالنَّفِيسُ أَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ عَلَى قَدْرِ النُّجُومِ صُدِّقَ الْخَسِيسُ عَمَلًا بِالْيَدِ قُلْت لَا يُنَافِيهِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْيَدِ وَهِيَ مُتَسَاوِيَةٌ وَفِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى الْأَرْضِ الْمَسْقِيَّةِ وَهِيَ مُتَفَاوِتَةٌ فَعُمِلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ بِمَا يُنَاسِبُهُ فَتَأَمَّلْهُ.
وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كُلُّ أَرْضٍ أَمْكَنَ سَقْيُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ إذَا رَأَيْنَا لَهَا سَاقِيَةً مِنْهُ وَلَمْ نَجِدْ لَهَا شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ حَكَمْنَا عِنْدَ التَّنَازُعِ بِأَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْهُ انْتَهَى، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمَا أَنَّ مَا عُدَّ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ عِنْدَ وُجُودِهِ إلَى أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْيَدَ فِيهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّتِي يُمْكِنُ سَقْيُهَا مِنْهَا سَوَاءٌ اتَّسَعَ الْمَجْرَى وَقَلَّتْ الْأَرْضُ أَوْ عَكْسُهُ وَسَوَاءٌ الْمُرْتَفِعُ وَالْمُنْخَفِضُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَسْقِيَ بِمَائِهِ أَرْضًا لَهُ أُخْرَى لَا شِرْبَ لَهَا مِنْهُ سَوَاءٌ أَحْيَاهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لَهَا رَسْمَ شِرْبٍ لَمْ يَكُنْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ أَرَادَ إحْيَاءَ مَوَاتٍ وَسَقْيَهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ أَيْ الْمُبَاحِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِينَ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا أَرَاضِيهِمْ بِمَرَافِقِهَا وَالْمَاءُ مِنْ أَعْظَمِ مَرَافِقِهَا وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ انْتَهَى وَإِذَا مُنِعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ فَمِنْ السَّقْي بِالْأَوْلَى، وَلَوْ زَادَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ مِنْ الْمَاءِ عَلَى رَيِّ أَرْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِشُرَكَائِهِ بَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْف شَاءَ قَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ تَحْرُمُ إعَادَتُهُ لِلْوَادِي؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ انْتَهَى. وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ إضَاعَةً
ــ
[حاشية الشرواني]
الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ تَسَاوِي الثُّقُبِ إلَخْ) كَأَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ ثُقْبَةً وَالْآخَرُ ثُقْبَتَيْنِ وَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) كَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ثُقْبَةً وَاسِعَةً وَالْآخَرُ ثُقْبَتَيْنِ ضَيِّقَتَيْنِ (قَوْلُهُ: قُسِّمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي) عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ) وَهُوَ الْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي وَإِنْ لَمْ يَنْسِبْهُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ رَشِيدِيٌّ وَعِ ش (قَوْلُهُ: فَفِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ كَثِيرًا أَوْ مُطَرَّدًا بِالِاقْتِصَارِ فِي أَخْذِ الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَمْوَالُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا النَّهْرِ) أَيْ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ نَجِدْ لَهَا شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ لَا يُحْكَمُ بِأَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ مَوْضِعَيْنِ؟ وَمُجَرَّدٌ أَنْ لَهَا شِرْبًا مِنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْهُ أَيْضًا ع ش وَسَمِّ وَيُؤَيِّدُ التَّوَقُّفَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ مَا عَدَا إلَخْ وَ (قَوْلُهُ: وُجُودِهِ) أَيْ الْمَاءِ وَ (قَوْلُهُ: إلَى أَرْضٍ إلَخْ) كُلٌّ مِنْهَا مُتَعَلِّقٌ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِيمَا عَدَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ مِمَّا عَدَا إلَخْ وَالتَّأْنِيثُ لِرِعَايَةِ الْمَعْنَى أَيْ السَّاقِيَةِ كَمَا أَنَّ التَّذْكِيرَ فِي الضَّمَائِرِ الْمَارَّةِ لِرِعَايَةِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا ضَيَّقَ عَلَى الْبَقِيَّةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهَا إلَخْ. اهـ.
سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَسْقِيَ بِمَائِهِ إلَخْ إطْلَاقُهُ قَدْ يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ زَادَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ مِنْ الْمَاءِ إلَخْ حَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الزَّائِدِ كَيْفَ شَاءَ وَمِنْهُ مَا لَوْ سَقَى بِهِ أَرْضًا لَهُ وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَا فِي الْمَاءِ الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ حَتَّى تَحْتَمِلَ مُسَاوَاتُهُ لِرَيِّ الْأَرْضِ وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَهُ سَقْيُ أَرْضِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَوْ أَرَادَ سَوْقَ هَذَا الْمَاءِ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ بَعْضِهِ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَا اسْتِحْقَاقَ لَهَا فِي هَذَا النَّهْرِ الْمُبَاحِ لَأَدَّى إلَى إثْبَاتِ اسْتِحْقَاقٍ لَمْ يَكُنْ وَإِلَى الْإِضْرَارِ بِالشُّرَكَاءِ عِنْدَ الضِّيقِ وَمَا يَأْتِي فِي نَهْرٍ مَمْلُوكٍ لَهُ مِنْهُ نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ وَقَدْ يَزِيدُ عَلَى رَيِّ أَرْضِهِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى السَّمْهُودِيِّ نَقَلَ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ وَنَقَلَ عَنْ الْخَادِمِ أَنَّهُ قَالَ الْمُتَّجَهُ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا الْجَوَازُ وَمِمَّنْ قَالَ بِالْجَوَازِ الْمُتَوَلِّي وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ الْكَافِي انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ إنْ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِي النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ فَالْمُتَّجَهُ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ أَقُولُ صَنِيعُ الْمُغْنِي صَرِيحٌ فِي أَنَّ مِثْلَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي كِلَيْهِمَا فِي الْمَمْلُوكِ بِالِاشْتِرَاكِ وَأَنَّ مَا هُنَا مُسْتَثْنًى مِمَّا يَأْتِي حَيْثُ زَادَ عَقِبَ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِحَسَبِ الْمِلْكِ مَا نَصُّهُ وَيَصْنَعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَصِيبِهِ مَا شَاءَ لَكِنْ لَا يَسُوقُهُ لِأَرْضٍ لَا شِرْبَ لَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لَهَا شِرْبًا لَمْ يَكُنْ. اهـ. (قَوْلُهُ: إحْيَاءَ مَوَاتٍ وَسَقْيَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ السَّقْيَ مِنْهُ فَلَا مَنْعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مُنِعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ إلَخْ) كَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهِمَ أَنَّ الْمَنْعَ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ عَائِدٌ إلَى
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَعَ عَدَمِ الضِّيقِ لِيَتَصَرَّفَ فِي حِصَّتِهِ بِمَا شَاءَ (قَوْلُهُ: قُلْت لَا يُنَافِيهِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ إذْ الْمَدَارُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَعَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ مَا فِي فُرْقَةٍ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِجَرَيَانِ الْعَادَةِ كَثِيرًا أَوْ مُطَرَّدًا بِالِاقْتِصَارِ فِي أَخْذِ الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَمْوَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْيَدِ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا لَا يَخْلُصُ إذْ السَّائِلُ يَعُودُ وَيَقُولُ لِمَ كَانَ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْيَدِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى الْأَرْضِ مَعَ وُجُودِ الْيَدِ فِيهِمَا وَمَعَ تَحَقُّقِ التَّفَاوُتِ فِيمَا ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَجْلِهِ وَهِيَ الْمُكَاتَبَانِ هُنَا وَالْأَرَاضِي فِي مَسْأَلَتِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ نَجِدْ لَهَا شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ) لَا يُحْكَمُ بِأَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْهُ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْ مَوْضِعَيْنِ وَأَيُّ مَانِعٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَسْقِيَ بِمَائِهِ أَرْضًا لَهُ أُخْرَى إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا ضَيَّقَ عَلَى الْبَقِيَّةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا مُنِعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ فَمِنْ السَّقْيِ بِالْأُولَى) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مُرَادَ الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ مِنْ الْإِحْيَاءِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا جَازَ الْإِحْيَاءُ لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ السَّقْيِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَرْطُ إحْيَاءِ نَحْوِ الْمَزْرَعَةِ تَرْتِيبُ الْمَاءِ وَقَدْ يُمْنَعُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِإِرَادَةِ سَقْي ذَلِكَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute