للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ نَحْوِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ الْمُبَاحَةِ لِنُدْرَتِهَا وَوَقَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْضًا أَصَابَهَا بِخَيْبَرَ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَطَ فِيهَا شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُورَثُ وَلَا يُوهَبُ وَأَنَّ مَنْ وَلِيَهَا يَأْكُلُ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمُ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ فِي الْإِسْلَامِ وَقِيلَ بَلْ «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْوَالَ مُخَيْرِيقٍ الَّتِي أَوْصَى بِهَا لَهُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ» وَجَاءَ عَنْ جَابِرٍ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ مَقْدِرَةٌ حَتَّى وَقَفَ وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ بِالْمَعْرُوفِ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ لَمْ تَعْرِفْهُ الْجَاهِلِيَّةُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ خَبَرَ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا رَجَعَ عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِبَيْعِ الْوَقْفِ وَقَالَ لَوْ سَمِعَهُ لَقَالَ بِهِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ الرَّدُّ بِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ يَقُولُ بِبَيْعِهِ أَيْ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَهُ وَأَرْكَانُهُ مَوْقُوفٌ وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ وَوَاقِفٌ وَبَدَأَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ

فَقَالَ (شَرْطُ الْوَاقِفِ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ) خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) فِي الْحَيَاةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَهَذَا أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا إيضَاحًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ. وَصِحَّةُ نَحْوِ وَصِيَّتِهِ وَلَوْ بِوَقْفِ دَارِهِ لِارْتِفَاعِ حَجْرِهِ بِمُؤْنَةٍ، وَمُكْرَهٍ فَإِيرَادُهُ عَلَيْهِ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ لَيْسَ صَحِيحَ الْعِبَارَةِ وَلَا أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَلَا لِغَيْرِهِ إذْ مَا يَقُولُهُ أَوْ يَفْعَلُهُ لِأَجْلِ الْإِكْرَاهِ لَغْوٌ مِنْهُ وَمُكَاتَبٍ وَمُفْلِسٍ وَوَلِيٍّ وَيَصِحُّ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَجَّلَةِ. اهـ. وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَقُومُ عَنْهُ بِالتَّعْلِيمِ كَانَ التَّصْنِيفُ أَوْلَى وَإِلَّا فَالتَّعْلِيمُ أَوْلَى انْتَهَى. اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: دُونَ نَحْوِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ لِيَشْمَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَادِقٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّ غَيْرَهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ لَيْسَتْ جَارِيَةً بَلْ يَمْلِكُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ أَعْيَانَهَا وَمَنَافِعَهَا نَاجِزًا، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ وَإِنْ شَمِلَهَا الْحَدِيثُ فَهِيَ نَادِرَةٌ فَحَمْلُ الصَّدَقَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْوَقْفِ أَوْلَى. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَوَقَفَ عُمَرُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ قَوْله تَعَالَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ) بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ (قَوْلُهُ: أَرْضًا) أَيْ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْ أَرْضٍ أَصَابَهَا إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِأَمْرِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِوَقَفَ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ مَنْ وَلِيَهَا) أَيْ قَامَ بِحِفْظِهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَكْلِ يَعْنِي لَا يَجُوزُ لَهُ الذُّخْرُ لِنَفْسِهِ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُوتُ وَالْكِسْوَةُ. اهـ. كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش لَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ فِيهِ تَصَرُّفَ ذِي الْأَمْوَالِ وَلَا يَحْسُنُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادًا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالصَّدِيقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَقَفَ إلَخْ) أَيْ بَلْ الْأَوَّلُ وَقَفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمْوَالَ مُخَيْرِيقٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِصَابَةِ «مُخَيْرِيقُ النَّضْرِيُّ بِفَتْحَتَيْنِ كَمَا فِي اللُّبِّ الْإِسْرَائِيلِيُّ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ كَانَ عَالِمًا وَكَانَ أَوْصَى بِأَمْوَالِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ سَبْعُ حَوَائِطَ فَجَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةً» انْتَهَى. اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: لَهُ مَقْدِرَةٌ) أَيْ عَلَى الْوَقْفِ أَوْ لَهُ غِنًى فِي نَفْسِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ الْمَعْرُوفَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرُوفِ هَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ الْمُسْتَوْفِي لِلشَّرَائِطِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْوَقْفِ بِذَلِكَ بَلْ سَائِرُ الْعُقُودِ مِثْلُهُ لَهَا مَعْنًى لُغَوِيٌّ أَعَمُّ فَيَنْقُلُهُ الشَّارِعُ إلَى مَا هُوَ أَخَصُّ بِاشْتِرَاطِ شُرُوطٍ فِيهِ تَقْتَضِي خُصُوصَهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَمْ يَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا عَلِمْتُهُ دَارًا وَلَا أَرْضًا وَإِنَّمَا حَبَسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ انْتَهَتْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) لَا يَخْفَى بَعْدَهُ بَلْ يَأْبَى عَنْهُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ عِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ الرَّدُّ بِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ يَقُولُ بِبَيْعِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - شَرَطَ عَدَمَ الْبَيْعِ فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ عِنْدَ شَرْطِهِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ.

بَلْ قَدْ يُقَالُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَوْلَا جَوَازُ الْبَيْعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ احْتَاجَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى الشَّرْطِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا شَرَطَ عُمَرُ ذَلِكَ؛ لِيُبَيِّنَ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم أَيْ بِدَلِيلِ آخِرِ الْحَدِيثِ

(قَوْلُهُ: خَرَجَ الصَّبِيُّ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ إجَارَتُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهَا إيضَاحًا وَقَوْلُهُ: وَإِيرَادُهُ إلَى وَمُكَاتَبٍ وَقَوْلُهُ: كَمَا يُشِيرُ إلَى فَلَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ: الَّذِي لَيْسَ إلَى نَحْوِ أَرَاضِي وَقَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطٍ إلَى وَأُمِّ وَلَدٍ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ الَّذِي لَيْسَ إلَى نَحْوِ أَرَاضِي وَقَوْلُهُ: وَزَعَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَاةِ) أَيْ حَتَّى لَا يَرُدُّ السَّفِيهُ الْآتِي إذْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ لَكِنْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالْوَصِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَرَّرَهُ فَقَدْ خَرَجَ السَّفِيهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اعْتِذَارٍ عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَصِحَّةُ نَحْوِ وَصِيَّتِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إيضَاحًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) مُحْتَرَزُ قَيْدِ الْحَيَاةِ وَقَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُفْلِسٍ وَوَلِيٍّ مُحْتَرَزُ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَصِيَّتِهِ) أَيْ السَّفِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا بِهِ كَأَنْ نَذَرَ وَقْفَ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ وَقْفِهِ فَأَكْرَهَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَقَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ ع ش. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمُفْلِسٍ) أَيْ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دُيُونِهِ كَأَنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ الْحِجْرِ أَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ مَالِهِ الَّذِي حَجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا لِغَيْرِهِ) أَيْ التَّبَرُّعِ عُطِفَ عَلَى التَّبَرُّعِ ع ش

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ يُعَيِّنُ الْمَصْرِفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِنَفْسِ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَسَيَأْتِي فِي الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْمَصْرِفِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْأَذْرَعِيِّ وَالْغَزِّيِّ فَلَعَلَّ أَبَا طَلْحَةَ نَوَى الْمَصْرِفِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ الرَّدُّ بِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ يَقُولُ بِبَيْعِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَرَطَ عَدَمَ الْبَيْعِ فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ عِنْدَ شَرْطِهِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ بَلْ قَدْ يُقَالُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَوْلَا جَوَازُ الْبَيْعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ لَمَا احْتَاجَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الشَّرْطِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا شَرَطَ عُمَرُ ذَلِكَ لِيُبَيِّنَ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا إيضَاحًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَلَا لِغَيْرِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>