للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ مَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ مِنْ بَقَاءِ وَقْفِهِ زَادَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يُشْتَرَى بِهِ عَقَارٌ أَوْ جُزْؤُهُ كَنَظَائِرِهِ وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَرْشُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ صَارَ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ مَلَكَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمَغْصُوبَةُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوضَعْ بِحَقٍّ كَانَ فِي حُكْمِ غَيْرِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ هَذَا غَايَةُ مَا يُوَجَّهُ بِهِ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِتَوَجُّهِ الْوَقْفِ إلَى عَيْنِ الْمَوْضُوعِ، وَالشُّرُوطُ السَّابِقَةُ مَوْجُودَةٌ فِيهَا وَاسْتِحْقَاقُ الْقَلْعِ حَالًا أَمْرٌ خَارِجٌ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْمُسْتَأْجَرِ فَاسِدًا، وَالْمُسْتَعَارُ قَوْلُهُمْ وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا إلَى آخِرِهِ يُؤَيِّدُ صِحَّةَ وَقْفِ هَذَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَغْصُوبِ بُطْلَانُ وَقْفِ بُيُوتِ مِنًى بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ حُرْمَةِ الْبِنَاءِ فِيهَا وَوُجُوبِ قَلْعِهِ حَالًا بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهَا مَا ذُكِرَ فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ النَّظَرِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِإِمْكَانِ بَقَاءِ دَوَامِ الْمَغْصُوبِ بِرِضًا أَوْ إجَارَةٍ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهَا فَكَانَتْ مُنَافَاتُهَا لِمَقْصُودِ الْوَقْفِ مِنْ الدَّوَامِ أَشَدَّ فَتَأَمَّلْهُ.

وَيَصِحُّ شَرْطُ الْوَاقِفِ صَرْفَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَهُمَا مِنْ رِيعِهِمَا عَلَى الْأَوْجَهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

عَلَيْهِ شَرْحُ م ر. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَجْهَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ شِرَاءُ عَقَارٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الْوَجْهَانِ بَعِيدَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الْوَقْفُ بِحَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتَهَى وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ إنْ كَانَ الْغِرَاسُ الْمَقْلُوعُ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ وَصَارَتْ آلَةُ الْبِنَاءِ لَا تَصْلُحُ لَهُ وَإِلَّا فَكَلَامُ السُّبْكِيّ وَأَرْشُ النَّقْصِ الْحَاصِلُ بِقَلْعِ الْمَوْقُوفِ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَهُ فَيُشْتَرَى بِهِ شَيْءٌ وَيُوقَفُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ. اهـ. وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا وَقَوْلُ الْجَمَالِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ غَيْرُهُمَا وَهُوَ شِرَاءُ عَقَارٍ إلَخْ مَحْمُولٌ عَلَى إمْكَانِ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ الْأَوَّلُ أَيْ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ بَقَاءِ وَقْفِهِ) بَقَاءُ الْوَقْفِ عَلَى مُخْتَارِ السُّبْكِيّ وَاضِحٌ، أَمَّا عَلَى مُخْتَارِ الْإِسْنَوِيِّ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ بِبَقَاءِ حُكْمِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيَنْتَقِلُ بِبَيْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ حُكْمُ الْوَقْفِ وَأَمَّا عَيْنُ الْوَقْفِ الْمَبِيعَةُ فَتَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَارَ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ سَابِقِهِ يَظْهَرُ مَا فِيهِ مَعَ مُخَالَفَةِ صَنِيعِهِ لِصَنِيعِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالْمَنْهَجُ وَكَذَا النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا لِعَدَمِ دَوَامِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقَالُ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْلُوعًا وَهُوَ يَصِحُّ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَقْفُهُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ مُلَاحَظٌ فِيهِ كَوْنُهُ غِرَاسًا قَائِمًا بِخِلَافِ الْمَقْلُوعِ فَغَيْرُ مُلَاحَظٍ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ وَقْفٌ مَنْقُولٌ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ وَمِنْهُ مَا لَوْ بَنَى فِي حَرِيمِ النَّهْرِ بِنَاءً وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ اسْتِحْقَاقَ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا أَيْ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى حُرْمَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ شَرْطُ الْوَاقِفِ صَرْفُ أُجْرَةِ الْأَرْضِ) أَيْ الْأُجْرَةِ الَّتِي تَجِبُ بَعْدَ الْوَقْفِ، أَمَّا الَّتِي وَجَبَتْ قَبْلَ الْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ صَرْفِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَشَرْطُ وَفَاءِ دَيْنِ الْوَاقِفِ مِنْ وَقْفِهِ بَاطِلٌ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: أَيْ الْأُجْرَةِ الَّتِي تَجِبُ إلَخْ أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ آنِفًا (قَوْلُهُ: الْمُسْتَأْجَرَةِ) أَيْ أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ وَ (قَوْلُهُ: إذَا رَضِيَ الْمُؤَجِّرُ) أَيْ أَوْ الْمُعِيرُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَشْتَرِيَ بِهِ عَقَارًا أَوْ جُزْأَهُ وَجَبَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيُقَدَّمُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ نَقْلُهُ لِأَرْضٍ أُخْرَى فَإِنْ بَقِيَ مُنْتَفَعًا بِهِ اسْتَمَرَّ وَقْفُهُ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ عَقَارًا أَوْ جُزْأَهُ فَعَلَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مُنْتَفَعًا بِهِ صَارَ مَمْلُوكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ مَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ حَيْثُ أَمْكَنَ وَمَا قَبْلَهُ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ ذَلِكَ م ر (فَرْعٌ)

فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةُ الْمَسْجِدِ الْمُعَلَّقِ عَلَى بِنَاءِ الْغَيْرِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إذَا زَالَتْ عَيْنُهُ هَلْ يَزُولُ حُكْمُهُ بِزَوَالِهَا؟ الْجَوَابُ نَعَمْ يَزُولُ حُكْمُهُ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِوَقْفِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِالْأَرْضِ وَإِنَّمَا قَالَ الْأَصْحَابُ إذَا انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ لَمْ يَصِرْ مِلْكًا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ جُمْلَةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تُمْكِنُ فِي عَرْصَتِهِ عَلَى أَنَّ فِي صِحَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ نَظَرًا؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَئِمَّتِنَا أَفْتَى بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ إذَا كَانَ رِيعُهُ لَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ أَوْ وَفَّى بِهَا وَلَمْ يَزِدْ لَا يَصِحُّ لَهُ وَقْفُهُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَا رَيْعَ لَهُ تُوَفَّى مِنْهُ أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ اسْتَأْجَرَهَا مُدَّةً وَأَدَّى أُجْرَتَهَا فَبَعْدَ انْتِهَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا يَلْزَمُ الْوَاقِفُ الْأُجْرَةَ فَلَا يَبْقَى إلَّا تَفْرِيغُ الْأَرْضِ مِنْهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْوَقْفِ لَا شَكَّ فِي زَوَالِ حُكْمِهِ بِزَوَالِ عَيْنِهِ.

وَيَبْنِي مَالِكُ الْأَرْضِ مَكَانَهُ مَا شَاءَ. اهـ. أَقُولُ وَلْيَنْظُرْ لَوْ أَعَادَ بِنَاءَ تِلْكَ الْآلَاتِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ هَلْ يَعُودُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ بِدُونِ تَجْدِيدِ وَقْفِيَّةٍ لِأَنَّ تِلْكَ الْآلَاتِ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ بِشَرْطِ الثُّبُوتِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا إلَخْ) بِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ إلَخْ) وَمِمَّا يُقَوِّي النَّظَرَ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ الْمَقْلُوعِ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ حَيْثُ كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَمُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَقْلُوعِ بِالْفِعْلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَلْعِ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ مَا يُقْصَدُ مِنْ مُسْتَحَقِّ الْبَقَاءِ وَلَيْسَ مُسْتَحَقُّ الْبَقَاءِ وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ الْقَلْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ شَرْطُ الْوَاقِفِ صَرْفَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>