أَوْ سَكَتَ عَنْ نَظَرِهِ أَوْ آلَ نَظَرُهُ لِلْحَاكِمِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي وَقْفٍ قَبْلَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ هُوَ الْمَعْهُودُ حِينَئِذٍ، وَالْقُضَاةُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا أَحْدَثَهُمْ مِنْ حِينَئِذٍ الْمِلْكُ الظَّاهِرُ وَأَمَّا بَعْدُ فَيَنْبَغِي إنَاطَةُ مَا جُعِلَ لِلْقَاضِي بِالْقَاضِي الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَيْهِ عُرْفُ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مَا لَمْ يُفَوِّضْ الْإِمَامُ نَظَرَ الْأَوْقَافِ لِغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ النَّظَرُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْإِمَامِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوْضِعٍ وَتَصْرِيحُهُمْ بِالْقَاضِي فِي مَوَاضِعَ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ نَائِبَهُ وَمُخَالَفَةُ السُّبْكِيّ فِي ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت أَبَا زُرْعَةَ ذَكَرَ كَلَامَ السُّبْكِيّ بِطُولِهِ، ثُمَّ اعْتَمَدَ أَنَّهُ مَتَى عَبَّرَ بِالْقَاضِي حُمِلَ عَلَى غَيْرِ السُّلْطَانِ لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ بِذَلِكَ، أَوْ بِالْحَاكِمِ تَنَاوَلَ الْقَاضِيَ وَالسُّلْطَانُ لُغَةً وَلَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ لِأَنَّهُ فِيهِ مُضْطَرِبٌ فَلِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلِلسُّلْطَانِ تَفْوِيضُهُ لِغَيْرِ الْقَاضِي قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَخْذُ مَا شُرِطَ لِلنَّاظِرِ إلَّا إنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِنَظَرِهِ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ سَهْمِ عَامِلِ الزَّكَاةِ قَالَ ابْنُهُ التَّاجُ وَمَحَلُّهُ فِي قَاضٍ لَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ خُشِيَ مِنْ الْقَاضِي أَكْلُ الْوَقْفِ لِجَوْرِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ أَيْ: إنْ عَرَفَهَا وَإِلَّا فَوَّضَهُ لِفَقِيهٍ عَارِفٍ بِهَا أَوْ سَأَلَهُ وَصَرَفَهَا.
(فَرْعٌ)
شَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ فُلَانٍ قَدْرًا فَلَمْ يَقْبَلْ النَّظَرَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ بَانَ اسْتِحْقَاقُهُ لِمَعْلُومِ النَّظَرِ مِنْ حِينِ آلَ إلَيْهِ كَذَا قِيلَ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْمَعْلُومِ الزَّائِدِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ كَوْنَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ الْمُسَاوِي لِأُجْرَةِ مِثْلِ نَظَرِ هَذَا الْوَقْفِ، أَوْ النَّاقِصِ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ (وَشَرْطُ النَّاظِرِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
أَوْ سَكَتَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى شَرْطٍ
(قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: اخْتِصَاصِ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ بِالنَّظَرِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الشَّافِعِيَّ هُوَ الْمَفْهُومُ عُرْفًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَمَتَى قِيلَ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَهُوَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ أُرِيدَ غَيْرُهُ قَيَّدُوهُ وَقَدْ اسْتَقَرَّ ذَلِكَ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا أَحْدَثَهُمْ) أَيْ: الْقُضَاةَ الثَّلَاثَةَ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ دُخُولِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ: بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مَا جَعَلَ لِلْقَاضِي) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (قَوْلُهُ: وَمُخَالَفَةُ السُّبْكِيّ فِي ذَلِكَ) أَيْ التَّفْصِيلِ الْمَارِّ حَيْثُ ادَّعَى الِاخْتِصَاصَ بِالْقَاضِي الشَّافِعِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: حَمَلَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْحَاكِمِ) عَطْفٌ عَلَى بِالْقَاضِي (قَوْلُهُ: تَنَاوَلَ) أَيْ: الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ) أَيْ الْغَيْرِ مُطَّرِدٍ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ) أَيْ: مِنْ الْقَاضِي أَوْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ مَنْعُ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِأَحَدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم وَظَاهِرٌ أَنَّ مِنْ التَّصْرِيحِ شَرْطُ النَّظَرِ لِأَوْلَادِهِ مَثَلًا، ثُمَّ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ: فِي قَوْلِ التَّاجِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ إطْلَاقِ النَّاظِرِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ (قَوْلُهُ: صَرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ) أَيْ: وَلَوْ بِإِجَارَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَصَرَفَهَا) أَيْ: صَرَفَ فِيهَا عَلَى الْحَذْفِ، وَالْإِيصَالِ.
(قَوْلُهُ: فَرْعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ شَرَطَ أَيْ: الْوَاقِفُ لَهُ أَيْ: لِلنَّاظِرِ عُشْرَ الْغَلَّةِ أُجْرَةً لِعَمَلِهِ جَازَ، ثُمَّ إنْ عَزَلَهُ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ أُجْرَةً اسْتَحَقَّهُ وَلَا يَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ لَهُ بِعَزْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَهُوَ كَأَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَصُورَةُ نُفُوذِ عَزْلِهِ أَنْ يَشْرِطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ وَتَوْلِيَةَ غَيْرِهِ عَنْهُ بِعُشْرِ الْغَلَّةِ، ثُمَّ يُوَلِّيهِ بِهِ انْتَهَى وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَخْ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَى أَنَّهُ أُجْرَةٌ إلَّا إذَا تَعَرَّضَ الشَّارِطُ لِذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَلَا يَكُونُ أُجْرَةً وَيَسْتَحِقُّهُ مُطْلَقًا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا عَيَّنَ النَّاظِرَ فَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا لِمَنْ يَكُونُ نَاظِرًا ثُمَّ أَقَامَ هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ نَاظِرًا سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ بِعَزْلِهِ وَعَلَى هَذَا أَعْنِي أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَى أَنَّهُ أُجْرَةٌ إلَّا إذَا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ فَإِنَّ صُورَةَ مَسْأَلَةِ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ أُجْرَةً فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ خِلَافًا لِلْقِيلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ صُوِّرَتْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أُجْرَةً فَالْوَجْهُ الْقِيلُ الْمَذْكُورُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم أَقُولُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْقِيلِ لِمَعْلُومِ النَّظَرِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ لِمَعْلُومِ النَّاظِرِ الْأَوَّلُ وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إلَخْ الثَّانِي
(قَوْلُهُ شَرْطُ الْوَاقِفِ) أَيْ: لَوْ شَرَطَ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ: لِنَاظِرِ وَقْفِهِ) مُضَافٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ وَ (قَوْلُهُ: فُلَانٍ) بَدَلٌ مِنْ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: لِمَعْلُومِ النَّظَرِ) بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَشْرُوطِ فِي مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ مِنْ حِينِ آلَ إلَخْ) أَيْ: النَّظَرُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْهُ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْمَعْلُومِ إلَخْ) هَلْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ حِينَئِذٍ، أَوْ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ بِالنَّظَرِ لِعِبَارَتِهِ، وَالثَّانِي بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَكَانَ حَسَنًا اهـ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ مَنْعُ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ لِأَحَدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ شَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِلنَّاظِرِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكَانَ ذَلِكَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ، نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ تَقَيَّدَ ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ عَمِلَ بِلَا شَرْطٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ شَرَطَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ أُجْرَةً لِعَمَلِهِ جَازَ، ثُمَّ إنْ عَزَلَهُ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ أُجْرَةً اسْتَحَقَّهُ وَلَا يَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ لَهُ بِعَزْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَهُوَ كَأَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَصُورَةُ نُفُوذِ عَزْلِهِ أَنْ يَشْرِطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ وَتَوْلِيَةَ غَيْرِهِ عَنْهُ بِعُشْرِ الْغَلَّةِ، ثُمَّ يُوَلِّيهِ بِهِ اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَخْ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَى أَنَّهُ أُجْرَةٌ إلَّا إذَا تَعَرَّضَ الشَّارِطُ لِذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ بِذَلِكَ فَلَا يَكُونُ أُجْرَةً وَيَسْتَحِقُّهُ مُطْلَقًا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا عَيَّنَ النَّاظِرَ فَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا لِمَنْ يَكُونُ نَاظِرًا، ثُمَّ أَقَامَ هُوَ، أَوْ الْحَاكِمُ نَاظِرًا سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ فَقَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا أَعْنِي أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَى أَنَّهُ أُجْرَةٌ إلَّا إذَا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ فَإِنْ صُوِّرَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ أُجْرَةً فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ خِلَافًا لِلْقِيلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ صُوِّرَتْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أُجْرَةً فَالْوَجْهُ الْقِيلُ الْمَذْكُورُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: