للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافُ الْأَوْلَى.

وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «إنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» مَعَ قَوْله تَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣] وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ الْمُوجِبُ لِتَقْدِيرِ مَوَاضِعَ قَبْلَ الصَّلَاةِ نَعَمْ إنْ احْتَلَمَ فِيهِ وَعَسُرَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَزِمَهُ التَّيَمُّمُ وَيَحْرُمُ بِتُرَابِهِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ إلَّا فِيهِ وَمَعَهُ إنَاءٌ تَيَمَّمَ وَدَخَلَ لِمَلْئِهِ لِيَغْتَسِلَ بِهِ خَارِجَهُ فَإِنْ فُقِدَ الْإِنَاءُ جَازَ لَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ وَاغْتُفِرَ لَهُ زَمَنَهُ لِلضَّرُورَةِ بَلْ لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي نَحْوِ بِرْكَةٍ فِيهِ جَازَ لَهُ دُخُولُهُ مُطْلَقًا لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا وَهُوَ مَارٌّ فِيهَا لِعَدَمِ الْمُكْثِ

ــ

[حاشية الشرواني]

عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ مَتَى وَصَلَ لِلْبَابِ الْآخَرِ رَجَعَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّرَدُّدَ اهـ.

(قَوْلُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَكَمَا لَا يَحْرُمُ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ أَقْرَبَ طَرِيقَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ كُرِهَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ حَيْثُ وَجَدَ طَرِيقًا غَيْرَهُ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَحْرُمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَخِلَافُ الْأَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ حُرْمَةِ الْمُكْثِ دُونَ الْعُبُورِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُبُورُ سَبِيلٍ بَلْ فِي مَوَاضِعِهَا وَهُوَ الْمَسْجِدُ مُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ فُقِدَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهَا مَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْغُسْلُ إلَّا فِي الْحَمَّامِ لِخَوْفِ بَرْدِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ إلَّا مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إنْ تَيَمَّمَ وَمَكَثَ قَدْرَ حَاجَتِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(فَائِدَةٌ)

عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمْكُثَ بِالْمَسْجِدِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَوْ كَانَ الْغُسْلُ يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ ع ش (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ التَّيَمُّمُ) فَلَوْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَائِهِ أَوْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي جَمِيعَهَا لَكِنْ مَنَعَهُ نَحْوُ الْبَرْدِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي جَمِيعِهَا دُونَ بَعْضِهَا فَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ الْمَقْدُورِ فِي الصُّورَتَيْنِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.

ع ش وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَغْسِلَ مَا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ مِنْ بَدَنِهِ إذْ الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا انْتَهَى وَمَا يَقَعُ لِلشَّخْصِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ مِنْ أَنَّهُ يَنَامُ عِنْدَ نِسَاءٍ أَوْ أَوْلَادٍ مُرْدٍ وَيَحْتَلِمُ وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي عِرْضِهِ لَوْ اغْتَسَلَ عُذْرٌ مُبِيحٌ لِلتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ أَشَقُّ مِنْ الْخَوْفِ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ لَكِنْ يَغْسِلُ مِنْ بَدَنِهِ مَا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَيَقْضِي؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِثْلُ التَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ بِتُرَابِهِ إلَخْ) وَيَصِحُّ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِهِ فَلَوْ خَالَفَ وَتَيَمَّمَ بِهِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ كَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ وَالْمُرَادُ بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ لَا الْمَجْمُوعُ مِنْ رِيحٍ وَنَحْوِهِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَحَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ جُنُبًا بِلَا تَيَمُّمٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْإِيعَابِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حِلَّهُ بِمَا جُلِبَ إلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ وَبِتُرَابِ أَرْضِ الْغَيْرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَرَاهَتَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ) هَلْ الْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَأَجْزَائِهِ أَوْ كَاَلَّذِي فَرَشَهُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَائِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ وَلَعَلَّ التَّحْرِيمَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ احْتِرَامُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ أَجْزَائِهِ حَتَّى يُعْلَمَ مُسَوِّغٌ لِأَخْذِهِ حَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ مُغْنِي وَتَرَدُّدُهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَلَّةِ إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا قُلْنَا إنَّ الدَّاخِلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ لَا يُجْزِئُ فِي التَّيَمُّمِ وَحُمِلَ ذَلِكَ التَّرَدُّدُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُجْزِئُ أَوْ لَا وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ م ر مِنْ أَنَّ الدَّاخِلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ يَحْرُمُ التَّيَمُّمُ بِهِ وَيَصِحُّ بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْهُ كَاَلَّذِي تَهُبُّ بِهِ الرِّيَاحُ فَلَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ ع ش (قَوْلُهُ تَيَمَّمَ) أَيْ حَتْمًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ الِاغْتِسَالُ إلَخْ) وَلَزِمَهُ التَّيَمُّمُ لِلدُّخُولِ (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ دُخُولُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ دُخُولَهُ وَاغْتِسَالَهُ مِنْ الْبِرْكَةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَاجِبٌ لَا جَائِزٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إنَاءٌ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمَكَثَ فِي الْمَسْجِدِ لِمِلْئِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ وَلَا ضَرُورَةَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ إلَخْ أَيْ وَسَوَاءٌ تَيَمَّمَ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ وَاجِبٌ لَا جَائِزٌ إلَخْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا جَوَازٌ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ فَيَشْمَلُ الْوُجُوبَ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ خَصَائِصِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَحِلُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَيْسَ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ دُونَ وُقُوفٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ الْبَابِ الْآخَرِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ م ر.

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يُعَارِضُ هَذَا الْأَصْلَ أَنَّ الْأَصْلَ حَمْلُ الصَّلَاةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَعَدَمُ تَقْدِيرِ مَوَاضِعَ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ بِتُرَابِهِ إلَخْ) لَوْ شَكَّ فِي التُّرَابِ الْمَوْجُودِ فِيهِ هَلْ دَخَلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا فَهَلْ يَحْرُمُ التَّيَمُّمُ بِهِ وَيَنْبَغِي التَّحْرِيمُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ تُرَابُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ثُبُوتِ الْمَسْجِدِيَّةِ بِالْإِشَاعَةِ، وَقَدْ يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْقَرَائِنِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِيهِ أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ خَبَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>