فِيمَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ نَعَمْ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ كَالْوَدِيعَةِ فَاشْتِرَاطُ تَحَقُّقِهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ وَبَحْثُ بَعْضِهِمْ الِاكْتِفَاءَ بِهِ فِي الْهَدِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تُسُومِحَ فِيهَا بِعَدَمِ الصِّيغَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَهْدَى إلَى النَّجَاشِيِّ ثَلَاثِينَ أُوقِيَّةً مِسْكًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ فَقَسَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ نِسَائِهِ» وَيُقَاسُ بِالْهَدِيَّةِ الْبَاقِي وَقَالَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ الْمَقْبُوضَةُ كَالصَّحِيحَةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَا الْمِلْكِ
وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِالْقَبْضِ إنْ كَانَ بِإِقْبَاضِ الْوَاهِبِ، أَوْ (بِإِذْنِ الْوَاهِبِ) ، أَوْ وَكِيلِهِ فِيهِ أَوْ فِيمَا يَتَضَمَّنُهُ كَالْإِعْتَاقِ وَكَذَا نَحْوُ الْأَكْلِ خِلَافًا لِلْقَاضِي عَلَى مَا قَالَهُ شَارِحٌ لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ فَلَوْ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَهُ وَلَوْ أَذِنَ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ أَوْ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ، أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْإِذْنُ وَلَوْ قَبَضَهُ فَقَالَ الْوَاهِبُ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَهُ وَقَالَ الْمُتَّهِبُ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْوَاهِبُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَرَدُّدٍ لَهُ فِي ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشرواني]
اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا، وَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ مِنْ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْوَاهِبِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَيُقْبَضُ الْمُشَاعُ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا وَمَنَعَ مِنْ الْقَبْضِ شَرِيكُهُ وَوَكَّلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي قَبْضِ نَصِيبِهِ صَحَّ فَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبَضَ الْحَاكِمُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَيَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا وَيَصِحُّ بَيْعُ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَ الْهِبَةِ وَحُصُولَ الْمِلْكِ بِالْعَقْدِ وَيُبْطِلُ الْهِبَةَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ
(قَوْلُهُ: لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ) أَيْ: إلَّا إنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِالْأَكْلِ أَوْ الْعِتْقِ وَأَذِنَ فِيهِ الْوَاهِبُ فَيَكُونُ قَبْضًا اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اهـ ع ش وَسَيُفِيدُهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَالْإِعْتَاقِ وَكَذَا نَحْوُ الْأَكْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ قَوْلِهِ فِي الْهَدِيَّةِ، وَالْقَبْضُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ التَّجْرِيدِ وَغَيْرِهِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْإِذْنَ بَلْ الْإِعْلَامَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَدْ يُقَالُ الْإِعْلَامُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ أَيْ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ أَيْ: الْقَبْضِ فِي الْهَدِيَّةِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءَ بِهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا فَقَطْ فَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُهْدَى إلَيْهِ فِي الْهَدِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُطَالَبُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَقِبَ الْمَتْنِ فَلَا يَمْلِكُ بِالْعَقْدِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَهْدَى إلَى النَّجَاشِيِّ ثَلَاثِينَ أُوقِيَّةً مِسْكًا، ثُمَّ قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ إنِّي لَأَرَى النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ وَلَا أَدْرِي الْهَدِيَّةَ الَّتِي أُهْدِيَتْ إلَيْهِ أَلَا تُسْتَرَدُّ وَإِذَا رُدَّتْ إلَيَّ فَهِيَ لَك فَكَانَ كَذَلِكَ» اهـ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ نِسَائِهِ) أَيْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ الَّذِي مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي عَنْ الْحَاكِمِ يَقْتَضِي فِي الْهِبَةِ تَخْصِيصَهُ بِأُمِّ سَلَمَةَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بِهِ) أَيْ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ بِالْمَعْنَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: كَثِيرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا بَعْدَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْهَدِيَّةَ تُمْلَكُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ الْقَبْضِ أَوْ الْوَضْعِ بَيْنَ الْيَدَيْنِ مَثَلًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِ فَتَصَرُّفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْهَدِيَّةِ لِانْتِفَائِهِمَا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِإِقْبَاضِ الْوَاهِبِ) أَيْ: أَوْ وَكِيلِهِ
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: الْقَبْضِ، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِإِذْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَتَضَمَّنُهُ) أَيْ: الْقَبْضَ أَوْ الْإِذْنَ فِيهِ (قَوْلُهُ كَالْإِعْتَاقِ) تَمْثِيلٌ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ وَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ ش اهـ سم وَلَا يُخْفَى مَا فِي هَذَا الْعَطْفِ لَوْ قَالَ رَاجِعٌ إلَى الْإِعْتَاقِ لَكَانَ أَوْلَى، عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَكْلِ أَوْ الْعِتْقِ عَنْهُ أَيْ: الْمُتَّهِبِ فَأَكَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ كَانَ قَبْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ) لَعَلَّ الْأَسْبَكَ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي قَالَ سم جَزَمَ بِهِ أَيْ: بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ الرَّوْضُ حَيْثُ قَالَ فَرْعٌ لَيْسَ الْإِتْلَافُ أَيْ: مِنْ الْمُتَّهِبِ قَبْضًا إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَكْلِ، أَوْ الْعِتْقِ أَيْ: عَنْهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَيَكُونُ قَبْضًا وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الِازْدِرَادِ، وَالْعِتْقِ انْتَهَى اهـ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي وَالزِّيَادِيُّ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الِازْدِرَادِ إلَخْ قَالَ ع ش قِيَاسُ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الضِّيَافَةِ مِنْ الْمِلْكِ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَنْ يُقَدِّرَ انْتِقَالَهُ إلَيْهِ هُنَا قُبَيْلَ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ، وَالتَّلَفُّظِ بِالصِّيغَةِ اهـ أَيْ: صِيغَةِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ) غَايَةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنٍ) أَيْ وَلَا إقْبَاضٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْلَ تَمَامِهِ وَلَوْ مَعَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبَضَهُ إلَخْ) وَلَوْ أَقْبَضَهُ وَقَالَ قَصَدْت بِهِ الْإِيدَاعَ، أَوْ الْعَارِيَّةُ وَأَنْكَرَ الْمُتَّهِبُ صُدِّقَ الْوَاهِبُ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ اهـ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ صُدِّقَ الْوَاهِبُ اهـ.
(قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْوَاهِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ بَحَثْت بِذَلِكَ مَعَ م ر الْمُوَافِقِ لِلشَّارِحِ فِيمَا قَالَهُ فَوَافَقَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا إذْنٍ) تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ قَوْلِهِ فِي الْهَدِيَّةِ، وَالْقَبْضُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ التَّجْرِيدِ وَغَيْرِهِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ فَلَمْ يُشْتَرَطْ الْإِذْنُ بَلْ الْإِعْلَامُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَدْ يُقَالُ الْإِعْلَامُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: كَالْإِعْتَاقِ) تَمْثِيلٌ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ ش (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ شَارِحٌ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ فَرْعٌ لَيْسَ الْإِتْلَافُ أَيْ: مِنْ الْمُتَّهِبِ قَبْضًا إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَكْلِ، أَوْ