للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّ الذَّابِحَ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَهُ بِذَبْحِهِ وَالْآكِلِينَ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِمْ قِيمَةُ اللَّحْمِ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ تَرَدُّدٍ لَهُ فِي مَوْقُوفٍ وَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا لَمْ يُعْلَمْ مُسْتَحِقُّهُمَا أَنَّهُ لَا يُتَمَلَّكُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْأَوَّلِ جَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَتِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ حَيِّزِ الْأَمْوَالِ الْمَمْلُوكَةِ وَفِي الثَّانِي جَوَازُ تَمَلُّكِهَا كَرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مَمْلُوكَانِ؛ الرَّقَبَةُ لِلْوَارِثِ وَالْمَنْفَعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ (وَإِنْ وُجِدَ) الْحَيَوَانُ الْمَذْكُورُ (بِقَرْيَةٍ) مَثَلًا أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا أَيْ عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ فِي مَهْلَكَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ) فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَالْأَخْذِ بِقَصْدِ الْخِيَانَةِ (لِلتَّمَلُّكِ) لِسَوْقِ أَيْدِي الْخَوَنَةِ إلَيْهِ هُنَا دُونَ الْمَفَازَةِ لِنُدْرَةِ طُرُوقِهَا وَلِاعْتِيَادِ إرْسَالِهَا فِيهَا بِلَا رَاعٍ فَلَا تَكُونُ ضَالَّةً بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْقَاضِي مُعْرِضًا عَنْهَا ثُمَّ عَادَ لِإِعْرَاضِهِ الْمُسْقِطِ لِحَقِّهِ

(وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ وَكَسِيرِ إبِلٍ وَخَيْلٍ (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) لِلْحِفْظِ وَ (لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمَفَازَةِ) زَمَنَ الْأَمْنِ وَالنَّهْبِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْقَاضِي كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْخَبَرِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ) أَيْ الْمَأْكُولِ لِلتَّمَلُّكِ (مِنْ مَفَازَةٍ) بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ) وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ (وَتَمَلَّكَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ كَغَيْرِهِ (أَوْ بَاعَهُ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ بِشَرْطِهِ الْآتِي (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ) كَالْأَكْلِ بَلْ أَوْلَى (وَعَرَّفَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ بَعْدَ بَيْعِهَا لَا الثَّمَنَ وَلِذَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ هُنَا حَذَرًا مِنْ إيهَامِ عَوْدِهِ عَلَى الثَّمَنِ وَذَكَرَهُ فِي أَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا إيهَامَ فِيهِ (ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (أَوْ) تَمَلَّكَهُ حَالًا ثُمَّ (أَكَلَهُ) إنْ شَاءَ إجْمَاعًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ احْتِيَاجِهِ لِإِذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْبَيْعِ لَا هُنَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ بِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمَالِكِ وَهِيَ مَنُوطَةٌ بِنَظَرِ الْحَاكِمِ وَالتَّمَلُّكُ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ النَّاجِزَةُ لِلْمُلْتَقِطِ فَقَطْ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى نَظَرِ حَاكِمٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ.

(وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) يَوْمَ تَمَلُّكِهِ لَا أَكْلِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ آخِرَ الْبَابِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ لِمَالِكِهِ (إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ تَعْرِيفُهُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ وَإِنْ كَانَ هُوَ فَقِيرًا فَلَا يَمْنَعُهُ فَقْرُهُ مِنْ ذَبْحِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ اهـ ع ش أَقُولُ: وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ قَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ وَعَدَمِ تُهْمَةِ الْوَاجِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْآكِلِينَ) عَطْفٌ عَلَى الذَّابِحَ ش اهـ سم (قَوْلُهُ قِيمَةُ اللَّحْمِ) هَلَّا قَالَ مِثْلُ اللَّحْمِ اهـ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بَدَلُ اللَّحْمِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْآكِلِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ حَالَ الذَّابِحِ كَحَالِ مَنْ غَصَبَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ ثُمَّ غَصَبَ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ انْتِزَاعُهُ فَإِنَّهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْآخِذَ مِنْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِي مَوْقُوفٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا لِعَدَمِ انْطِبَاقِ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُحَرَّزَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَمْرَهَا لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَمْ يُعْلَمْ مُسْتَحِقُّهُمَا) أَيْ وَلَكِنْ عُلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ مَوْقُوفٌ وَالثَّانِي مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا اهـ سم (قَوْلُهُ الرَّقَبَةُ لِلْوَارِثِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (قَوْلُهُ وَالْأَخْذِ) عَطْفٌ عَلَى الْحَرَمِ ش اهـ سم أَيْ وَغَيْرِ الْأَخْذِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِاعْتِيَادِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلُهُ لِنُدْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْبَعِيرِ إلَخْ) وَكَالْجَارِيَةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِرَاضُهَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ الْمُقَلَّدِ) أَيْ تَقْلِيدَ الْهَدْيِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ مُطْلَقًا اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَيْ حَيَوَانًا أَوَّلًا فِي الْمَفَازَةِ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ زَمَنَ الْأَمْنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ إرْسَالُهُ فِيهِمَا بِلَا رَاعٍ وَنَدَرَ وُجُودُ السِّبَاعِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَتَخَيَّرُ) فِيمَا لَا يَمْتَنِعُ آخِذُهُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ بِخَطِّهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ) أَيْ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ إنْ وَجَدَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا اهـ مَحَلِّيٌّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِشْهَادِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ وَأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْكَسْبُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ الْآتِي) أَيْ فِي شَرْحِ فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ مُسْتَقِلًّا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ.

(قَوْلُهُ كَالْأَكْلِ) تَعْلِيلٌ لِجَوَازِ الْبَيْعِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَعَرَّفَهَا) أَيْ بِمَكَانٍ يَصْلُحُ لِلتَّعْرِيفِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ حَذَرًا) عِلَّةً لِلْعِلِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الْمَأْكُولَ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ سم (قَوْلُهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ) أَيْ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ (قَوْلُهُ يَوْمَ تَمَلُّكِهِ) مَعْمُولٌ لِقِيمَتِهِ وَقَوْلُهُ لَا أَكْلِهِ عَطْفٌ عَلَى تَمَلُّكِهِ ش اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ قِيمَةُ يَوْمِ الْآخِذِ إنْ أُخِذَ لِلْأَكْلِ وَقِيمَةُ يَوْمِ التَّمَلُّكِ إنْ أُخِذَ لِلتَّعْرِيفِ كَمَا حَكَيَاهُ عَنْ بَعْضِ الشُّرُوحِ وَأَقَرَّاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ) أَيْ التَّمَلُّكِ حَالًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ الَّذِي يُفْهِمُهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ بِالصَّحْرَاءِ لَا مُطْلَقًا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالْآكِلِينَ) عَطْفٌ عَلَى الذَّابِحَ ش (قَوْلُهُ قِيمَةُ اللَّحْمِ) هَلَّا قَالَ مِثْلُ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ أَبَدًا لَمْ يُعْلَمْ مُسْتَحِقُّهُمَا) أَيْ وَلَكِنْ عُلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ مَوْقُوفٌ وَالثَّانِي مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالْأَخْذِ) عَطْفٌ عَلَى الْحَرَمِ ش

(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ احْتِيَاجِهِ إلَخْ) عِنْدِي أَنَّ هَذَا الَّذِي فَرَّقَ بِهِ لَا يَصْلُحُ لِلْفَرْقِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْمَالِكِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ الْمُلْتَقِطِ وَكُلٌّ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمَالِكِ وَقَدْ يَكُونُ فِي خِلَافِهِ فَكَمَا اُحْتِيجَ فِي الْأَوَّلِ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ لِيَأْذَنَ فِيهِ إنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً وَيَمْنَعُهُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي خِلَافِهِ فَلْيَحْتَجْ فِي الْبَقِيَّةِ إلَى نَظَرِهِ لِذَلِكَ وَتَحَقُّقُ مَصْلَحَةٍ نَاجِزَةٍ فِي بَعْضِهَا لِلْمُلْتَقِطِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ بَلْ يُؤَكِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا نِيطَ بِنَظَرِهِ مَا لَا حَظَّ فِيهِ حَالًا لِغَيْرِ الْمَالِكِ فَفِيمَا فِيهِ حَظٌّ لِغَيْرِهِ حَالًا أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَا يُسَوَّغُ الْإِعْرَاضُ عَنْ النَّظَرِ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ مَصْلَحَةٌ لِلْمَالِكِ فَيُسَوَّغُ أَوَّلًا فَيَمْتَنِعُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالدِّقَّةِ (قَوْلُهُ يَوْمَ) مَعْمُولٌ لِقِيمَتِهِ وَقَوْلُهُ لَا أَكْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>