للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسَتُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ) أَيْ الْمَطْرُوحِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ لِلْغَالِبِ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) صِيَانَةً لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ هَذَا إنْ عَلِمَ بِهِ جَمْعٌ وَلَوْ مُتَرَتِّبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الِاكْتِسَابِ الْمَجْبُولِ عَلَى حُبِّهِ النُّفُوسُ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ

(وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ الِالْتِقَاطُ وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ وَيَضِيعَ نَسَبُهُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ وَوُجُوبُهُ عَلَى مَا مَعَهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَقَعَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَهُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ وَمَتَى تَرَكَ الْإِشْهَادَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ إلَّا إنْ تَابَ وَأَشْهَدَ فَيَكُونُ الْتِقَاطًا جَدِيدًا مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مُصَرِّحًا بِأَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ فِسْقٌ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَتَى سَلَّمَهُ لَهُ الْحَاكِمُ سُنَّ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ حُكْمٌ يُغْنِي عَنْهُ انْتَهَى وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّعْلِيلُ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ مُطْلَقًا فَالْوَجْهُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ تَسْلِيمَ الْحَاكِمِ فِيهِ مَعْنَى الْإِشْهَادِ فَأَغْنَى عَنْهُ وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حِفْظًا لَهُ وَقِيَامًا بِتَرْبِيَتِهِ بَلْ لَوْ خُشِيَ ضَيَاعُهُ لَمْ يَبْعُدْ وُجُوبُ الْتِقَاطِهِ وَيَجِبُ رَدُّ مَنْ لَهُ كَافِلٌ كَوَصِيٍّ وَقَاضٍ وَمُلْتَقِطٍ لِكَافِلِهِ

(وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ) وَلَوْ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ لِقُوتِهِ لَا يَشْغَلُهُ (مُسْلِمٌ) إنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ بِالدَّارِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الشَّيْءِ رُكْنًا لِنَفْسِهِ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الَّذِي جُعِلَ رُكْنًا هُوَ اللَّقْطُ اللُّغَوِيُّ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْأَخْذِ وَالْأَوَّلُ اللَّقْطُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ أَخْذُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الَّذِي لَا كَافِلَ لَهُ مَعْلُومٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَسَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ يُعْلَمُ الثَّالِثُ مِنْ قَوْلِهِ الْتِقَاطُ إلَخْ وَالثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ إلَخْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ قَوْلِهِ الْمَنْبُوذِ (قَوْلُهُ لِلْغَالِبِ) إذْ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ مَاشِيًا وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ) لَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ إذْ الْأَصَحُّ إلَخْ سم وَرَشِيدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَلَوْ عَلَى فَسَقَةٍ عُلِمُوا بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الِالْتِقَاطُ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لَهُمْ أَيْ فَعَلَى الْحَاكِمِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُمْ وَلَعَلَّ سُكُوتَهُمْ عَنْ هَذَا لِعِلْمِهِ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ جَمْعٌ) أَيْ مُتَعَدِّدٌ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ وَاحِدٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ) أَيْ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ لِرَجُلَيْنِ وَلَوْ مَسْتُورَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْعَدْلَيْنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ) أَيْ ثَابِتَهَا بِأَنْ تَثْبُتَ بِالْمُزَكِّينَ وَاشْتَهَرَتْ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى فَرْدِهِ الْكَامِلِ فَغَيْرُهُ كَمَسْتُورِ الْعَدَالَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ) أَيْ الْإِشْهَادِ وَ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَعَهُ) أَيْ كَثِيَابِهِ وَ (قَوْلُهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ) أَيْ الْوُجُوبُ وَ (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ) أَيْ لِلَّقِيطِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ امْتِنَاعِ الْإِشْهَادِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا مِنْ ظَالِمٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ اهـ ع ش وَسَيَأْتِي عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِشْهَادُ اهـ سم (قَوْلُهُ فِي اللُّقَطَةِ) وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ التَّبَعِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْكَسْبِ وَفِي الِالْتِقَاطِ الْوِلَايَةُ عَلَى اللَّقِيطِ وَمَا مَعَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ) فَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ لِلَّقِيطِ وَمَا مَعَهُ مِنْهُ وَالْمُنْتَزَعُ مِنْهُ وَمِمَّنْ يَأْتِي الْحَاكِمُ اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَابَ إلَخْ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ الْوِلَايَةَ مَسْلُوبَةً إلَى التَّوْبَةِ أَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ كَبِيرَةٌ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ الْآتِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ جَدِيدًا مِنْ حِينَئِذٍ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فِيمَا سَيَأْتِي فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ إذَا تَابَ وَسَيَأْتِي ثَمَّ عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي اشْتِرَاطُهَا فَعَلَيْهِ هَلْ يُقَالُ هُنَا بِنَظِيرِهِ أَوْ يُفَرَّقُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَمَرَّ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّهُ إذَا عَرَضَ فِيهَا قَصْدُ الْخِيَانَةِ فِي الْأَثْنَاءِ ثُمَّ زَالَ مَا يَأْتِي فِيهِ نَظِيرُ مَا ذَكَرَ هُنَا فَرَاجِعْهُ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش فِي اللُّقَطَةِ تَرْجِيحُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ أَنَّهُ حَكَمَ فِي قَضِيَّةِ رُفِعَتْ إلَيْهِ وَطُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِأَنَّ تَسْلِيمَ الْحَاكِمِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَجْلِسِهِ أَحَدٌ فَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا يَفْعَلَهُ الْحَاكِمُ يَشْتَهِرُ أَمْرُهُ فَيُسْتَفَادُ بِهِ الْعِلْمُ بِالِالْتِقَاطِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ بَلْ لَوْ خُشِيَ إلَى وَيَجِبُ وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لَكِنْ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الْمُمَيِّزِ) هَذَا اللَّفْظُ مِنْ الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا كَانَ فِي أَصْلِ الشَّارِحِ ثُمَّ أَصْلَحَ وَكَتَبَ بِالْمِدَادِ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ فِي الْمُغْنِي مَعْدُودًا مِنْ الْمَتْنِ فَلَعَلَّ النُّسَخَ مُخْتَلِفَةٌ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَقُولُ: وَعَلَى كُلٍّ فَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُمَيِّزَ وَالْبَالِغَ وَالْمَجْنُونَ يَلْتَقِطَانِ (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ خُشِيَ ضَيَاعُهُ لَمْ يَبْعُدْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَقْطُ غَيْرِ بَالِغٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا إنْ نُبِذَ فَرْضٌ اهـ وَهِيَ كَالصَّرِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْتِقَاطِ الْمُمَيِّزِ مُطْلَقًا وَكَذَا صَنِيعُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فَلْيُرَاجَعْ سم وَع ش (قَوْلُهُ وَيَجِبُ رَدُّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ الْوَاجِدَ لَهُ وَيُوصِلَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ يَجِبُ رَدُّهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ ابْتِدَاءً اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَقَاضٍ) كَأَنَّ مُرَادُهُ مَا إذَا كَانَ الْقَاضِي تَعَاطَى كَفَالَتَهُ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَالْقَاضِي لَهُ الْكَفَالَةُ الْعَامَّةُ الشَّامِلَةُ لِكُلِّ مَنْ لَا كَافِلَ لَهُ فِي وِلَايَتِهِ فَلَوْ وَجَبَ الرَّدُّ مُطْلَقًا لَنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ وَلَا تَفْتَقِرُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فُرُوعِ الْبَابِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ لِمَنْ تَتْبَعُهَا فَتَأَمَّلْ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْ الرَّدِّ لِلْقَاضِي حَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْهُ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ إلَخْ) وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ دَفْعُهُ إلَيْهِ نَعَمْ لَوْ وَجَدَهُ فَأَعْطَاهُ غَيْرَهُ لَمْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ) كَأَنَّهُ مَنْ إذْ الْأَصَحُّ إلَخْ

(قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى هَذَا عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ تَسْلِيمَ الْحَاكِمِ فِيهِ مَعْنَى الْإِشْهَادِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِتَسْلِيمِ الْحَاكِمِ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ شَاهِدَانِ أَوْ وَاحِدٌ مَعَهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>