وَاعْتُرِضَ بِقَوْلِهِمْ فِي طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ بِمِائَةٍ طَلُقَتْ بِهَا كَالْجَعَالَةِ وَقَوْلِهِمْ فِي اغْسِلْ ثَوْبِي وَأُرْضِيك فَقَالَ لَا أُرِيدُ شَيْئًا يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا تَوَقَّفَ عَلَى لَفْظِ الزَّوْجِ أُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْأَخِيرَةَ لَيْسَتْ نَظِيرَةَ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ مَا فِيهَا رَدٌّ لِلْجُعْلِ مِنْ أَصْلِهِ فَأَثَّرَ بِخِلَافِ رَدِّ بَعْضِهِ.
(وَتَصِحُّ) الْجَعَالَةُ (عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ) كَمَا عُلِمَ مِنْ تَمْثِيلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَذَكَرَهُ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ وَقَيَّدَ جَمْعٌ ذَلِكَ بِمَا يَعْسُرُ ضَبْطُهُ لَا كَبِنَاءِ حَائِطٍ فَيَذْكُرُ مَحَلَّهُ وَطُولَهُ وَسُمْكَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ، وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَيَصِفُهُ كَالْإِجَارَةِ (وَكَذَا مَعْلُومٌ) كَمَنْ رَدَّهُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا جَازَتْ مَعَ الْجَهْلِ فَمَعَ الْعِلْمِ أَوْلَى وَمَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَمَلِ مِنْ كُلْفَةٍ فَلَوْ رَدَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَلَا كُلْفَةَ فِيهِ كَدِينَارٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذْ لَا كُلْفَةَ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَجَزَمَ بِذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ م ر وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَدَّ ثُمَّ عَمِلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَخْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا لَوْ رَدَّ الْقَبُولَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَرُدُّ الْعَبْدَ.
وَمَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ قَبِلَ وَرَدَّ الْعِوَضَ وَحْدَهُ كَقَوْلِهِ أَرُدُّهُ بِلَا شَيْءٍ ثُمَّ رَأَيْت سم اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّدُّ عِنْدَ الْعَقْدِ إلَخْ وَقَوْلُهُ م ر اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ م ر وَرَدُّ الْمَجْنُونِ كَرَدِّ الْجَاهِلِ وَالْمُرَادُ بِالْمَجْنُونِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَجْنُونِ إذَا رَدَّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا تَقَدَّمَ مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَعِبَارَةُ سم أَقُولُ يَتَّجِهُ فِي الْمَجْنُونِ أَنَّهُ إنْ عُيِّنَ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ بِحَيْثُ يَعْقِلُ الْإِذْنَ وَإِلَّا كَانَ رَدُّهُ كَرَدِّ غَيْرِ الْعَالِمِ بِالْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ اُشْتُرِطَ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ الْإِذْنَ لِتَمْيِيزِهِ وَعِلْمِهِ بِالْإِذْنِ إذْ رَدُّهُ بِدُونِ ذَلِكَ كَرَدِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِذْنَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ إنْ عَرَضَ الْجُنُونُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْإِذْنِ فَقَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ حَالَ رَدِّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَقَوْلُهُ كَرَدِّ الْجَاهِلِ بِالنِّدَاءِ أَيْ فَلَا يَسْتَحِقُّ اهـ أَقُولُ وَقَوْلُ سم نَعَمْ إنْ عَرَضَ إلَخْ فِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ فَيُرَاجَعُ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ) إلَى قَوْلِهِ وَبِأَنَّ الْأَخِيرَةَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَالْجَعَالَةِ إلَى وَقَدْ يُجَابُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلُهُمْ كَالْجَعَالَةِ الدَّالِّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْجَعَالَةِ وَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَهَذَا وَجْهُ الِاعْتِرَاضِ فِيمَا يَظْهَرُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ هُنَا نِصْفُ الدِّينَارِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلَيْ الْإِمَامِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ بِهَذَا لَا يَدْفَعُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخُلْعِ وَالْجَعَالَةِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمُشَارَكَةِ فِي مُجَرَّدِ اسْتِحْقَاقِ الْعِوَضِ اهـ ع ش أَقُولُ وَيُؤَيِّدُهُ إسْقَاطُ الْمُغْنِي لَفْظَةَ كَالْجَعَالَةِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَنْ رَدَّهُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ هُنَا إلَخْ) عَلَى أَنَّ تَمْثِيلَهُ أَوَّلَ الْبَابِ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْمَعْلُومِيَّةِ كَمِنْ مَوْضِعِ كَذَا مِنْ طَرِيقِ كَذَا اهـ سم (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ جَمْعٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا أَفَادَهُ جَمْعٌ بِمَا إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهُوَ مَخْصُوصٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ بِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَطُولَهُ إلَخْ) تَرَكَ الْعَرْضَ وَهُوَ مُرَادٌ بِلَا شَكٍّ وَعَطْفُ الِارْتِفَاعِ عَلَى السُّمْكِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ الْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالسُّمْكِ مَعْنَى الْعَرْضِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ أَوَائِلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ مِنْ كُلْفَةٍ) أَوْ مُؤْنَةٍ كَرَدِّ آبِقٍ أَوْ ضَالٍّ أَوْ حَجٍّ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ تَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ حِرْفَةٍ أَوْ إخْبَارٍ فِيهِ غَرَضٌ وَصَدَقَ فِيهِ اهـ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ وَلَوْ جَعَلَ لِمَنْ أَخْبَرَهُ بِكَذَا جُعْلًا فَأَخْبَرَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ فَإِنْ تَعِبَ وَصَدَقَ فِي إخْبَارِهِ وَكَانَ لِلْمُسْتَخْبِرِ غَرَضٌ فِي الْمُخْبَرِ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْجَعَالَةِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ رَدَّ مَنْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ الْمَطْلُوبِ فِي يَدِهِ فَرَدَّهُ وَفِي الرَّدِّ كُلْفَةٌ كَالْآبِقِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّ مَا لَا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْبُلْقِينِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ شَرْحُ م ر (أَقُولُ) يَتَّجِهُ فِي الْمَجْنُونِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ بِحَيْثُ يَعْقِلُ الْإِذْنَ وَإِلَّا كَانَ رَدُّهُ كَرَدِّ غَيْرِ الْعَالِمِ بِالْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ اُشْتُرِطَ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ الْإِذْنَ لِتَمْيِيزِهِ وَعِلْمِهِ بِالْإِذْنِ إذْ رَدُّهُ بِدُونِ ذَلِكَ كَرَدِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِذْنَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ إنْ عَرَضَ الْجُنُونُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْإِذْنِ فَقَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ حَالَ رَدِّهِ فَلْيَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلُهُمْ كَالْجَعَالَةِ الدَّالُّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْجَعَالَةِ وَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الِاعْتِرَاضِ فِيمَا يَظْهَرُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ هُنَا نِصْفُ الدِّينَارِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ بِهَذَا لَا يَدْفَعُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخُلْعِ وَالْجَعَالَةِ.
(قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ) عَلَى أَنَّ تَمْثِيلَهُ أَوَّلَ الْبَابِ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْمَعْلُومِيَّةِ كَمِنْ مَوْضِعِ كَذَا مِنْ طَرِيقِ كَذَا (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ جَمْعٌ ذَلِكَ إلَخْ) ش م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ جَعَلَ لِمَنْ دَلَّ عَلَيْهِ فَدَلَّهُ اسْتَحَقَّ لَا إنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ لِمَنْ أَخْبَرَهُ أَيْ بِشَيْءٍ فَأَخْبَرَهُ فَلَا إلَّا إنْ تَعِبَ وَصَدَقَ وَكَانَ لِلْمُسْتَخْبِرِ غَرَضٌ اهـ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ الصِّدْقِ فِي الْخَبَرِ هُنَا وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِيهِ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ ذَاكَ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ وَهِيَ الْإِخْبَارُ الشَّامِلُ لِلْكَذِبِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ مُسَمَّاهَا وَمَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ وَلَا يَصْلُحُ الْإِخْبَارُ لِلْعِوَضِيَّةِ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ مُعْتَبَرٌ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِدُونِ الصِّدْقِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ عَنْ الْقَفَّالِ وَكَلَامُ الْخَادِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute