ثَمَّ لَوْ نُهِبَ الْحِمْلُ أَوْ غَرِقَ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ لَمْ يَجِبْ الْقِسْطُ؛ لِأَنَّ الْحِمْلَ لَمْ يَقَعْ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ وَلَا ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ الدَّابَّةُ أَوْ نُهِبَتْ وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ أَمَّا الْقِنُّ فَيُشْتَرَطُ تَسْلِيمُهُ لِلسَّيِّدِ أَوْ وُقُوعُ التَّعْلِيمِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ (وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا حَبْسَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَعُلِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ أَيْضًا لِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ.
(وَيُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ الْجَاعِلُ سَوَاءٌ (الْمَالِكُ) وَغَيْرُهُ (إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلِ الْمَتْنِ فَرَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْمَالِكَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَدَفَعَهُ لَهُ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ اهـ سم أَيْ وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ كَذَلِكَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ هَرَبَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ الدَّابَّةُ إلَخْ) أَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ مَعَ سَلَامَةِ الْمَحْمُولِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مَعَ سَلَامَةِ الْمَحْمُولِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَمَا شَمَلَهُ إطْلَاقُهُ وَفِي حَجّ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْمَالِكِ حَاضِرًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ) اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ لِيَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لَكِنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَمَّا الْقِنُّ إلَخْ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا تَسْلِيمُ الْحِمْلِ لِلْمَالِكِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَيَكُونُ الشَّرْطُ حُضُورَ الْمَالِكِ أَوْ تَسْلِيمَ الْحِمْلِ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الدَّابَّةِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ الْقِسْطِ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَلِفَ الْحِمْلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِاشْتِرَاطِهِمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ وُقُوعَ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورَ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ ثُمَّ مَا قَالُوهُ مِنْ اشْتِرَاطِ ظُهُورِ الْأَثَرِ عَلَى الْمَحَلِّ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْحِمْلَ مِمَّا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ، وَتَصْوِيرُ الرَّوْضِ الْمَسْأَلَةَ بِالتَّلَفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتْلَفْ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا إنْ تَمَّمَ الْعَمَلَ وَقِيَاسُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْحِمْلُ وَوَجْهُهُ عَدَمُ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ تَمَامُ الْعَمَلِ مَعَ إمْكَانِهِ لَكِنَّ كَلَامَ شَرْحِ الرَّوْضِ مُصَرِّحٌ بِعَدَمِ تَوَقُّفِ اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى تَلَفِ الْحِمْلِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ وَإِنْ خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ فَاحْتَرَقَ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ بَنَى بَعْضَ الْحَائِطِ فَانْهَدَمَ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَتَعَلَّمْ الصَّبِيُّ لِبَلَادَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةِ إذَا لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَهُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إلَخْ فَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ تَرَكَهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ مَعَ عَدَمِ التَّلَفِ وَمَعَ التَّرْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ تَسْلِيمُهُ لِلسَّيِّدِ) وَهَلْ مِثْلُ تَسْلِيمِ الْمُعَلِّمِ عَوْدُ الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَى سَيِّدِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ الْفَقِيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَ (قَوْلُهُ أَوْ فِي مِلْكِهِ) كَأَنْ يُعَلِّمَهُ فِي بَيْتِ السَّيِّدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ) إلَى الْخَاتِمَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ جِنْسِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ) بِأَنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ الْعَامِلُ شَرَطْت لِي جُعْلًا وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَأَنْ قَالَ مَا شَرَطْت الْجُعْلَ أَوْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لِلْمَالِكِ فَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ ثُمَّ رَأَيْت مَا قَدَّمْته فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فَرَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْمَالِكَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَدَفَعَهُ لَهُ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ الدَّابَّةُ أَوْ نُهِبَتْ وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ) اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ لِيَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لَكِنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَمَّا الْقِنُّ فَيُشْتَرَطُ تَسْلِيمُهُ لِلسَّيِّدِ أَوْ وُقُوعُ التَّعْلِيمِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا تَسْلِيمُ الْحِمْلِ لِلْمَالِكِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَيَكُونُ الشَّرْطُ حُضُورَ الْمَالِكِ أَوْ تَسْلِيمَهُ الْحِمْلَ بَعْدَ مَوْتِ الدَّابَّةِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ الْقِسْطِ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَلِفَ الْحِمْلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِاشْتِرَاطِهِمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ وُقُوعَ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورَ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ تَلِفَ ثَوْبٌ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ، وَقَدْ خَاطَ الْأَجِيرُ نِصْفَهُ مَثَلًا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ مِنْ الْمُسَمَّى هَذَا إنْ كَانَ الْعَمَلُ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقَعُ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي فَصْلِ اُسْتُؤْجِرَ فِي قِصَارَةِ ثَوْبٍ لَا إنْ تَلِفَتْ جَرَّةٌ حَمَلَهَا الْأَجِيرُ نِصْفَ الطَّرِيقِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا بِظُهُورِ أَثَرِهِ وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ اهـ.
فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ مِنْ ظُهُورِ أَثَرِ الْعَمَلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَبِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ وَبِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِسْطُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مَعَهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ يُوجِبُ وُقُوعَ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَذَلِكَ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ ظُهُورِ أَثَرِ الْعَمَلِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِصَرِيحِ قَوْلِهِ وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ بَلْ قَوْلُهُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَقَعُ مُسَلَّمًا إلَّا إنْ كَانَ مِمَّا يَظْهَرُ أَثَرُهُ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فَكَيْفَ يَجِبُ الْقِسْطُ بَلْ حَمْلُ الْجَرَّةِ مِنْ أَفْرَادِ الْحَمْلِ بَلْ لَا يَتَأَتَّى فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ جَرَّةً وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ جَرَّةٍ فَوُجُوبُ الْقِسْطِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَمْلِ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَّةِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ وَمَا قَالُوهُ مِنْ اشْتِرَاطِ ظُهُورِ الْأَثَرِ عَلَى الْمَحَلِّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute