غَيْرُهُمَا ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا قَالَ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا» وَبِهِ يَعْتَضِدُ الْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ إلَى قُبَاءَ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمِيرَاثَ لَهُمَا» (وَلَا) اسْتِئْنَافَ لِفَسَادِ الْعَطْفِ بِإِيهَامِهِ التَّنَاقُضَ (يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) فِيمَا إذَا وُجِدَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ كَبِنْتٍ أَوْ أُخْتٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِمَا الْبَاقِي لِئَلَّا يَبْطُلَ فَرْضُهُمَا الْمُقَدَّرُ (بَلْ الْمَالُ) وَهُوَ الْكُلُّ فِي الْأَوَّلِ وَالْبَاقِي فِي الثَّانِي (لِبَيْتِ الْمَالِ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ بِأَنْ جَارَ مُتَوَلِّيهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ لِجِهَةِ الْإِسْلَامِ وَلَا ظُلْمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُمْ بِجَوْرِ الْإِمَامِ وَمَعْنَى الْأَصْلِ هُنَا الْمَعْرُوفُ الثَّابِتُ الْمُسْتَقِرُّ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ يَطْرَأُ عَلَى الْأَصْلِ مَا يَقْتَضِي مُخَالَفَتَهُ.
(وَ) مِنْ ثَمَّ (أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ) مِنْ الْأَصْحَابِ وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَاقَةَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا وَمُتَقَدِّمِيهِمْ ثُمَّ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ وَبِهِ كَقَوْلِ ابْنِ سُرَاقَةَ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ شُيُوخِنَا اعْتَرَضَ تَخْصِيصَهُ بِالْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَكْثَرَهُمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الرَّوْضَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كُلُّ مَنْ كَانَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ وَأَمَّا الْآنَ وَقَبْلَهُ فَهُمْ مَنْ بَعْدَ الشَّيْخَيْنِ (إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ) بِأَنْ فُقِدَ الْإِمَامُ أَوْ بَعْضُ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ كَأَنْ جَارَ (بِالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى انْحِصَارِ مَصْرِفِ التَّرِكَةِ فِيهِمْ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا تَعَذَّرَ تَعَيَّنُوا وَإِنَّمَا جَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِلْجَائِرِ لِأَنَّ لِلْمُزَكَّى غَرَضًا فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ لِتَيَقُّنِهِ بِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ وَتَوَفُّرَ مُؤْنَةِ التَّفْرِقَةِ عَلَيْهِ وَدَفْعَ خَطَرِ ضَمَانِهِ بِالتَّلَفِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَوْ لَمْ يُبَادِرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَا غَرَضَ هُنَا وَأَيْضًا فَمُسْتَحِقُّو الزَّكَاةِ قَدْ يَنْحَصِرُونَ بِالْأَشْخَاصِ فَيُطَالِبُونَ وَلَا كَذَلِكَ جِهَةُ الْمَصَالِحِ فَكَانَتْ أَقْرَبَ لِلضَّيَاعِ وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ نَصَّ عَلَى وِلَايَةِ الْإِمَامِ لِلزَّكَاةِ دُونَ الْإِرْثِ وَمَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ فَقْدِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَغَيْرِهِمْ لَا يُصْرَفُ عَلَى رَأْيِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِغَيْرِ الْمُنْتَظِمِ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ لِقَاضِي الْبَلَدِ الْأَهْلِ لِيَصْرِفَهُ فِي الْمَصَالِحِ إنْ شَمَلَتْهَا وِلَايَتُهُ.
فَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهَا تَخَيَّرَ بَيْنَ صَرْفِهِ لَهُ وَتَوَلِّيهِ صَرْفَهُ لَهَا بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَمِينًا عَارِفًا كَمَا لَوْ فُقِدَ
ــ
[حاشية الشرواني]
اسْتِئْنَافٌ إلَخْ) أَيْ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَوْ فَقَدُوا إلَخْ سم وَرَشِيدِيٌّ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَأَصْلِ الْمَذْهَبِ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يُفْقَدُوا كُلُّهُمْ بِأَنْ وُجِدَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ التَّرِكَةَ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ مَا بَقِيَ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْعَطْفِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُورَثُ إلَخْ (قَوْله بِإِيهَامِهِ التَّنَاقُضَ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ فُقِدُوا كُلُّهُمْ وَعَلَى الْعَطْفِ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَنَّهُمْ فُقِدُوا كُلُّهُمْ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ وُجِدَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِإِيهَامِهِ التَّنَاقُضَ) وَقَدْ يُقَالُ مُجَرَّدُ الْإِيهَامِ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِلْفَسَادِ اهـ سم أَقُولُ قَدْ يَدْفَعُ مَا ذَكَرَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيهَامِ الْإِيقَاعُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَيْ لَا نَقِيضُ الْمَظْنُونِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْكُلُّ) إلَى قَوْلِهِ وَمَا أَوْهَمَتْهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي فَقْدِ الْكُلِّ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي أَيْ فِي وُجُودِ الْبَعْضِ الْغَيْرِ الْمُسْتَغْرِقِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَقَرُّ مِنْ الْمَذْهَبِ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْأَصْحَابِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ طُرُوُّ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ وَمُتَقَدِّمِيهِمْ) لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَاقَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ تَخْصِيصُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ الرَّدَّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْمُصَنِّفَ (قَوْلُهُ أَكْثَرَهُمْ) أَيْ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَمِنْ هَذَا) أَيْ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ) فِي الِاكْتِفَاءِ بِفَقْدِ بَعْضِ الشُّرُوطِ مَعَ تَوَفُّرِ الْعَدَالَةِ وَإِيصَالِ الْحُقُوقِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَفْقُودُ نَحْوَ نَسَبٍ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ وَمَا أَحَقَّ هَذَا الْكَلَامَ بِالِاعْتِمَادِ اهـ ابْنُ الْجَمَّالِ (قَوْلُهُ فِيهِمْ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ اهـ سم (قَوْلُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ) أَيْ بَيْتُ الْمَالِ لِعَدَمِ انْتِظَامِهِ تَعَيَّنُوا أَيْ أَهْلُ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لِلْمُزَكِّي غَرَضًا فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ لِتَيَقُّنِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُصَادَرَةِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ اللَّامَ بِمَعْنَى مِنْ الْبَيَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا غَرَض هُنَا) أَيْ فِي الْمِيرَاثِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ دُونَ الْإِرْثِ) فِيهِ تَرَدُّدٌ فَقَدَ وَرَدَ «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ سم نَبَّهَ عَلَيْهِ سَيِّدُ عُمَرَ اهـ ابْنُ الْجَمَّالِ (قَوْلُهُ وَمَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ هَذَا الْإِيهَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا فِي قَوْلِهِ لَا يُصْرَفُ زَائِدَةً عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَكَلَامُهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الرَّدِّ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ وَلَيْسَ مُرَادًا قَطْعًا بَلْ إنْ كَانَ فِي يَدِ أَمِينٍ نُظِرَ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ بِشَرْطِهِ صَرَفَ الْأَمِينُ بِنَفْسِهِ إلَى الْمَصَالِحِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.
(قَوْلُهُ صَرَفَهُ لِقَاضِي الْبَلَدِ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْبَيَانُ لَا يَخْلُو عَنْ قُصُورٍ يَظْهَرُ لَك مِمَّا أَذْكُرُهُ فَلَوْ قِيلَ صَرْفُهُ لِلْقَاضِي الْأَهْلِ الشَّامِلَةِ وِلَايَتُهُ لَهَا، فَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهَا وِلَايَتُهُ تَخَيَّرَ بَيْنَ صَرْفِهِ لَهُ وَصَرْفِهِ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ عَارِفًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُصُولِ الْحَقِّ لِأَهْلِهِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطْنَا الْأَمَانَةَ فِيمَنْ يَدْفَعُ لَهُ لِأَجْلِ حِلِّ الدَّفْعِ إذْ الْخَائِنُ لَا يُؤْمَنُ لَا لِأَجْلِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ غَيْرَ الْأَمِينِ يَدْفَعُهُ لِلْأَمِينِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْخِيَانَةِ عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ الدَّفْعُ لِذَلِكَ وَهَذَا لَا يُنَافِي صِحَّةَ التَّصَرُّفِ حَيْثُ وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَدَفَعَهُ لِأَمِينٍ عَارِفٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَهْلًا تَخَيَّرَ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ أَمِينًا أَوْ كَانَ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
اسْتِئْنَافَ لِفَسَادِ الْعَطْفِ) لَا حَاجَةَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِإِمْكَانِ الْعَطْفِ عَلَى جُمْلَةِ وَلَوْ فُقِدُوا إلَخْ (قَوْلُهُ بِإِيهَامِهِ التَّنَاقُضَ) قَدْ يُقَالُ مُجَرَّدُ الْإِيهَامِ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِلْفَسَادِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ بِالرَّدِّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ الْقَوْلَ بِالرَّدِّ وَبِإِرْثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فِيهِمْ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ) اُنْظُرْهُ مَعَ صَرْفِ التَّرِكَةِ لَهُمَا إذَا انْتَظَمَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْتَظِمْ فِي أَصْلِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ لَكِنَّهُ قَدْ لَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالِانْحِصَارِ (قَوْلُهُ دُونَ الْإِرْثِ) هَلْ فِيهِ إشْكَالٌ مَعَ مَا رُوِيَ أَعْقِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute