للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَاوِي خَبَرٍ مَوْضُوعٍ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّ مَا صَدَرَ عَنْهُمَا لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ حَتَّى يَقْصِدَ بِهِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْحَاكِمِ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضْمَنْ وَرِثَ) ؛ لِأَنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ وَيَرُدُّهُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْهُ مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ مُنْضَبِطٌ غَالِبًا كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَقَصْدِ الِاسْتِعْجَالِ هُنَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ كَادَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرِيًّا مَحْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُضْمَنُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْقَاتِلُ خَطَأً فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَضْمَنُهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُمْ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ قَاتِلَهُ كَأَنْ يَجْرَحَهُ، ثُمَّ يَمُوتَ هُوَ قَبْلَهُ وَمِنْ الْمَوَانِعِ الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْإِقْرَارِ وَكَوْنُ الْمَيِّتِ نَبِيًّا «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» وَيُحْتَاجُ لِذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) مِنْهَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا تَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَفْرِ بِالْعُدْوَانِ فَمَنْ قَتَلَ مُورَثَهُ بِبِئْرٍ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ يَرِثُهُ وَكَذَا وَضْعُ الْحَجَرِ وَنَصْبُ الْمِيزَابِ وَبِنَاءُ حَائِطٍ وَقَعَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا أَوْ ظُلَّةً أَوْ تَطَهَّرَ بِمَاءٍ أَوْ صَبَّ مَاءً فِي الطَّرِيقِ أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِيهِ فَبَالَتْ مَثَلًا فَمَاتَ بِذَلِكَ مُورَثُهُ وَرِثَهُ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ مُخَرَّجٌ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ لَمْ يَمْنَعْ إرْثَهُ وَمِمَّا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ أَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ كَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ لَمْ يَرِثْهُ وَلَمَّا نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا قَالَ عَقِبَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ كُلَّ مُهْلِكٍ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِمَا ذُكِرَ فِي الدِّيَاتِ يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَقَالَ أَيْضًا عَقِبَ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَفْرِ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِقَوْلِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِقَوْلِ الْمَطْلَبِ وَتَبِعَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمِلْكِهِ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَمَاتَ بِهِ قَرِيبُهُ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ أَنَّهُ يَرِثُهُ.

وَكَذَا إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ اسْمًا وَلَا حُكْمًا انْتَهَى وَمِنْهَا مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ وَالشَّرْطُ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ حَتَّى الشَّيْخَانِ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ اقْتَصَرَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَثَلًا لِاشْتِبَاهِ السَّبَبِ بِبَعْضِ صُوَرِ الشَّرْطِ كَالْحَفْرِ فَقَالَا أَوْ السَّبَبُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا وَمِنْهَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي صُوَرِ الْحَفْرِ وَنَحْوِهِ مِنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

مُعَيَّنٍ نِهَايَةٌ وَابْنُ الْجَمَّالِ (قَوْلُهُ وَرَاوِي خَبَرٍ مَوْضُوعٍ) أَيْ أَوْ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ بِالْأَوْلَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا صَدَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ إذْ قَدْ لَا يَعْمَلُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ حَتَّى يَقْصِدَ بِهِ) أَيْ يَقْصِدَ الْمُعَيَّنَ بِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ لَمْ يَضْمَنْ) كَأَنْ وَقَعَ قِصَاصًا وَحَدًّا اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ بِقِصَاصٍ أَوْ بِدِيَةٍ أَوْ بِكَفَّارَةٍ اهـ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ وَيُحْمَلُ الْخَبَرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ كَوْنُ الْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمْرٌ مُنْضَبِطٌ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الْأُصُولِيُّونَ عِلَّةَ الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ هُنَا مَنْعُ الْإِرْثِ وَالْمَعْنَى كَوْنُ الْقَتْلِ عُدْوَانًا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ سم (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرِيًّا) أَيْ آخِذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ) أَيْ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ بِلَا شَدٍّ وَإِسْنَادُهُ إلَى ضَمِيرِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ لِيَدْخُلَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَاتِلِ الْغَيْرِ الْوَارِثِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ تَضْمَنُهُ) أَيْ الْقَتْلَ خَطَأً (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ فِيهِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ اهـ ع ش وَأَجَابَ سم عَنْ ذَلِكَ الرَّدِّ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الضَّمَانَ الْمُسْتَقِرَّ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَا رَدَّ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ تَلْزَمُهُمْ) أَيْ الْعَاقِلَةَ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَجْرَحَهُ) أَيْ مُورَثَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمُوتَ هُوَ) أَيْ الْجَارِحُ قَبْلَهُ أَيْ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي، ثُمَّ يَمُوتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ عِنْدَ مَوْتِ عِيسَى) أَيْ أَوْ الْخَضِرِ عَلَى الْقَوْلِ بِنُبُوَّتِهِ وَأَنَّهُ حَيٌّ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَفْرِ) وَهُوَ قَوْلُهُ كَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِدَارِهِ إلَخْ فِي تَمْثِيلِ الْقَاتِلِ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِالْعُدْوَانِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَمَنْ قَتَلَ مُورَثَهُ بِبِئْرٍ إلَخْ) يَعْنِي مَنْ مَاتَ مُورَثُهُ بِوُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ تَطَهَّرَ) أَيْ بِمَاءٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ) أَيْ أَمْرَيْنِ أَوْ ضَابِطَيْنِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُخَرَّجٌ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَسُكُوتُهُ عَنْ ثَانِي الْمَعْنَيَيْنِ لَعَلَّهُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ) لَعَلَّ أَوْ هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا) أَيْ قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ (قَوْلُهُ كُلُّ هَلَاكٍ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فَاعِلِهِ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ عَلَى الْهَلَاكِ بِمَعْنَى الْمُهْلِكِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ عَقِبَ مَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا فِي أَوَّلِ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ إنَّهُ الصَّوَابُ) أَيْ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْظُرَا) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ فِي مَنْعِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْمَطْلَبِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَمْ يَنْظُرْ أَوْ عِلَّةٌ لِعَدَمِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ إلَخْ) أَيْ الْقَمُولِيُّ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَرِثُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ بَيَانٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّنْظِيرِ وَلَعَلَّ هَذَا أَلْيَقُ بِهِمَا مِنْ أَنْ يُمَثِّلَا لِلسَّبَبِ بِجُزْئِيَّاتِ الشَّرْطِ أَوْ يُؤَوَّلُ كَلَامُهُمَا بِأَنَّهُمَا أَرَادَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَقَوْلُهُ مِنْ مَقْتُولِهِ صِلَةُ يَرِثُ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ كَوْنُ الْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمْرٌ مُنْضَبِطٌ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ وَقَوْلُهُ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ إنْ كَانَ مِثَالًا لِلْوَصْفِ الْأَعَمِّ الْمُنْضَبِطِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا انْضِبَاطَ لِلْمَشَقَّةِ بَلْ الْمَنَاطُ وَصْفُ السَّفَرِ وَأَيْضًا فَمَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يَنْضَبِطْ حَتَّى عَدَلْنَا عَنْهُ إلَى هَذَا إنْ كَانَ السَّفَرُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ السَّفَرُ أَضْبَطُ مِنْ الْمَشَقَّةِ أَوْ غَيْرُهُ فَمَا هُوَ وَإِنْ كَانَ مِثَالًا لِلْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يَنْضَبِطْ الْمَعْدُولُ عَنْهُ فَوَاضِحٌ إذْ لَيْسَ لَهَا انْضِبَاطٌ غَالِبًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِ عَدَمِ انْضِبَاطِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرُدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>