للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشَرْطُ الْوَدِيعَةِ - كَمَا عُلِمَ مِمَّا -: تَقَرُّرُ كَوْنِهَا مُحْتَرَمَةً كَنَجِسٍ يُقْتَنَى وَحَبَّةِ بُرٍّ بِخِلَافِ نَحْوِ كَلْبٍ لَا يَنْفَعُ وَآلِهِ اللَّهْوِ (مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ وَإِنْ وَثُقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ (وَمَنْ قَدَرَ) عَلَى حِفْظِهَا (وَ) هُوَ أَمِينٌ وَلَكِنَّهُ (لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا حَالًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا بِأَنْ جَوَّزَ وُقُوعَ الْخِيَانَةِ مِنْهُ فِيهَا مَرْجُوحًا أَوْ عَلَى السَّوَاءِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْكَرَاهَةُ بِالْأَوْلَى إذَا شَكَّ فِي قُدْرَتِهِ وَإِنْ وَثُقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ (كُرِهَ لَهُ) أَخْذُهَا مِنْ مَالِكِهَا الرَّشِيدِ الْجَاهِلِ بِحَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبُولُهَا وَقِيلَ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الْخَشْيَةِ الْوُقُوعُ وَلَا ظَنُّهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ الْخِيَانَةِ مِنْهُ فِيهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا قَطْعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا غَيْرُ مَالِكِهَا كَوَلِيِّهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إيدَاعُ مَنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ الْخِيَانَةِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا مِنْهُ وَأَمَّا إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ الرَّشِيدُ بِحَالِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي قَبُولِهَا عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ أَقَرَّهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْأَوَّلِ الْحُرْمَةُ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ إضَاعَةُ مَالٍ مُحَرَّمَةٌ لِمَا يَأْتِي وَبَقَاءُ كَرَاهَةِ الْقَبُولِ فِي غَيْرِ ظَنِّ الْخِيَانَةِ وَحُرْمَتِهِ فِيهَا أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِأَنَّهُ حَامِلٌ لَهُ بِالْإِعْطَاءِ عَلَى الْخِيَانَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَأَمَّا عَلَى الْقَابِلِ

ــ

[حاشية الشرواني]

شَرْطِ صِحَّتِهَا لَا تَسْمِيَتُهَا مُطْلَقًا اهـ سم (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْوَدِيعَةِ) أَيْ لِيَأْتِيَ فِيهَا الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ وَقَوْلُهُ وَآلَةِ لَهْوٍ أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهَا وَلَا مُرَاعَاتُهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الْوَدِيعِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ أَخْذُهَا) كَانَ وَجْهُ التَّفْسِيرِ بِذَلِكَ أَنَّ الْقَبُولَ لَفْظًا لَا يُشْتَرَطُ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنْ سَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّهُ يَكْفِي اللَّفْظُ مِنْ جِهَةِ الْوَدِيعِ فَهَلْ يَحْرُمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْأَخْذِ الْحَرَامِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطِي عَقْدٍ فَاسِدٍ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ حَيْثُ عَلِمَ الْمَالِكُ بِحَالِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا عَلِمَ بِحَالِ الْآخِذِ لَا يَحْرُمُ الْقَبُولُ وَلَا يُكْرَهُ لَكِنَّ قَوْلَهُ أَيْ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَثِقْ إلَخْ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ فِي هَذِهِ أَيْضًا اهـ ع ش.

وَقَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ الْقَبُولُ إلَخْ أَيْ عِنْدَ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي خِلَافًا لِلشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ أَيْ أَخْذُهَا أَيْ لَا مُجَرَّدُ قَبُولِهَا بِاللَّفْظِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُودِعِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ اهـ.

(قَوْلُهُ حَالًّا) أَسْقَطَهُ الْمُغْنِي وَلَعَلَّهُ الْأَوْلَى لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَهُوَ أَمِينٌ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْكَرَاهَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ بِأَنْ جَوَّزَ إلَخْ (قَوْلُهُ كُرِهَ لَهُ أَخْذُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ مَالِكِهَا الرَّشِيدِ إلَخْ) هَذِهِ الْقُيُودُ مُعْتَبَرَةٌ فِي حُرْمَةِ الْأَخْذِ الْمَارِّ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرَ كَلَامِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا هُنَاكَ ثُمَّ الْإِضْمَارُ هُنَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ جَزْمُهُ بِالْكَرَاهَةِ لَا يُطَابِقُ كَلَامَ الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ حِكَايَةِ وَجْهَيْنِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِالتَّحْرِيمِ أَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالَ وَلِيَكُنْ مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَوْدَعَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ مَالَ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَبُولُهَا مِنْهُ جَزْمًا اهـ بِحَذْفٍ.

(قَوْلُهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَحُرْمَتُهُ فِيهَا أَنَّ مُجَرَّدَ الظَّنِّ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ وَلَعَلَّ اعْتِبَارَهُ غَلَبَتَهُ هُنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ مَالِكِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا لَا يَخْلُو عَنْ إجْمَالٍ فَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَثِقْ الْمُودِعُ الْغَيْرُ الْمَالِكِ بِأَمَانَةِ الْوَدِيعِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْإِيدَاعُ سَوَاءٌ أَوَثِقَ الْوَدِيعُ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ أَوْ لَا وَإِنْ وَثُقَ جَازَ لَهُ الْإِيدَاعُ وَأَمَّا الْوَدِيعُ فَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ وَإِنْ وَثُقَ الْمُودِعُ أَيْ الْغَيْرُ الْمَالِكِ بِأَمَانَتِهِ وَإِنْ وَثُقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ لَمْ يَحْرُمْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ كَوَلِيِّهِ) أَيْ أَوْ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ إيدَاعُ مَنْ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَضَمِيرُ لَمْ يَثِقْ لِلْمَوْصُولِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ بِحَالِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُ الْمَتْنِ مَنْ عَجَزَ إلَخْ وَبِالثَّانِي قَوْلُهُ وَمَنْ قَدَرَ إلَخْ اهـ سم (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَسَمِّ فَقَالُوا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْوَجْهَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمَا أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِإِضَاعَتِهِ مَالَهُ إلَخْ مَرْدُودٌ إذْ الشَّخْصُ إذَا عَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ أَخْذَ مَالِهِ لِيُنْفِقَهُ أَوْ يَدْفَعَهُ لِغَيْرِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَلَا الْأَخْذُ إنْ عَلِمَ رِضَاهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُ إلَخْ أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ صَرْفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ) يَعْنِي الْعَاجِزَ عَنْ الْحِفْظِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا أَيْ الْمُودِعِ وَالْوَدِيعِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ إضَاعَةُ مَالٍ إلَخْ) هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخَالِفَهُ أَحَدٌ اهـ سم يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هَلْ فِي ذَلِكَ تِلْكَ الْإِضَاعَةُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُحَرَّمَةٌ) نَعْتُ إضَاعَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبَقَاءُ كَرَاهَةِ الْقَبُولِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْحُرْمَةُ عَلَيْهِمَا بِدُونِ مُلَاحَظَةِ قَوْلِهِ فِي الْأَوَّلِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَحُرْمَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى كَرَاهَةِ الْقَبُولِ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ ظَنِّ الْخِيَانَةِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ إلَخْ) أَيْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

هَلَّا قَالَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْوَدِيعَةِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ إرَادَةُ شَرْطِ صِحَّتِهَا لَا تَسْمِيَتُهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَيْ أَخْذُهَا) كَانَ وَجْهُ التَّفْسِيرِ بِذَلِكَ أَنَّ الْقَبُولَ لَفْظًا لَا يُشْتَرَطُ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنْ سَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّهُ يَكْفِي اللَّفْظُ مِنْ جِهَةِ الْوَدِيعِ فَهَلْ يَحْرُمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْأَخْذِ الْحَرَامِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطِي عَقْدٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ بِحَالِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مَنْ عَجَزَ إلَخْ وَالثَّانِي قَوْلُهُ فِيهِ وَمَنْ قَدَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ إضَاعَةُ مَالٍ مُحَرَّمَةٌ) هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخَالِفَهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ وَحُرْمَتُهُ فِيهَا إلَخْ) هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ ذَاكَ (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِأَنَّهُ حَامِلٌ لَهُ بِالْإِعْطَاءِ عَلَى الْخِيَانَةِ الْمُحَرَّمَةِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَالِكَ مُمَكِّنٌ غَيْرَهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ لِنَفْسِهِ أَعْنِي نَفْسَ ذَلِكَ الْغَيْرِ الَّذِي هُوَ الْوَدِيعُ أَوْ دَفَعَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَالْمَالِكُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَمْكِينٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ وَمُجَرَّدُ هَذَا التَّمْكِينِ لَيْسَ مِنْ الْخِيَانَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَلَا مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ الْمُحَرَّمَةِ وَلَا الْمَكْرُوهَةِ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>