للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا طَلَبَهُ تَحْلِيفَ الْمَالِكِ وَلَا الْبَيِّنَةَ بِأَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ أَقْبَحُ فَغُلِّظَ فِيهِ أَكْثَرَ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي الْمُرَابَحَةِ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ ثَمَّ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا بِخِلَافِهِ هُنَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِلَمْ تُودِعْنِي لَمْ يَقَعْ مِنْك إيدَاعٌ لِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الرَّدِّ بِخِلَافِ نَحْوِ قَوْلِهِ لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ إذْ لَا تَنَاقُضَ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ تَلِفَتْ وَإِلَّا فَهُوَ بِقِسْمَيْهِ (مُضَمَّنٌ) وَإِذَا ادَّعَى غَلَطًا، أَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهِ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ، نَعَمْ: إنْ طَلَبَهَا مِنْهُ بِحَضْرَةِ ظَالِمٍ خَشِيَ عَلَيْهَا مِنْهُ فَجَحَدَهَا دَفْعًا لِلظَّالِمِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْجَحْدِ حِينَئِذٍ وَخَرَجَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ قَوْلُهُ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِسُؤَالِ غَيْرِ الْمَالِكِ، وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ لِقَوْلِ الْمَالِكِ لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ لَا وَدِيعَةٌ لِأَحَدٍ عِنْدِي؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا، وَلَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ الثَّابِتِ بِنَحْوِ بَيِّنَةٍ حُبِسَ وَهَلْ يَكْفِي جَوَابُهُ بِلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا لِتَضَمُّنِهِ دَعْوَى تَلَفِهَا، أَوْ رَدِّهَا، أَوْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ (تَنْبِيهٌ)

مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي التَّلَفِ وَالرَّدِّ يَجْرِي فِي كُلِّ أَمِينٍ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ فَإِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ فِي الرَّدِّ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى أَنَّ نَحْوَ الْغَاصِبِ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَيْضًا لِئَلَّا يَخْلُدَ حَبْسُهُ ثُمَّ يَغْرَمَ الْبَدَلَ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهَا بَعْدَ الْبَحْثِ التَّامِّ وَيَظْهَرُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا فِيمَا يَأْتِي لُقَطَةُ الْحَرَمِ بِأَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي أَهَمِّ الْمَصَالِحِ إنْ عَرَفَ وَإِلَّا سَأَلَ عَارِفًا وَيُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ وَلَا يَبْنِي بِهَا مَسْجِدًا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَدْفَعُهَا لِقَاضٍ أَمِينٍ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ قَالَ كَالْجَوَاهِرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا كَاللُّقَطَةِ فَلَعَلَّ صَاحِبَهَا نَسِيَهَا فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَرَفَهَا فِيمَا ذُكِرَ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مَالٌ ضَائِعٌ فَمَتَى لَمْ يَيْأَسْ مِنْ مَالِكِهِ أَمْسَكَهُ لَهُ أَبَدًا مَعَ التَّعْرِيفِ نَدْبًا، أَوْ أَعْطَاهُ لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَحْفَظُهُ لَهُ كَذَلِكَ وَمَتَى أَيِسَ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ يَبْعُدَ فِي الْعَادَةِ وُجُودُهُ فِيمَا يَظْهَرُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

ــ

[حاشية الشرواني]

ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْجُحُودِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنْ يَضْمَنُ أَيْ الْبَدَلَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ لَا طَلَبَهُ) أَيْ الْوَدِيعِ وَقَوْلُهُ وَلَا الْبَيِّنَةَ مَعْطُوفَانِ عَلَى قَبُولَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الرَّدِّ وَالتَّلَفِ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ) أَيْ نِسْيَانِ الْوَدِيعِ أَصْلَ الْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ نِهَايَةٌ أَيْ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا) قَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا فَصَلُوا هُنَاكَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ قَوْلِهِ إلَخْ) حَالٌ مِنْ لَمْ تُودِعْنِي مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي (قَوْلُهُ يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ) أَيْ دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ وَالْبَيِّنَةُ اهـ ع ش أَيْ وَطَلَبُ تَحْلِيفِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً يَوْمَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ انْتَهَى أَيْ وَأَمَّا دَعْوَاهُ التَّلَفَ فَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَهُ أَيْ الْجُحُودِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَضَمِنَ الْبَدَلَ لِخِيَانَتِهِ بِالْجُحُودِ كَالْغَاصِبِ سَوَاءٌ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي أَمْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي وَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ بَعْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ انْتَهَى اهـ سم.

(قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ الْجُحُودُ بِقِسْمَيْهِ أَيْ لَمْ تُودِعْنِي وَلَا وَدِيعَةَ لَهُ عِنْدِي اهـ سم وَعِ ش وَكَرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إلَخْ) غَايَةُ ثُمَّ هَذَا إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهِ إلَخْ) صِفَةُ قَوْلِهِ غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْجُحُودَ (قَوْلُهُ إنْ طَلَبَهَا مِنْهُ إلَخْ) سَوَاءٌ طَالَبَ الظَّالِمُ الْمَالِكَ بِهَا أَمْ لَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ لِقَوْلِ الْمَالِكِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِسُؤَالِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا وَدِيعَةَ لِأَحَدٍ إلَخْ مَقُولٌ لِلْقَوْلِ ابْتِدَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي جَوَابُهُ) أَيْ لِدَعْوَى الْإِيدَاعِ الثَّابِتِ اهـ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِأَصْلِ الْإِيدَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ أَيْ وَيُعْلَمُ مِنْهُ كِفَايَتُهُ جَوَابًا عَنْ غَيْرِ الثَّابِتِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَسَيَعْلَمُ إلَى وَأَفْتَى وَقَوْلِهِ وَيَظْهَرُ إلَى بِأَنَّهُ (قَوْلُهُ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ) وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ وَلَوْ غَاصِبًا، وَمَنْ ادَّعَى الرَّدَّ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَلِمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا فَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَكَذَلِكَ أَوْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ وَالْمُرْتَهِنَ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ لَا يُصَدَّقَانِ فِي الرَّدِّ) أَيْ وَيُصَدَّقَانِ فِي التَّلَفِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَنَّ نَحْوَ الْغَاصِبِ) أَيْ مَنْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَلِمِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ) أَيْ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ لُقَطَةُ الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ لَا الْمَدِينَةِ لِجَوَازِ تَمَلُّكِ لُقَطَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ) أَيْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبْعُدَ فِي الْعَادَةِ) إنْ كَانَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِالرَّدِّ وَالتَّلَفِ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ وَالتَّلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْجُحُودِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنْ يَضْمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ التَّنَاقُضُ الْمَذْكُورُ حَاصِلٌ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا ضَرُورَةَ أَنَّهُ فَرْعُ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ تَأْوِيلًا) قَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا فَصَّلُوا هُنَاكَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً يَوْمَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ الرَّدِّ انْتَهَى أَيْ وَأَمَّا دَعْوَاهُ التَّلَفَ فَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَهُ أَيْ الْجُحُودِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَضَمِنَ الْبَدَلَ لِخِيَانَتِهِ بِالْجُحُودِ كَالْغَاصِبِ سَوَاءٌ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي أَمْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي وَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ بَعْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ) أَيْ الْجُحُودُ بِقِسْمَيْهِ أَيْ لَمْ تُودِعْنِي وَلَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي (قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي جَوَابُهُ) وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ جَوَابَهُ بَعْدَ إنْكَارِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ الْمَذْكُورِ فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>