وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إثْبَاتِهِ مَفْسَدَةٌ كَادِّعَائِهِ أَنَّ مَانِعَهُ إنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ آخِرِ تَفْرِقَةٍ لِلْفَيْءِ عَلَيْهِمْ بِدَلِيلِ إثْبَاتِ اسْمِهِ قَبْلُ (فِي الدِّيوَانِ) مَعَ الْمُرْتَزِقَةِ (أَعْمًى وَلَا زَمِنًا وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) لِنَحْوِ جُبْنٍ، أَوْ فَقْدِ يَدٍ، أَوْ جَهْلٍ بِالْقِتَالِ وَصِفَةِ الْإِقْدَامِ لِعَجْزِهِمْ وَمَحَلُّهُ فِي مُرْتَزِقٍ كَذَلِكَ أَمَّا عِيَالُ مُرْتَزِقٍ بِهِمْ ذَلِكَ فَيُثْبَتُونَ تَبَعًا لَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْهَمَ مَنْ لَا يَصْلُحُ الْأَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ جَوَازَ إثْبَاتِ أَخْرَسَ وَأَصَمَّ وَكَذَا أَعْرَجُ يُقَاتِلُ فَارِسًا وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ فِي هَؤُلَاءِ بِالْجَوَازِ وَفِي أُولَئِكَ بِالْحُرْمَةِ وُجُوبُ إثْبَاتِ الصَّالِحِ لِلْغَزْوِ الْكَامِلِ، وَهُوَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ مَانِعٌ لِأَصْلِ الْغَزْوِ وَلَا لِكَمَالِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ، أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ) وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (أُعْطِيَ) وَبَقِيَ اسْمُهُ فِي الدِّيوَانِ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْضًا لِذَلِكَ لَكِنْ يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ الدِّيوَانِ أَيْ وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَاَلَّذِي يُعْطَاهُ كِفَايَةُ مُمَوِّنِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ الْآنَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَسْكَنَتُهُ.
وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّ النَّصَّ يَقْتَضِيهِ (وَكَذَا) يُعْطَى مُمَوَّنُ الْمُرْتَزِقِ مَا يَلِيقُ بِذَلِكَ الْمُمَوَّنِ، وَهُوَ (زَوْجَتُهُ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَمُسْتَوْلَدَاتُهُ (وَأَوْلَادُهُ) ، وَإِنْ سَفَلُوا وَأُصُولُهُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ فِي حَيَاتِهِ بِشَرْطِ إسْلَامِهِمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ الْمَحْضِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (إذَا مَاتَ) .
وَإِنْ لَمْ يُرْجَ كَوْنُهُمْ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ بَعْدُ لِئَلَّا يُعْرِضُوا عَنْ الْجِهَادِ إلَى الْكَسْبِ لِإِغْنَاءِ عِيَالِهِمْ وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْ الْمُعِيدَ، أَوْ الْمُدَرِّسَ إذَا مَاتَ يُعْطَى مُمَوَّنُهُ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ مَا يَقُومُ بِهِ تَرْغِيبًا فِي الْعِلْمِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ لِمَنْ يَقُومُ بِالْوَظِيفَةِ وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ الْمُتَّصِفِ بِهِ مُدَّةً فَمُدَّتُهُمْ مُغْتَفَرَةٌ فِي جَنْبِ مَا مَضَى كَزَمَنِ الْبَطَالَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ وُجُوبُ ذَلِكَ. اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَجْهُهُ) أَيْ: وُجُوبُ عَدَمِ الْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَانِعَهُ إنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ: فَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْغِنَى الْحَادِثِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمْ) أَيْ: الْمُرْتَزِقَةِ الَّذِينَ هُوَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ مَعَهُمْ. (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ جُبْنٍ) إلَى قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَصِفَةُ الْإِقْدَامِ) وَعَبَّرَ النِّهَايَةُ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ: عَدَمِ جَوَازِ إثْبَاتِ هَؤُلَاءِ، وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيْ: أَعْمًى، أَوْ زَمِنٌ، أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا عِيَالُ مُرْتَزِقٍ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ عِيَالَ الْمُرْتَزِقِ إذَا كَانَ بِهِمْ عَمًى، أَوْ زَمَانَةٌ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْفَرْقِ يَثْبُتُونَ تَبَعًا لَهُ فَهَذَا وَاضِحٌ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ لِبَحْثِ الْجَلَالِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطَوْا لِلْقِتَالِ بَلْ أُعْطِيَ هُوَ مَا يَكْفِي مُؤْنَتَهُمْ سم عَلَى حَجّ. اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ) إلَى قَوْلِهِ: وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ فِي الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: جَوَازُ إثْبَاتِ أَخْرَسَ وَأَصَمَّ إلَخْ) لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ. اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَارِسًا) أَيْ: لَا رَاجِلًا. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: فِي هَؤُلَاءِ) أَيْ: الْأَخْرَسِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَفِي أُولَئِكَ أَيْ: الْأَعْمَى وَالزَّمِنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِالْحُرْمَةِ) أَيْ: عَلَى مَا اخْتَارَهُ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ مِنْ وُجُوبِ عَدَمِ إثْبَاتِ أُولَئِكَ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ زَوَالُهُ) أَيْ: الْمَانِعِ مِنْ الْمَرَضِ وَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَإِلَى قَوْلِهِ: وَاعْتُرِضَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا ذَلِكَ الْقَوْلَ. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ إلَخْ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا يُعْطِي زَوْجَاتِ الْمَيِّتِ وَأَوْلَادَهُ بَلْ أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ: يَمْحِي اسْمَهُ) أَيْ: مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْمُرْتَزِقَةِ مِنْ الدِّيوَانِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِلَّا فَمَحْوُهُ مُطْلَقًا قَدْ يُوقِعُ فِي اللَّبْسِ. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ: وُجُوبًا إلَخْ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْوُجُوبِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُعْطًى بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ الْمُعْطَى فِي الْحَالَيْنِ. نَعَمْ يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: يَمْحِي اسْمَهُ إلَخْ أَيْ: نَدْبًا لَا وُجُوبًا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ يَرَى الْوُجُوبَ هُنَا وَهُنَاكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ وُجُوبِ عَدَمِ إثْبَاتِ نَحْوِ الْأَعْمَى. (قَوْلُهُ: اللَّائِقَةُ بِهِ الْآنَ) أَيْ: لَا الْقَدْرُ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ لِأَجْلِ فَرَسِهِ وَقِتَالِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. اهـ مُغْنِي وَسُلْطَانٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ: الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلرَّشِيدِيِّ حَيْثُ حَمَلَهُ عَلَى وُجُوبِ عَدَمِ إثْبَاتِ نَحْوِ الْأَعْمَى الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّارِحُ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ، ثُمَّ اُسْتُشْكِلَ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: مَسْكَنَتُهُ) أَيْ: الْمَرِيضِ، أَوْ الْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: يُعْطَى) إلَى قَوْلِهِ بِشَرْطِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مَا يَلِيقُ بِذَلِكَ الْمُمَوِّنِ) أَيْ: لَا مَا كَانَ لِلْمُرْتَزِقِ أَخْذُهُ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: الَّذِينَ إلَخْ) هَلْ هُوَ نَعْتٌ لِلزَّوْجَةِ أَيْضًا؟ .
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إسْلَامِهِمْ إلَخْ) فَلَا تُعْطَى الزَّوْجَةُ الْكَافِرَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَهَا، وَمِثْلُهَا الْبَاقُونَ فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ إعْطَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ مَنْعِهِ، وَهُوَ الْكُفْرُ. اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ وَلِشَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ سم: الْوَجْهُ أَنَّ هَذَا التَّرَدُّدَ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْطَى فِي حَيَاتِهِ لِمُمَوِّنِهِ وَلَوْ كَافِرًا لِظُهُورِ التَّبَعِيَّةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَضَعْفِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ م ر. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْجُ) إلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ رَأَيْت فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِإِغْنَاءِ عِيَالِهِمْ) أَيْ: بَعْدَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَنْبَطَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ: وَمَا اسْتَنْبَطَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ رُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يُعْطَى مُمَوِّنُهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: -
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: أَمَّا عِيَالُ مُرْتَزِقٍ لَهُمْ ذَلِكَ فَيُثْبِتُونَ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ عِيَالَ الْمُرْتَزِقِ إذَا كَانَ بِهِمْ عَمًى، أَوْ زَمَانَةٌ، أَوْ عَجْزٌ عَنْ الْغَزْوِ يَثْبُتُونَ تَبَعًا لَهُمْ فَهَذَا، وَاضِحٌ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ لِبَحْثِ الْجَلَالِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا لِلْقِتَالِ بَلْ أَعْطَى هُوَ مَا يَكْفِي مُؤْنَتَهُمْ. (قَوْلُهُ: الْآنَ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ هَلْ هُوَ كُلّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ عِنْدَ حُضُورِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ، وَكُلُّ فَصْلٍ عِنْدَ حُضُورِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِسْوَةِ؟ . (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ هَذَا التَّرَدُّدَ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْطِي فِي حَيَاتِهِ لِمَوْتِهِ -