وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ بِأَنَّهُ يُنْظَرُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ الرَّاهِنَةِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ بَيْعَ ضَيْعَتِهِ وَرَأْسَ مَالِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا بِدَلِيلِ النَّظَرِ لِلسَّنَةِ أَوْ الْعُمْرِ الْغَالِبِ (وَثِيَابُهُ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ بِهَا فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ إنْ لَاقَتْ بِهِ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ إفْتَاءِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ حُلِيَّ الْمَرْأَةِ اللَّائِقَ بِهَا الْمُحْتَاجَةَ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ عَادَةً لَا يَمْنَعُ فَقْرَهَا وَقِنَّهُ الْمُحْتَاجَ لِخِدْمَتِهِ وَلَوْ لِمُرُوءَتِهِ لَكِنْ إنْ اخْتَلَّتْ مُرُوءَتُهُ بِخِدْمَتِهِ لِنَفْسِهِ، أَوْ شَقَّتْ عَلَيْهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَكُتُبَهُ الَّتِي يَحْتَاجُهَا وَلَوْ نَادِرًا لِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ آلَةً لَهُ كَتَوَارِيخِ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَشْعَارِ نَحْوِ اللُّغَوِيِّينَ وَلَوْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، أَوْ كَطِبٍّ، أَوْ وَعْظٍ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ مِنْ فَنٍّ وَاحِدٍ بَقِيَتْ كُلُّهَا لِمُدَرِّسٍ وَالْمَبْسُوطُ لِغَيْرِهِ فَيَبِيعُ الْمُوجَزَ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَا يَظْهَرُ، أَوْ نُسَخٌ مِنْ كِتَابٍ بَقِيَ لَهُ الْأَصَحُّ لَا الْأَحْسَنُ.
فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى النُّسْخَتَيْنِ كَبِيرَةَ الْحَجْمِ، وَالْأُخْرَى صَغِيرَتَهُ بَقِيَتَا لِمُدَرِّسٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِحَمْلِ هَذِهِ إلَى دَرْسِهِ وَغَيْرِهِ يَبْقَى لَهُ أَصَحُّهُمَا كَمَا مَرَّ وَآلَةُ الْمُحْتَرِفِ كَخَيْلِ جُنْدِيٍّ مُرْتَزِقٍ وَسِلَاحِهِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ بَدَلَهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمُتَطَوِّعٍ احْتَاجَهُمَا وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ مَعَ مَا يَأْتِي مَجِيئُهُ هُنَا مِمَّا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ بِقَيْدِهِ وَمِنْ تَفْصِيلِ الْمُصْحَفِ وَثَمَنِ مَا ذُكِرَ مَا دَامَ مَعَهُ يُمْنَعُ إعْطَاءُهُ بِالْفَقْرِ حَتَّى يَصْرِفَهُ فِيهِ (تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ أَيَّامَ السَّنَةِ وَلَوْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَحْتَاجُ لِبَعْضِ الثِّيَابِ، أَوْ الْكُتُبِ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً مَثَلًا لَا يَبْقَيَانِ لَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إعْطَاءِ السَّنَةِ، وَقَوْلُنَا الْآتِي فِي بَحْثِ الْمِسْكِينِ وَالْمُعْتَمَدُ إلَى آخِرِهِ صَرِيحٌ فِيهِ (وَمَالُهُ الْغَائِبِ فِي مَرْحَلَتَيْنِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
الْفَقْرِ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ أَوْ لَا؟ . مَحَلُّ تَأَمُّلٍ.
وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِيمَا ذُكِرَ مُفَارَقَةٌ لِلْمَأْلُوفِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ جُنْحَةٍ لَعَلَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَقَوْلُهُ كَالشَّارِحِ فِيهِ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا خَالَفَ فِي الْمَسْكَنِ لَا فِي ثَمَنِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَثَمَنُ مَا ذُكِرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ: بَيْنَ مَسْكَنِ الْمَكْفِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُنْظَرُ فِيهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لِمَ كَانَ كَذَلِكَ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ) إلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى النُّسْخَتَيْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَتَوَارِيخِ الْمُحَدِّثِينَ إلَى، أَوْ لِطِبٍّ وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَتَوَارِيخِ الْمُحَدِّثِينَ وَأَشْعَارِ نَحْوِ اللُّغَوِيِّينَ، وَقَوْلَهُ: مِنْ تَفْصِيلِ الْمُصْحَفِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَاقَتْ إلَخْ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ حُسْنُهَا، أَوْ تَعَدُّدِهَا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَالْمُسِنِّ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِنِّهِ) وَقَوْلُهُ: وَكُتُبِهِ، وَقَوْلُهُ: وَآلَةِ مُحْتَرِفٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ مَسْكَنِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَلَوْ نَادِرًا ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى تَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ، وَالثَّانِيَةُ تَعْبِيرُ غَيْرِهِ وَالشَّارِحُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: كَطِبٍّ) أَيْ: وَلَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَعْتَنِي بِهِ. اهـ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَيُبْقِي كُتُبَ طِبٍّ يَكْتَسِبُ بِهَا، أَوْ يُعَالِجُ بِهَا نَفْسَهُ، أَوْ غَيْرَهُ وَالْمُعَالِجُ مَعْدُومٌ مِنْ الْبَلَدِ.
اهـ، وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ بِهَا تَعْلَمُ مَا فِي إطْلَاقِ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَعْظٍ لِنَفْسِهِ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ وَاعِظٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَّعِظُ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَا يَتَّعِظُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَرَوْضٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمَبْسُوطُ لِغَيْرِهِ) أَيْ: الْمُدَرِّسُ عَطْفٌ عَلَى كُلِّهَا لِمُدَرِّسٍ. (قَوْلُهُ: فَيَبِيعُ الْمُوجَزَ) أَيْ: الْمُخْتَصَرَ. (قَوْلُهُ: كَبِيرَةَ الْحَجْمِ إلَخْ) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ كَبِيرَتَهُ هِيَ الْأَصَحُّ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا. اهـ سم، وَلَك أَنْ تَقُولَ الْحَاجَةُ إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ وُضُوحُ الْخَطِّ غَالِبًا فِي كِبَرِ الْحَجْمِ، وَإِنْ فُرِضَ تَسَاوِيهِمَا فِي الصِّحَّةِ. نَعَمْ إنْ فُرِضَ أَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ عَنْ صَغِيرَتِهِ بِوَجْهٍ اُتُّجِهَ تَبْقِيَةُ الصَّغِيرَةِ فَقَطْ، ثُمَّ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الطَّالِبِ لَوْ احْتَاجَ لِنَقْلِ نُسْخَةٍ إلَى مَحَلِّ الدَّرْسِ لِيَقْرَأَ فِيهَا عَلَى الشَّيْخِ أَوْ لِيُرَاجِعَهَا حَالَ الْمُذَاكَرَةِ فَهَلْ تُبْقَيَانِ لَهُ أَيْضًا، أَوْ يُفَرَّقُ بِعُمُومِ نَفَعِ الْمُدَرِّسِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ؟ .
كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْقَلْبُ إلَى الْأُولَى أَمْيَلُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لِكَلَامِهِمْ أَقْرَبَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: قَوْلُهُ: وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ) قَدْ يُقَالُ: مَا وَجْهُ اشْتِرَاطِ التَّعَيُّنِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْعِلْمِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بَلْ رُبَّمَا يَقْتَضِي كَلَامُهُمْ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ أَنَّهَا تُبْقَى، وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ مَنْدُوبًا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا فِي الْمُفْلِسِ وَاضِحٌ فَإِنَّ ذَاكَ حَقُّ آدَمِيٍّ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرَ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِيَ فِي الْغَارِمِ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يَتَأَتَّى إلَخْ) الْأَوْضَحُ مِنْ تَفْصِيلِ الْمُصْحَفِ، وَمَا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا مِمَّا مَرَّ هُنَاكَ عَنْ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ بِقَيْدِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ تَفْصِيلِ الْمُصْحَفِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَيُبَاعُ الْمُصْحَفُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ مُرَاجَعَةُ حَفَظَتِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا حَافِظَ لَهُ فِيهِ تُرِكَ لَهُ انْتَهَتْ. اهـ سم.
(قَوْلُهُ: أَيَّامَ السَّنَةِ) الْأَوْلَى فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّةً إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى زِيَادَةَ وَاوِ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: عَلَى إعْطَاءِ السَّنَةِ) أَيْ: الْمَرْجُوحِ، وَقَوْلُهُ صَرِيحٌ فِيهِ أَيْ: فِي ذَلِكَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَاضِرُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ:
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِالْأُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ، فَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ الرَّاهِنَةِ) إلَّا أَنْ يُقَالَ: لِمَ كَانَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَتْ إنْ لَاقَتْ بِهِ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ كَطِبٍّ، أَوْ وَعْظٍ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، أَوْ كَطَبِيبٍ يَكْتَسِبُ بِهَا أَيْ: بِالْكُتُبِ، أَوْ لِعِلَاجِ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمُعَالِجُ مَعْدُومٌ، أَوْ يَتَّعِظُ بِهَا. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَاعِظٌ إذْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَنْتَفِعُ بِالْوَعْظِ كَانْتِفَاعِهِ فِي خَلْوَتِهِ، وَعَلَى حَسَبِ إرَادَتِهِ. اهـ، فَعُلِمَ مَا فِي إطْلَاقِ الشَّارِحِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّبِيبِ. (قَوْلُهُ: كَبِيرَةُ الْحَجْمِ) كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ كَبِيرَةَ الْحَجْمِ هِيَ الْأَصَحُّ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَمِنْ تَفْصِيلِ الْمُصْحَفِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَيُبَاعُ الْمُصْحَفُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ مُرَاجَعَةُ حَفَظَتِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا حَافِظَ لَهُ تُرِكَ لَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ إلَخْ) ، أَوْ إنَّ ذِكْرَ السَّنَةِ مِثَالٌ