(وَيُغْنِي عَنْهَا) فِي سَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي يُحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ فِيهَا (الِاسْتِفَاضَةُ) بَيْنَ النَّاسِ مِنْ قَوْمٍ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَغَيْرِهِ، وَاسْتِغْرَابُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الظَّنُّ الْمُجَوِّزُ لِلْإِعْطَاءِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ، وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ: (وَكَذَا تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَلَا نَظَرٍ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ بِإِخْبَارِ الْغَرِيمِ هُنَا وَحْدَهُ مَعَ تُهْمَتِهِ الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ ظَنَّ صِدْقَهُ، بَلْ الْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِمَنْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ وَلَوْ فَاسِقًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْغَرِيمِ وَالسَّيِّدِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وَثِقَ بِقَوْلِهِمَا، وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الصِّدْقُ قَالَ: وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ قَطْعًا. اهـ
وَبَعْدَ أَنْ مَهَّدَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا مَا يُثْبِتُ بِهِ الْوَصْفَ الْمُقْتَضِيَ لِلِاسْتِحْقَاقِ شَرَعَ فِي بَيَانِ قَدْرِ مَا يُعْطَاهُ كُلٌّ فَقَالَ: (وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ) اللَّذَانِ لَا يُحْسِنَانِ التَّكَسُّبَ بِحِرْفَةٍ وَلَا تِجَارَةٍ (كِفَايَةَ سَنَةٍ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لَا يَعُودُ إلَّا بِمُضِيِّهَا. (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ) فِي الْأُمِّ (وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ) يُعْطَى (كِفَايَةَ الْعُمُرِ الْغَالِبِ) أَيْ: مَا بَقِيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ فَإِنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى سَنَةً إذْ لَا حَدَّ لِلزَّائِدِ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَأَيْت جَزْمَ بَعْضِهِمْ الْآتِيَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيهِ، أَمَّا مَنْ يُحْسِنُ حِرْفَةً تَكْفِيهِ الْكِفَايَةَ اللَّائِقَةَ بِهِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَيُعْطَى ثَمَنَ آلَةِ حِرْفَتِهِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِعْطَاءِ ذَلِكَ لَهُ الْإِذْنُ لَهُ فِي الشِّرَاءِ، أَوْ الشِّرَاءُ لَهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي
ــ
[حاشية الشرواني]
اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الصُّوَرِ) أَيْ: مِنْ الْأَصْنَافِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْعَامِلِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ كَمَا يُوهِمُهُ السِّيَاقُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: الِاسْتِفَاضَةُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَاسْتِغْرَابُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ) أَيْ: حُصُولِ الِاسْتِفَاضَةِ هُنَا بِثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفَرَّقُ) أَيْ: بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الظَّنُّ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمُغْنِي يُغْنِي عَنْ الْبَيِّنَةِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ تُهْمَتِهِ) أَيْ: بِالتَّوَاطُؤِ (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ بَيْنَ مَنْ يُفَرِّقُ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ، أَوْ وَكَالَةٍ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: اللَّذَانِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ ثُمَّ رَأَيْتُ إلَى أَمَّا مَنْ يُحْسِنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ إلَخْ) هَذَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِمَنْعِ النَّقْصِ لَا لِمَنْعِ الزِّيَادَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَالزَّكَاةُ تَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ فَيَسْتَغْنِي بِهَا سَنَةً فَسَنَةً. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَقَوْلُهُ: أَنْ يُزَادَ إلَخْ أَيْ: أَوْ يُقْصَرَ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ: كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ جَارِيًا فِي حَقِّ مُمَوِّنِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ مَثَلًا وَمُمَوِّنُهُ ابْنَ خَمْسِينَ مَثَلًا، وَإِنَّمَا يُعْطِيهِ لِلْمُمَوِّنِ كِفَايَةَ عَشْرٍ فَقَطْ ثُمَّ كِفَايَةَ سَنَةٍ فَسَنَةٍ وَلَوْ فُرِضَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَهَلْ يُعْطَى كِفَايَةَ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمَوَّنِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُعْطَى كِفَايَةَ عَشْرٍ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ، أَوْ يُعْطَى كِفَايَةَ عَشْرٍ فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمَوِّنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ وَلَا يُعْلَمُ بَقَاءُ الْمَتْبُوعِ بَعْدَهَا حَتَّى تَسْتَمِرَّ التَّبَعِيَّةُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: قَدْ قَدَّمْتُ عَنْ ع ش الْجَزْمَ بِالثَّانِي وَفِيهِ هُنَا مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا لَمْ يَكْفِهَا نَفَقَةُ زَوْجِهَا وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ، أَوْ فَرْعٌ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَوْا كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّعُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا يَدْفَعُ حَاجَتَهُمْ مِنْ تَوْسِعَةِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا بِتَيْسِيرِ مَالٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ كِفَايَةِ قَرِيبِهِ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْغَالِبِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى سَنَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ. اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ وَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ يَمْلِكُونَ مَا أَخَذُوهُ مِلْكًا مُطْلَقًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) الظَّاهِرُ التَّذْكِيرُ إذْ الْمَرْجِعُ الْعُمْرُ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: آنِفًا قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ: فَيَشْتَرِي بِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ ثَمَنُهَا قِيمَةَ عَقَارٍ يَكْفِيهِ غَلَبَتَهُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجِيءَ نَظِيرُهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الشِّرَاءَ لَهُ) أَيْ: شِرَاءَ الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَيَجْزِي قَبْضُهُ؛ لِأَنَّهُ كَقَبْضِ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَذِكْرُ الثَّلَاثَةَ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ لِلِاسْتِظْهَارِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَيُغْنِي عَنْهَا الِاسْتِفَاضَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ، أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اعْتِبَارِ غَلَبَةِ الظَّنِّ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ الْحَالِ وَاحِدٌ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: كَفَى وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ رَأَى لِلْأَصْحَابِ رَمْزًا إلَى تَرَدُّدٍ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْغُرْمَ، وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ هَلْ يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ اهـ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ، وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ: أَوَّلًا لَهُ إعْطَاءُ مَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَنْ ادَّعَى فَقْرًا، أَوْ مَسْكَنَةً أَنَّ ذَاكَ يُعْطَى مَعَ الشَّكِّ بِخِلَافِ هَذَا قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ رَأَى لِلْأَصْحَابِ رَمْزًا إلَى تَرَدُّدٍ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْغُرْمَ، وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ هَلْ يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ. اهـ، فَقَضِيَّةُ مَا صَدَّرَا بِهِ كَلَامَهُمَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ التَّرَدُّدِ الْجَوَازُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ عَلَيْهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ مُخْتَصَرِي الرَّوْضَةِ: وَيَقُومُ مَقَامَ الْعَدْلَيْنِ الِاسْتِفَاضَةُ، أَوْ غَلَبَةُ الظَّنِّ فَعُلِمَ الِاكْتِفَاءُ فِي سَائِرِ مَا مَرَّ هُنَا بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَهُوَ اشْتِهَار الْحَالِ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَا يَكْفِي فِي الدَّيْنِ قَطْعًا مَرْدُودٌ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا لِحَدِّ التَّوَاتُرِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، وَلَا فِي الْوَاحِدِ الْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُورَةُ، بَلْ وَلَا الْعَدَالَةُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ بَيْنَ مَنْ يُفَرِّقُ مَالَهُ، وَمَالَ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ، أَوْ وَكَالَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْغَالِبِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى سَنَةً هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ الشِّرَاءُ لَهُ) هَذَا يُفِيدُ الْإِجْزَاءَ هُنَا مَعَ عَدَمِ قَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي مِمَّا يَدُلُّ لَهُ عَلَى هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute