للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ وَمَرَّ صِحَّةُ تَزْوِيجِهِ وَتَزَوُّجِهِ بِالْكِتَابَةِ مَعَ مَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ وَلَا (الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ، وَتَعَذُّرُ شَهَادَتِهِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَذُّرِ تَحَمُّلِهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَقْبُولَةٌ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ تَأْتِي نَعَمْ لَا يَجُوزُ لِقَاضٍ تَفْوِيضُ وِلَايَةِ الْعُقُودِ إلَيْهِ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعَقْدَ الْوَاحِدَ كَذَلِكَ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ عَقْدَهُ بِمَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَا يُثْبِتُهُ كَشِرَائِهِ بِمُعَيَّنٍ أَوْ بَيْعِهِ لَهُ.

(وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ) غَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» مُرْشِدٍ أَيْ عَدْلٍ عَاقِلٍ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ وَاخْتَارَ أَكْثَرُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَلِي وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ سُلِبَهَا انْتَقَلَتْ لِحَاكِمٍ فَاسِقٍ لَا يَنْعَزِلُ وَلِيَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْفِسْقَ عَمَّ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِي مُنْذُ سِنِينَ أُفْتِي بِصِحَّةِ تَزْوِيجِ الْقَرِيبِ الْفَاسِقِ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ آخَرُونَ إذَا عَمَّ الْفِسْقُ وَأَطَالُوا فِي الِانْتِصَارِ لَهُ حَتَّى قَالَ الْغَزَالِيُّ مَنْ أَبْطَلَهُ حَكَمَ عَلَى أَهْلِ الْعَصْرِ كُلِّهِمْ إلَّا مَنْ شَذَّ بِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ حَرَامٍ اهـ.

وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُمْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَهُوَ لَا يُوصَفُ بِحُرْمَةٍ كَحِلٍّ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَوْلَادَ حِلٍّ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ حُكِيَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ لِأَنَّ الْفِسْقَ إذَا عَمَّ فِي نَاحِيَةٍ وَامْتَنَعَ النِّكَاحُ انْقَطَعَ النَّسْلُ الْمَقْصُودُ بَقَاؤُهُ فَكَذَا هَذَا وَكَمَا جَازَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ لِبَقَائِهِ فَكَذَا هَذَا لِبَقَاءِ النَّسْلِ أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَحْكَامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يُغْتَفَرْ مَا زَادَ عَلَيْهَا نِهَايَةٌ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إنَّ الْغَايَةَ ثَلَاثَةٌ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَهَا انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّيَ صَرَّحَ بِنَقْلِ ذَلِكَ عَنْهُ عِبَارَتُهُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَيَّامًا أَيْ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِلَّا لَمْ تُنْتَظَرْ وَانْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ م ر انْتَهَى اهـ سَيِّدْ عُمَرْ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَفَادَ الشَّارِحُ إلَخْ مُعْتَمَدٌ.

وَقَوْلُهُ: إنَّ الْغَايَةَ ثَلَاثَةٌ أَيْ فَتَنْتَقِلُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ لِلْأَبْعَدِ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُغْتَفَرْ مَا زَادَ عَلَيْهَا هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُدَّةَ إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَلَاثَةٍ اُنْتُظِرَتْ فَالثَّلَاثَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى يَوْمَيْنِ لَمْ يُنْتَظَرْ وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ وَتَنْتَقِلُ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ حَيْثُ أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ اهـ وَقَوْلُهُ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ الْأَقْرَبُ وَلَوْ وَاحِدًا ثُمَّ لَوْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَزَالَ الْمَانِعُ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ بَانَ بُطْلَانُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ لِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ فَبَانَ عَدَمُهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا زَوَّجَ إلَخْ) شَامِلٌ لِيَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَتْنِ وَشُرُوحِهِ كَالْمُحَلَّى وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: الْخَرَسُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا وِلَايَةَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعَقْدَ الْوَاحِدَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ: وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَجِيءُ خِلَافُ الْأَعْمَى فِي الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمِ لِغَيْرِهِ مُرَادُهُ بِالْإِشَارَةِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُونَ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَاتِبًا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ أَوْ يُزَوِّجُهُ وَهَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَالْكِتَابَةِ وَأَسْقَطَهَا أَيْ الْكِتَابَةَ ابْنُ الْمُقْرِي نَظَرًا إلَى تَزْوِيجِهِ لَا إلَى وِلَايَتِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِهَا لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ اهـ وَكَذَا فِي سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا فِيهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ وَإِشَارَتِهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ إذَا تَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ لِاضْطِرَارِهِ حِينَئِذٍ فَتُسْتَثْنَيَانِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بِالْكِنَايَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ شَهَادَتُهُ) أَيْ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي الْبَيْعِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ عَقَدَهُ) أَيْ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ: بِمَهْرٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِكَذَا فِي ذِمَّتِك أَوْ أَطْلَقَ فَيَصِحُّ ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْمَالِ وَكَّلَ مَنْ يَقْبِضُهُ وَإِلَّا وَكَّلَتْ هِيَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لَا يُثْبِتُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ بَلْ يُثْبِتُ مَهْرَ الْمِثْلِ اهـ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: لِفَاسِقٍ) مُجْبِرًا كَانَ أَوْ لَا فُسِّقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ لَا أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَوْ لَا؟ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَقِيلَ عَاقِلٌ وَقَوْلَهُ: لَا يَنْعَزِلُ أَنَّهُ يَلِي وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَمَنْهَجٌ وَزِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يَنْعَزِلُ) صِفَةُ فَاسِقٍ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِي) جَوَابُ لَوْ وَالضَّمِيرُ لِلْقَرِيبِ الْفَاسِقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِسْقَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ أَيْ الْغَزَالِيُّ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِهِ إذْ الْفِسْقُ عَمَّ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ) أَيْ مَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَيْسَ هَذَا أَيْ مَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ مُخَالِفًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالنَّصُّ وَالْحَدِيثُ بَلْ ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الْحَاكِمِ الْمَرْضِيِّ الْعَالِمِ الْأَهْلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْجَهَلَةِ وَالْفُسَّاقِ فَكَالْعَدَمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ) أَيْ صِحَّةَ تَزْوِيجِ الْقَرِيبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ آخِرًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَايَتَهُ) أَيْ إبْطَالِ تَزْوِيجِ الْقَرِيبِ الْفَاسِقِ أَيْ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِهِ (قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ) أَيْ الْغَزَالِيُّ أَوَّلًا أَيْ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ حُكِيَ إلَخْ فَاعِلُ " يُؤَيِّدُ " وَقَوْلُهُ: قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ نَائِبُ فَاعِلِ حُكِيَ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَيْ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ " قَوْلٌ " إلَخْ (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ النِّكَاحُ) أَيْ وَقُلْنَا بِامْتِنَاعِ النِّكَاحِ بِشَاهِدٍ فَاسِقٍ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَا هَذَا) أَيْ فَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْفَاسِقِ حِينَ عُمُومِ الْفِسْقِ الْقَرِيبُ الْفَاسِقُ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ غَيْرَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ثُمَّ هُوَ إلَى قَوْلِهِ قَالَ جَمْعٌ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ الْإِشَارَةِ الْكِتَابَةَ فَقَالَ فِي تَصْحِيحِهِ: إنَّ لِلْأَعْمَى أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي وِلَايَةِ الْأَخْرَسِ الَّذِي لَهُ كِتَابَةٌ أَوْ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا يُنَافِي اعْتِبَارُهُ لَهَا تَرْكَ الْمُصَنِّفِ لَهَا لِأَنَّهُ اعْتَبَرَهَا فِي وِلَايَتِهِ لَا فِي تَزْوِيجِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَاتِبًا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ فَيُوَكِّلُ بِهَا مَنْ يُزَوِّجُ وَالْمُصَنِّفُ نَظَرَ إلَى تَزْوِيجِهِ لَا إلَى وِلَايَتِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>