دُونَ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ - كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ - إثْبَاتُهَا لِفِرَاقِهِ سَوَاءٌ أَغَابَ أَمْ حَضَرَ هَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ اضْطِرَابٍ طَوِيلٍ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي الْمُعَيَّنِ أَيْضًا حَتَّى عِنْدَ الْقَاضِي لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِقَوْلِ أَرْبَابِهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْأَمَةَ مِنْ فُلَانٍ وَأَرَادَ بَيْعَهَا جَازَ شِرَاؤُهَا مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شِرَاؤُهُ مِمَّنْ عَيَّنَهُ لَكِنَّ الْجَوَابَ أَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرَ وَمِمَّنْ اعْتَمَدَ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ وَلَدُهُ التَّاجُ فَقَالَ عَنْهُ: إنْ عُيِّنَ الزَّوْجُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ حَضَرَ أَوْ غَابَ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ قُبِلَتْ مُطْلَقًا وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْأَنْوَارِ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ غَابَ زَوْجُهَا وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ فَقَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي فَإِنَّهُ مَاتَ أَوْ طَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَأَنْكَرَ حُلِّفَ فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَتْ وَزَوَّجَهَا فَإِنْ أَبَى فَالْحَاكِمُ فَفِيهِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ حُلِّفَ إلَخْ مَرْدُودًا لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهَا لِثَالِثٍ وَهُوَ الْحُكْمُ بِفِرَاقِ الْأَوَّلِ لَهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ إذَا صَدَّقَهَا زَوْجُهَا مَعَ تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَالْحَضْرَمِيُّ فَقَالَا: لَوْ خَطَبَهَا رَجُلٌ مِنْ وَلِيِّهَا الْحَاضِرِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا مِنْهُ جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا مِنْهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اعْتِمَادَ الْعُقُولِ عَلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا بِخِلَافِ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى ظُهُورِ حُجَّةٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَوَافَقَهُمَا فِي الْخَادِمِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْقَاضِي وَلِابْنِ الْعِمَادِ هُنَا مَا هُوَ مَرْدُودٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ.
(فَرْعٌ) :
إذَا عُدِمَ السُّلْطَانُ لَزِمَ أَهْلَ الشَّوْكَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ثَمَّ أَنْ يُنَصِّبُوا قَاضِيًا فَتَنْفُذَ حِينَئِذٍ أَحْكَامُهُ لِلضَّرُورَةِ الْمُلْجِئَةِ لِذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ الْإِمَامُ فِي الْغِيَاثِيِّ فِيمَا إذَا فُقِدَتْ شَوْكَةُ سُلْطَانِ الْإِسْلَامِ أَوْ نُوَّابِهِ فِي بَلَدٍ أَوْ قُطْرٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْخَطَّابِيُّ بِقَضِيَّةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَأَخْذِهِ الرَّايَةَ مِنْ غَيْرِ إمْرَةٍ لَمَّا أُصِيبَ الَّذِينَ أَمَّرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ فَابْنُ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ وَإِنَّمَا تَصَدَّى خَالِدٌ لِلْإِمَارَةِ لِأَنَّهُ خَافَ ضَيَاعَ الْأَمْرِ فَرَضِيَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَافَقَ الْحَقَّ فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي الضَّرُورَاتِ إذَا وَقَعَتْ فِي قِيَامِ أَمْرِ الدِّينِ.
(وَلِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ فِي التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إذْنِهَا) كَمَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا نَعَمْ يُسَنُّ لِلْوَكِيلِ اسْتِئْذَانُهَا وَيَكْفِي سُكُوتُهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ) لِلْوَكِيلِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا تَعْيِينُهُ مِنْ الْآذِنَةِ لِوَلِيِّهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ وُفُورَ شَفَقَتِهِ تَدْعُوهُ إلَى أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِنَظَرِهِ وَاخْتِيَارِهِ وَلَا يُنَافِيهِ اشْتِرَاطُ تَعْيِينِ الزَّوْجَةِ لِمَنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ تَنَاقُضٍ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ
ــ
[حاشية الشرواني]
اعْتَمَدَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِهِ وَتُصَدَّقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ) وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِفِرَاقِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِفِرَاقِهَا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ غَابَ إلَخْ) أَيْ الزَّوْجُ الْمُعَيَّنُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ إلَخْ) وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ الزَّوْجُ فَقَدْ تَعَيَّنَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَالْقَاضِي لَهُ بَلْ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي حُقُوقِ الْغَائِبِينَ وَمُرَاعَاتُهَا بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ اهـ سم (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْجَوَابَ إلَخْ) أَيْ عَنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِقَوْلِ أَرْبَابِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ عَنْهُ) أَيْ حَكَى وَلَدُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِبَيِّنَةٍ وَبِدُونِهَا (قَوْلُهُ: أَشَرْت إلَيْهِ) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ) أَيْ أَخَذَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ذَلِكَ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ: غَابَ إلَخْ) أَيْ لَوْ غَابَ وَقَوْلُهُ الْآتِي حُلِّفَ جَوَابُ لَوْ الْمُقَدَّرَةِ (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ مَاتَ وَطَلَّقَنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ وَلِيُّهَا مِنْ تَزْوِيجِهَا وَقَوْلُهُ: فَالْحَاكِمُ أَيْ يُزَوِّجُهَا (قَوْلُهُ: فَفِيهِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ التَّصْرِيحُ إلَخْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ حُكْمُهَا الْمُتَعَدِّي لِثَالِثٍ هُنَا (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ) أَيْ الْمُصَرَّحَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ) أَيْ الْخَاطِبُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا مِنْهُ) الْأَوْفَقُ لِمَا مَرَّ: أَنْ يُزَوِّجَهَا لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا عُدِمَ السُّلْطَانُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ) أَيْ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: لَمَّا أُصِيبَ إلَخْ) ظَرْفٌ لِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّرَهُمْ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (قَوْلُهُ: زَيْدٌ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الَّذِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْخَطَّابِيُّ (قَوْلُهُ: فَرَضِيَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى وَإِنَّمَا تَصَدَّى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَافَقَ الْحَقَّ) مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ أَوْ الْمَدْلُولِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَهَتْ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ نَهْيُهَا اهـ سم وَقَدْ يُفْهِمُهُ تَخْصِيصُهُ الْفَسَادَ فِيمَا لَوْ نَهَتْهُ عَنْ التَّوْكِيلِ الْآتِي بِغَيْرِ الْمُجْبِرِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا يُزَوِّجُهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَا يُزَوِّجُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: مِنْ تَنَاقُضٍ إلَى وَيَكْفِي وَقَوْلَهُ: أَوْ إحْدَى هَؤُلَاءِ وَإِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُنَافِيهِ الْبُطْلَانُ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ بِغَيْرِ إذْنِهَا لَوْ وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ صَارَتْ ثَيِّبًا قَبْلَ الْعَقْدِ فَيُتَّجَهُ بُطْلَانُ التَّوْكِيلِ وَامْتِنَاعُ تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ لِخُرُوجِ الْوَلِيِّ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ إذْنِهَا اهـ سم وَسَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: يُسَنُّ لِلْوَكِيلِ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ حَيْثُ وَكَّلَ الْمُجْبِرُ بِغَيْرِ إذْنِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ الْآذِنَةِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا الْغَيْرِ الْمُجْبِرِ (قَوْلُهُ: شَفَقَتِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ، وَقَوْلُهُ وَاخْتِبَارِهِ عَطْفُ مُغَايِرٍ اهـ ع ش.
[حاشية ابن قاسم العبادي]
دُونَ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ) لَمْ يُفْصِحْ بِاحْتِيَاجِهَا لِلْيَمِينِ فِي الْوَلِيِّ الْخَاصِّ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ الزَّوْجُ فَقَدْ تَعَيَّنَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَالْقَاضِي لَهُ بَلْ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي حُقُوقِ الْغَائِبِينَ وَمُرَاعَاتُهَا بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: التَّصْرِيحُ) هُوَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: فَفِيهِ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ نَهْيُهَا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهَا) لَوْ وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ صَارَتْ ثَيِّبًا قَبْلَ الْعَقْدِ فَيُتَّجَهُ بُطْلَانُ التَّوْكِيلِ وَامْتِنَاعُ تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ لِخُرُوجِ الْوَلِيِّ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) اعْتَمَدَهُ م ر فِي الرَّوْضِ فَقَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَرْأَةَ لَمْ يَصِحَّ انْتَهَى لَكِنْ فِي كَنْزِ الْأُسْتَاذِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُزَوِّجَ لَهُ امْرَأَةً لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْيِينُهَا وَالْأَحْوَطُ التَّعْيِينُ خُرُوجًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute