بِخِلَافِ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهِمْ اهـ وَبَحَثَ أَيْضًا وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ فِسْقَ أُمِّهِ وَحِرْفَتَهَا الدَّنِيئَةَ تُؤَثِّرُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ وَلَهُ اتِّجَاهٌ لَكِنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ. (تَنْبِيهٌ) :
الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْعَالِمِ هُنَا مَنْ يُسَمَّى عَالِمًا فِي الْعُرْفِ وَهُوَ الْفَقِيهُ وَالْمُحَدِّثُ وَالْمُفَسِّرُ لَا غَيْرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ وَإِنْ بَرَعَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُسَمَّى عَالِمًا يُكَافِئُ بِنْتَهُ الْجَاهِلُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ كَمُكَافَأَتِهِ لِبِنْتِ عَالِمٍ بِالْأَصْلَيْنِ وَالْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مَنْ نُسِبَ أَبُوهَا لِعِلْمٍ يُفْتَخَرُ بِهِ عُرْفًا لَا يُكَافِئُهَا مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْوَصِيَّةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى التَّسْمِيَةِ دُونَ مَا بِهِ افْتِخَارٌ وَهُنَا بِالْعَكْسِ فَالْعُرْفُ هُنَا غَيْرُهُ ثَمَّ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِذًا بَحْثُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي حَافِظٍ لِلْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ لَا يَحْفَظُهُ كَذَلِكَ لَا يُكَافِئُ بِنْتَهُ فَأَوْلَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَكِنْ خَالَفَهُ كَثِيرُونَ مِنْ مُعَاصِرِيهِ فَقَالُوا إنَّهُ كُفُؤٌ لَهَا أَيْ لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ جَمِيعَ الْفَضَائِلِ الَّتِي نَصُّوا عَلَيْهَا وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ مَا يَطَّرِدُ بِهِ الِافْتِخَارُ عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ ضِدُّهُ عَارًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَلَيْسَ مُجَرَّدُ حِفْظِ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ النَّوَاحِي.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ) عُرْفًا (لَا يُعْتَبَرُ) فِي بَدْوٍ وَلَا حَضَرٍ وَلَا عَرَبٍ وَلَا عَجَمٍ لِأَنَّ الْمَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ وَحَالٌ حَائِلٌ وَطَوْدٌ مَائِلٌ وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَالْبَصَائِرِ وَيُجَابُ عَنْ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «الْحَسَبُ الْمَالُ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ» بِأَنَّ الْأَوَّلَ عَلَى طِبْقِ الْخَبَرِ الْآخَرِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِحَسَبِهَا وَمَالِهَا» الْحَدِيثَ أَيْ إنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَغْرَاضِ ذَلِكَ وَوَكَّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانَ ذَمِّ الْمَالِ إلَى مَا عُرِفَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي ذَمِّهِ لَا سِيَّمَا قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: ٣٣] إلَى قَوْلِهِ {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: ٣٥] ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَوْ سَوِيَتْ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَا يَكْفِي فِي الْخُطْبَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ مِمَّا تَوَاصَى عَلَيْهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت: التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَالَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا يُذَمُّ وَلَا يُمْدَحُ وَإِنَّمَا ذَمُّهُ وَمَدْحُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ وَسِيلَةً لِلْخَيْرِ وَوَسِيلَةً لِلشَّرِّ
ــ
[حاشية الشرواني]
بِخِلَافِ الْمُلُوكِ إلَخْ) أَيْ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ أَيْضًا) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ كَلَامُهُمْ فِي النِّهَايَةِ وَعِبَارَتُهُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ: تُؤَثِّرُ فِيهَا إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى الْأُمِّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ) فِي دَعْوَى الصَّرَاحَةِ نَظَرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) :
الْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ غَيْرِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ كَالنَّحْوِ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْحِرْفَةِ فَمَنْ أَبُوهَا نَحْوِيٌّ أَوْ أُصُولِيٌّ مَثَلًا لَا يُكَافِئُهَا مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَنَّ الْعُلُومَ الثَّلَاثَةَ مُتَسَاوِيَةٌ وَأَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَالِمًا بِوَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْعُلُومِ لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِهِمَا فِيهَا إذْ التَّسَاوِي لَا يَنْضَبِطُ وَأَنَّ الْعَالِمَ بِالثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا مَعَ مَعْرِفَةِ بَقِيَّةِ الْعُلُومِ وَبَعْضِهَا لَا يُكَافِئُهُ مَنْ شَارَكَهُ فِي الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَخَلَا عَنْ بَقِيَّةِ الْعُلُومِ وَقَوْلُهُ كَمُكَافَأَتِهِ أَيْ الْجَاهِلِ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِالْأَصْلَيْنِ) أَيْ أُصُولِ الدِّينِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَقَوْلُهُ: وَالْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْ كَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ وَالْمَعَانِي وَالْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُلُومِ الِاثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَإِذًا بَحْثُ إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَأَقَرَّهُ وَلَدُهُ فِي الشَّارِحِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ يُفَضِّلُونَ شَيْخَ الْبَلَدِ الْفَلَّاحَ عَلَى حَافِظِ الْقُرْآنِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يُكَافِئَ الثَّانِي بِنْتَ الْأَوَّلِ وَقَدْ يُتَّجَهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يُكَافِئُهَا لِأَنَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ فَضِيلَةٌ شَرِيفَةٌ شَرْعًا، وَعُرْفَ الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ مَشْيَخَةُ الْبَلَدِ كَالْحِرْفَةِ وَبَعْضُ الْخِصَالِ لَا يُقَابِلُ بَعْضًا اهـ سم وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ شَيْخِ الْبِلَادِ حَيْثُ لَا يُفَسَّقُ كَجِبَايَةِ الْمَكْسِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: لَا يُكَافِئُ بِنْتَهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ يَحْفَظُ نِصْفَهُ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ لَا يُكَافِئُ ابْنَةَ مَنْ يَحْفَظُهُ كُلَّهُ بِوَاحِدَةٍ أَوْ يَحْفَظُهُ بِقِرَاءَةٍ مُلَفَّقَةٍ وَكَمَا يُعْتَبَرُ حِفْظُ الْقُرْآنِ فِي حَقِّ الْأَبِ كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ فِي بَقِيَّةِ أُصُولِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَالِمِ وَالْقَاضِي اهـ ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِالْإِجْبَارِ بِمُعْسِرٍ بِحَالِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَلَا يُعْتَبَرُ الْجَمَالُ وَالْبَلَدُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ الْبُخْلُ وَالْكَرَمُ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ مُعْتَبَرًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا إذَا أَفْرَطَ الْقِصَرُ فِي الرَّجُلِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ مِمَّنْ هُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا تَتَعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْبُخْلُ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: مِمَّا تُعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ صَحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: عُرْفًا) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: فَإِنْ قُلْت إلَى وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: وَحَالَ حَائِلٌ) أَيْ نَازِلٌ مُتَغَيِّرٌ وَزَائِلٌ قَالَ ع ش هَذِهِ الْمَعَاطِيفُ مَفَاهِيمُهَا مُخْتَلِفَةٌ لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا وَاحِدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَطَوْدٌ) أَيْ جَبَلٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَصُعْلُوكٌ) كَعُصْفُورٍ الْفَقِيرُ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ خَبَرَ " الْحَسَبُ الْمَالُ " (قَوْلُهُ: مِنْ الدُّنْيَا) أَيْ الزَّائِدَةِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) لَعَلَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ ذَمَّ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: تَوَاصَى عَلَيْهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَسِيلَةً لِلْخَيْرِ إلَخْ) نَشْرٌ مُشَوَّشٌ.
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الصِّفَاتِ وَسَيَأْتِي أَنَّ بَعْضَهَا لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ) فِي دَعْوَى الصَّرَاحَةِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْعَالِمِ هُنَا إلَخْ) .
(فَرْعٌ)
الْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ غَيْرِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ كَالنَّحْوِ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْحِرْفَةِ فَمَنْ أَبُوهَا نَحْوِيٌّ أَوْ أُصُولِيٌّ مَثَلًا لَا يُكَافِئُهَا مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّ الْعُلُومَ الثَّلَاثَةَ مُتَسَاوِيَةٌ وَأَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَالِمًا بِوَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْعُلُومِ لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِهِمَا فِيهَا إذْ التَّسَاوِي لَا يَنْضَبِطُ وَأَنَّ الْعَالِمَ بِالثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا لَا يُكَافِئُهُ مَنْ شَارَكَهُ فِي الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا مَعَ مَعْرِفَةِ بَقِيَّةِ الْعُلُومِ أَوْ بَعْضِهَا وَخَلَا عَنْ بَقِيَّةِ الْعُلُومِ م ر (قَوْلُهُ: كَمُكَافَأَتِهِ) أَيْ الْجَاهِلِ (قَوْلُهُ: وَإِذًا بَحْثُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ