للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا لِعَجْزِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً) تَرْضَى (بِمُؤَجَّلٍ) وَلَمْ يَجِدْ الْمَهْرَ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحِلِّ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ) وَهُوَ يَجِدُهُ (فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ فِي الْأُولَى) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ وَفَاءً فَتَصِيرُ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةً وَإِنَّمَا وَجَبَ شِرَاءُ مَاءٍ بِنَظِيرِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمَاءِ أَنَّهُ تَافِهٌ يُقْدَرُ عَلَى ثَمَنِهِ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَأَيْضًا فَهُوَ هُنَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ كُلَفًا أُخَرَ كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَالْغَرَضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَلَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ بَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ مَا يَبْقَى فِي الْفِطْرَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْتُهُ آنِفًا وَمِنْهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ هُنَا مِنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ أَمَةً لَا تَحِلُّ أَوْ لَا تَصْلُحُ وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَحْتَاجُهَا لِخِدْمَةٍ نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي نَحْوِ خَادِمٍ أَوْ مَسْكَنٍ نَفِيسٍ قَدَرَ عَلَى بَيْعِهِ وَتَحْصِيلِ خَادِمٍ وَمَسْكَنٍ لَائِقٍ وَمَهْرِ حُرَّةٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ ثُمَّ (دُونَ الثَّانِيَةِ) لِاعْتِيَادِ الْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ فَلَا مِنَّةَ بِخِلَافِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ مَعَ لُزُومِهِ لَهُ بِالْوَطْءِ، وَلَا نَظَرَ - كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ - إلَى أَنَّهَا قَدْ تَنْذُرُ لَهُ بِإِسْقَاطِهِ إنْ وَطِئَ لِلْمِنَّةِ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ.

(وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ يَخَافَ) وَلَوْ خَصِيًّا (زِنًا) بِأَنْ يَتَوَقَّعَهُ لَا عَلَى النُّدُورِ بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ تَقْوَاهُ بِخِلَافِ مَنْ غَلَبَتْ تَقْوَاهُ أَوْ مُرُوءَتُهُ الْمَانِعَةُ مِنْهُ أَوْ اعْتَدَلَا وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] أَيْ الزِّنَا وَأَصْلُهُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ أَوْ الْعَذَابِ وَالْمَرْعِيُّ عِنْدَنَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عُمُومُهُ فَلَوْ خَافَهُ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إذَا وَجَدَ الطَّوْلَ قَالَ شَارِحٌ بَلْ وَإِنْ فَقَدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شَيْخُنَا وَالْوَجْهُ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الطَّوْلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا وَلَا اعْتِبَارَ بِعِشْقِهِ لِأَنَّهُ دَاءٌ تُهَيِّجُهُ الْبَطَالَةُ وَإِطَالَةُ الْفِكْرِ وَكَمْ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَزَالَ عَنْهُ وَلِاسْتِحَالَةِ زِنَا الْمَجْبُوبِ دُونَ مُقَدِّمَاتِهِ مِنْهُ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ: لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ نَظَرًا لِلْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الشرواني]

مَهْرِهَا مِنْ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِ وَنِكَاحُهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا) ظَاهِرُهُ وَيَصْرِفُ مَهْرَهَا مِنْ الْمَالِ كَالنَّفَقَةِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ قَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ م ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ الْمَهْرَ) إلَى قَوْلِهِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: لَا عَلَى النُّدُورِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَجِدُهُ) أَيْ الدُّونَ (قَوْلُ الْمَتْنِ: حِلُّ أَمَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَصِيرُ مَشْغُولَةً فِي الْحَالِ وَقَدْ لَا يَصْدُقُ رَجَاؤُهُ عِنْدَ تَوَجُّهِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: بِنَظِيرِ ذَلِكَ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِمُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ يَمْتَدُّ إلَى وُصُولِهِ بَلَدَ مَالِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ هُنَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ ذَلِكَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ " بَيْنَ " (قَوْلُهُ: مِمَّا قَدَّمْته آنِفًا) أَيْ فِي شَرْحِ وَأَنْ يَعْجِزَ عَنْ حُرَّةٍ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا يَبْقَى فِي الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ إلَخْ وَقَالَ ع ش: أَيْ الْفِطْرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَهْرِ حُرَّةٍ) أَيْ أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْبَيْعُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لَمْ يَنْكِحْ الْأَمَةَ اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: لِاعْتِيَادِ الْمُسَامَحَةِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ مَا رَضِيَتْ بِهِ تَافِهًا جِدًّا فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ أَوْ لَا؟ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ مَسْأَلَةِ الدُّونِ بِاعْتِبَارِ الْمُسَامَحَةِ وَمَسْأَلَةِ إسْقَاطِ الْكُلِّ بِالْمِنَّةِ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَوْجَهُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ) أَيْ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: مَعَ لُزُومِهِ) عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِحِلِّ الْأَمَةِ وَالضَّمِيرُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى النُّدُورِ) تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ اعْتَدَلَا يَتَبَيَّنُ لَك مَا فِيهِ مِنْ التَّدَافُعِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ يَعْنِي فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ الْآتِيَ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى النُّدُورِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ الزِّنَا بَلْ تَوَقَّعَهُ عَلَى نُدُورٍ اهـ لَكِنَّ النِّهَايَةَ وَافَقَ الشَّارِحَ وَكَذَا شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ أَيْ بِأَنْ يَتَوَقَّعَهُ لَا عَلَى نُدُورٍ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْوُقُوعُ فِيهِ أَوْ يُحْتَمَلُ الْوُقُوعُ فِيهِ وَعَدَمُهُ عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَقَّعَهُ عَلَى نُدُورٍ بِأَنْ تَضْعُفَ شَهْوَتُهُ أَوْ قَوِيَتْ شَهْوَتُهُ وَقَوِيَتْ تَقْوَاهُ أَيْضًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ) أَيْ الْعَنَتِ وَكَذَا ضَمِيرُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِالْحَدِّ أَوْ الْعَذَابِ) أَوْ فِيهِ لِلتَّنْوِيعِ وَالْمُرَادُ بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا أَيْ إنْ حُدَّ وَالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ أَيْ إنْ لَمْ يُحَدَّ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ عِبَارَةُ ع ش عَبَّرَ بِأَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الرَّاجِحُ مِمَّنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَا يُعَذَّبُ فِي الْآخِرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: عُمُومُهُ) أَيْ الزِّنَا بِأَنْ يَخَافَ الزِّنَا مَعَ كُلِّ مَنْ يَجِدُهُ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: تُهَيِّجُهُ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَجْبُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِحَالَةِ إلَخْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: قَالَ جَمْعٌ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ اهـ سم وَاعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) أَيْ مُطْلَقًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْأَوَّلِ) أَيْ لِاسْتِحَالَةِ الزِّنَا مِنْ الْمَجْبُوبِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

صَرْفِ مَهْرِهَا مِنْ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِ وَنِكَاحُهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْكَلَامُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ سَبَبُ الْعَجْزِ تَعَلُّقَ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالْمَالِ وَأَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي أَعْيَانِ مَالِهِ فَهُوَ كَمَا يَقْتَضِي عَجْزَهُ عَنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ يَقْتَضِي عَجْزَهُ عَنْ مَهْرِ الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ وَكَذَا يُقَالُ إنْ كَانَ سَبَبُهُ عَدَمَ وُجُودِ مَالٍ لَهُ مَعَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَوْجُودًا وَلَا يَمْنَعُهُ صَرْفُهُ لِلنِّكَاحِ لَكِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْحُرَّةِ دُونَ الْأَمَةِ فَهَذَا مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا وَفَّى مَالُهُ بِمَهْرِ أَمَةٍ وَلَمْ يَفِ بِمَهْرِ حُرَّةٍ جَازَتْ الْأَمَةُ فَهَذَا مُمْكِنٌ إنْ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي أَعْيَانِ مَالِهِ لِلنِّكَاحِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت م ر جَوَّزَ لَهُ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَاطِنًا وَصَرْفَ مَهْرِهَا مِنْ الْمَالِ كَالنَّفَقَةِ اهـ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى التَّرَدُّدِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَرْعِيُّ عِنْدَنَا إلَخْ) كَذَا م ر (قَوْلُهُ: قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ) اعْتَمَدَهُ م ر وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>