بِأَنْ كَانَ الَّذِي نَجَّسَهُ حُكْمِيَّةً وَهِيَ الَّتِي لَا تُحَسُّ بِبَصَرٍ وَلَا شَمٍّ وَلَا ذَوْقٍ وَالْعَيْنِيَّةُ نَقِيضُ ذَلِكَ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ مَرَّةً إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَا يُزَالُ وَمِنْ ذَلِكَ سِكِّينٌ سُقِيَتْ نَجِسًا وَحَبٌّ نُقِعَ فِي بَوْلٍ وَلَحْمٌ طُبِخَ بِهِ فَيَطْهُرُ بَاطِنُهَا أَيْضًا بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَحْوِ آجُرٍّ نُقِعَ فِي نَجِسٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْعِهِ فِيهِ حَتَّى يُظَنَّ وُصُولُهُ لِجَمِيعِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشْبِهُ تَشَرُّبَ الْمَسَامِّ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ نَزَلَ صَائِمٌ فِي مَاءٍ فَأَحَسَّ بِهِ فِي جَوْفِهِ وَأَيْضًا فَبَاطِنُ تِلْكَ يُشْبِهُ الْأَجْوَافَ وَهِيَ لَا طَهَارَةَ عَلَيْهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْآجُرِّ فِيهِمَا وَفَارَقَ نَحْوُ السِّكِّينِ لَبِنًا عُجِنَ بِمَائِعٍ نَجِسٍ ثُمَّ حُرِقَ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بَاطِنُهُ بِالْغَسْلِ إلَّا إذَا دُقَّ وَصَارَ تُرَابًا أَوْ نُقِعَ حَتَّى وَصَلَ الْمَاءُ لِبَاطِنِهِ بِتَيَسُّرِ رَدِّهِ إلَى التُّرَابِ وَتَأْثِيرِ نَقْعِهِ فِيهِ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّ فِي رَدِّ أَجْزَاءِ بَعْضِهَا حَتَّى تَصِيرَ كَالتُّرَابِ مَشَقَّةً تَامَّةً وَضَيَاعَ مَالٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْمَتْنِ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) فَإِنْ قُلْت تَخْصِيصُ كِفَايَةِ جَرْيِ الْمَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنٌ مُشْكِلٌ إذْ قَدْ يَكْفِي جَرْيُ الْمَاءِ وَإِنْ وُجِدَتْ الْعَيْنُ كَأَثَرِ الْبَوْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي يُحَسُّ بِبَصَرٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ شَيْءٍ مِنْهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ كِفَايَةَ جَرْيِ الْمَاءِ فِي نَحْوِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ نَحْوَ ذَلِكَ الْأَثَرِ لِضَعْفِهِ تَزُولُ أَوْصَافُهُ بِجَرْيِ الْمَاءِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُجَرَّدُ الْجَرْيِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَيْنِ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ لَكِنَّهَا قَدْ تَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْجَرْيِ فَيُكْتَفَى بِهِ لَا لِكَوْنِهِ مُجَرَّدَ جَرْيٍ بَلْ لِتَضَمُّنِهِ زَوَالَ الْأَوْصَافِ.
(فَرْعٌ)
لَوْ صُبَّ الْمَاءُ عَلَى مَكَانِ النَّجَاسَةِ وَانْتَشَرَ حَوْلَهَا لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِشَارِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ أَيْ وَالْمُغْنِي وَلَكِنْ ظَهَرَ مَعَ م ر أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْهُرْ مَكَانُ النَّجَاسَةِ تَنَجَّسَ مَحَلُّ الِانْتِشَارِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لَمْ يُعْفَ عَنْ إصَابَةِ الْمَاءِ لَهُ وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مِنْ إصَابَةِ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ عَلَى مَا لَوْ طَهُرَ مَكَانُ النَّجَاسَةِ بِالصَّبِّ ثُمَّ انْتَشَرَتْ الرُّطُوبَةُ اهـ فَلْيُحَرَّرْ سم بِحَذْفِ قَوْلِ الْمَتْنِ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التُّرُوكِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَقِيلَ تَجِبُ النِّيَّةُ وَنُسِبَ لِجَمْعٍ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَيْجٍ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ وَجْهٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ.
وَقَالَ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنْدَبُ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ بِالنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ وَحَبٌّ نُقِعَ إلَخْ) أَيْ حَتَّى انْتَفَخَ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ أَيْ فِي شَرْحِ وَبَوْلِ أَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ فِي الْبَاطِنِ وَوُصُولُهُ لِتِلْكَ الْحَالَةِ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَيَطْهُرُ بَاطِنُهَا) أَيْ حَتَّى لَوْ حَمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ سم وَقَالَ شَيْخُنَا بِلَا عَزْوٍ وَيُعْفَى عَنْ بَاطِنِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى سَقْيِ السِّكِّينِ مَاءً طَهُورًا وَإِغْلَاءِ اللَّحْمِ وَلَا إلَى عَصْرِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا) أَيْ السِّكِّينِ وَالْحَبِّ وَاللَّحْمِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَظُنَّ وُصُولَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ الْوُصُولِ عَلَى وَجْهِ السَّيَلَانِ حَتَّى تُوجَدَ حَقِيقَةُ الْغَسْلِ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِمُطْلَقِ الْوُصُولِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ تَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ حَقِيقَةِ الْغَسْلِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ هُوَ الثَّانِي أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِمُطْلَقِ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ سَقْيَ السِّكِّينِ نَجِسًا (قَوْلُهُ فَبَاطِنُ تِلْكَ) أَيْ السِّكِّينِ وَالْحَبِّ وَاللَّحْمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْآجُرِّ فِيهِمَا) أَيْ الْمُشَابِهَتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ نَحْوُ السِّكِّينِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاللَّبِنُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ إنْ خَالَطَ نَجَاسَةً جَامِدَةً كَالرَّوْثِ لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ طُبِخَ وَصَارَ آجُرًّا لِعَيْنِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ خَالَطَهُ غَيْرُهَا كَالْبَوْلِ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ وَكَذَا بَاطِنُهُ إنْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ وَلَوْ مَطْبُوخًا إنْ كَانَ رَخْوًا يَصِلُهُ الْمَاءُ كَالْعَجِينِ أَوْ مَدْقُوقًا بِحَيْثُ يَصِيرُ تُرَابًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِ السِّكِّينِ أَيْ فِي طَهَارَةِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَلَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ فِي الْآجُرِّ أُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالْمَاءِ فِي الْآجُرِّ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مُتَأَتٍّ مِنْ غَيْرِ مُلَابَسَةٍ لَهُ فَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَةِ بَاطِنِهِ مِنْ غَيْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّكِّينِ اهـ زَادُ النِّهَايَةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِسَحْقِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَالِيَّتِهَا وَنَقْصِهَا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ دَاخِلَ الْأَجْزَاءِ الصِّغَارِ اهـ.
قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ طُبِخَ أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي رَدِّ أَجْزَاءِ بَعْضِهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي الْحَبِّ الْمُتَبَادَرِ إرَادَتُهُ مَعَ اللَّحْمِ مِنْ هَذَا الْبَعْضِ وَلَوْ سَلِمَ فَيُقَالُ إنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّقْعُ فَلْيَطْهُرْ بِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَصِيرَ كَالتُّرَابِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ ضَرُورَةٌ وَغَايَةُ مَا تَقْتَضِيهِ الْعَفْوُ لَا الطَّهَارَةُ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
تَحْصِيلُ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ عَيْنٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحِ مَا يُحَسُّ بِبَصَرٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ وَالْأَثَرُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحَسُّ بِالْبَصَرِ وَقَدْ يُحَسُّ بِالشَّمِّ وَالذَّوْقِ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي جَرْيُ الْمَاءِ عَلَيْهِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ كِفَايَةَ جَرْيِ الْمَاءِ فِي نَحْوِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ نَحْوَ ذَلِكَ الْأَثَرِ لِضَعْفِهِ تَزُولُ أَوْصَافُهُ بِجَرْيِ الْمَاءِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُجَرَّدُ الْجَرْيِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَيْنِ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ لَكِنَّهَا قَدْ تَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْجَرْيِ فَيُكْتَفَى بِهِ لَا لِكَوْنِهِ مُجَرَّدَ جَرْيٍ، بَلْ لِتَضَمُّنِهِ زَوَالَ الْأَوْصَافِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْحُكْمِيَّةَ إطْلَاقُ كِفَايَةِ جَرْيِ الْمَاءِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَكْفِي فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَيْنِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ غَسْلِهِ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ كَانَتْ عَيْنِيَّةً بِأَنْ أَدْرَكَ أَثَرَهَا ثُمَّ انْقَطَعَ فَصَارَتْ حُكْمِيَّةً (قَوْلُهُ فَيَطْهُرُ بَاطِنُهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute