للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعَمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ وَهُوَ هُنَا فَسْخٌ اهـ وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَلَا يَرِدُ الْفِرَاقُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ وَهُوَ هُنَا بِالْفَسْخِ أَوْلَى مِنْهُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ فَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ (لَا الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ) فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا اخْتِيَارًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الظِّهَارِ لِتَحْرِيمِهِ وَالْإِيلَاءِ لِتَحْرِيمِهِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ حَلِفًا عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُولَى أَوْ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا لِلنِّكَاحِ حُسِبَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الزَّوْجِيَّةِ وَضِدِّهَا فَيَصِيرُ فِي الظِّهَارِ عَائِدًا إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا حَالًا وَلَيْسَ الْوَطْءُ اخْتِيَارًا لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ابْتِدَاءٌ أَوْ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ.

(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارٍ وَلَا فَسْخٍ) كَإِنْ دَخَلْت فَقَدْ اخْتَرْتُ نِكَاحَكِ أَوْ فَسَخْتُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ ابْتِدَاءٌ أَوْ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهُ وَلِأَنَّ مَنَاطَ الِاخْتِيَارِ الشَّهْوَةُ فَلَمْ يَقْبَلْ تَعْلِيقًا لِأَنَّهَا قَدْ تُوجَدُ وَقَدْ لَا؛ نَعَمْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الِاخْتِيَارِ لِلنِّكَاحِ ضِمْنًا كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَنْ دَخَلَتْ فَهِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُسْتَقِلِّ وَتَصِحُّ نِيَّةُ الطَّلَاقِ بِلَفْظِ الْفَسْخِ وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لِكَوْنِهِ طَلَاقًا كَمَا مَرَّ.

(وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ فِي خَمْسٍ) أَوْ عَشْرٍ مَثَلًا جَازَ لِأَنَّهُ خَفَّفَ الْإِبْهَامَ وَحِينَئِذٍ (انْدَفَعَ مَنْ زَادَ) عَلَى تِلْكَ الْمَحْصُورَاتِ (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) هُنَا بَلْ مُطْلَقًا لِأَرْبَعٍ فِي الْحُرِّ وَثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِهِ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ الْمُغْنِي عَمَّا هُنَا لَوْلَا تَوَهُّمُ أَنَّ ذَاكَ لَا يَأْتِي هُنَا (وَنَفَقَتُهُنَّ) أَيْ الْخَمْسِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ إذَا لَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ شَيْئًا وَأَرَادَ بِالنَّفَقَةِ مَا يَعُمُّ سَائِرَ الْمُؤَنِ (حَتَّى يَخْتَارَ) الْحُرُّ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَغَيْرُهُ ثِنْتَيْنِ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِحُكْمِ النِّكَاحِ (فَإِنْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ) أَوْ التَّعْيِينَ (حُبِسَ) بِأَمْرِ الْحَاكِمِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَاجِبٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ فَإِنْ اسْتَنْظَرَ أَنْظَرَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَوِّي شَرْعًا فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فِيهِ الْحَبْسُ عَزَّرَهُ بِمَا يَرَاهُ مِنْ ضَرْبٍ وَغَيْرِهِ فَإِذَا بَرِئَ مِنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ كَرَّرَهُ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَخْتَارَ. وَيُخَلَّى نَحْوُ مَجْنُونٍ حَتَّى يُفِيقَ وَلَا يَنُوبُ الْحَاكِمُ عَنْ الْمُمْتَنِعِ هُنَا لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ وَبِهِ فَارَقَ تَطْلِيقَهُ عَلَى الْمُولِي الْآتِي، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ تَوَقُّفَ حَبْسِهِ عَلَى طَلَبٍ وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِنَّ لِأَنَّهُ حَقُّهُنَّ كَالدَّيْنِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ إنْ أَمْسَكَ أَرْبَعًا فِي الْخَبَرِ لِلْإِبَاحَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْأَعَمَّ) أَيْ مُطْلَقَ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْفَرْقُ هُنَا أَيْ فِي بَابِ الِاخْتِيَارِ فَسْخٌ أَيْ لَا اخْتِيَارٌ (قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِ الثَّانِي) أَيْ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ) أَيْ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ وَحَقِيقَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَرِينَةِ اهـ مُغْنِي وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِعَدَمِ تَبَادُرِهِ فِي الْفَسْخِ وَإِلَّا لَتَعَيَّنَ فِيهِ بِلَا قَرِينَةٍ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ تَبَادُرَهُ فِي الْفَسْخِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ هُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقَامَ قَرِينَةٌ لِإِرَادَةِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ فِيهِ أَيْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا) إلَى التَّنْبِيهِ الثَّانِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ يُقَرُّ كُلٌّ مِنْهُنَّ إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ " وَذِكْرُ الْعَشْرِ " إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِتَحْرِيمِهِ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُتَعَلِّقٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي " أَلْيَقُ " الَّذِي هُوَ خَبَرُ أَنَّ وَقَوْلُهُ: " وَالْإِيلَاءِ " عَطْفٌ عَلَى " الظِّهَارِ " وَقَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ إلَخْ عِلَّةٌ لِتَحْرِيمِ الْإِيلَاءِ وَقَوْلُهُ: بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي " أَلْيَقُ " الرَّاجِعِ لِكُلٍّ مِنْ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَقَوْلُهُ: بِالْمَنْكُوحَةِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مِنْهُ الرَّاجِعِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: الْمُولَى وَالْمُظَاهَرَ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ: مِنْهَا تَنَازَعَ فِيهِ الْوَصْفَانِ وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ إلَى أَلْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالظِّهَارِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُدَّةِ الْإِيلَاءِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْوَطْءُ اخْتِيَارًا) وَلِلْمَوْطُوءَةِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا إنْ اخْتَارَ غَيْرَهَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ اسْتِدَامَةً إلَخْ أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ) أَيْ كَالرَّجْعَةِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَنَاطَ إلَخْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَقَطْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ لِأَنَّهُمَا تَعْيِينٌ وَلَا تَعْيِينَ مَعَ التَّعْلِيقِ اهـ هِيَ لِشُمُولِهِ لِلْمَعْطُوفِ أَيْضًا أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُقْبَلْ) أَيْ الِاخْتِيَارُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ أَيْ الشَّهْوَةَ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ نِيَّةُ الطَّلَاقِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " يَصِحُّ " إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَالطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ إلَخْ) لَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرٍ مَثَلًا وَاخْتَارَ مِنْهُنَّ سِتًّا فِيهِنَّ أُخْتَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ السِّتِّ وَلَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلِاخْتِيَارِ لِانْدِفَاعِ الْأُخْتَيْنِ لِجَوَازِ اخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا مَعَ ثَلَاثٍ غَيْرِهِمَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) أَيْ فَوْرًا اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْحَلَبِيِّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَزِمَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ الْمُغْنِي عَمَّا هُنَا أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: لَا يَأْتِي هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ فِي نَحْوِ خَمْسٍ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ) أَيْ بِالِاخْتِيَارِ فِي الصُّورَةِ الْمَارَّةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ التَّعْيِينِ هُنَا (قَوْلُهُ: اُنْظُرْهُ) أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَيْ كَوَامِلَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُدَّةُ التَّرَوِّي) أَيْ التَّفَكُّرِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فِيهِ الْحَبْسُ عَزَّرَهُ إلَخْ وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ وَقَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَامْتَنَعَ وَأَصَرَّ وَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِ الْحَبْسُ وَرَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَضُمَّ إلَى الْحَبْسِ التَّعْزِيرَ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ فَلَهُ ذَلِكَ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَخْتَارَ) وَلَوْ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ: رَجَعْت عَمَّا اخْتَرْت لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَخْتَارَ) أَيْ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُخَلَّى نَحْوُ مَجْنُونٍ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ مَا يَشْمَلُ هَذَا وَغَيْرَهُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى إفَاقَتِهِ) وَإِنْ طَالَ جُنُونُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ) أَيْ أَمْسَكَ بِمَعْنَى إلَخْ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ -

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَيْ وَالْفَسْخُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ الْفِرَاقُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ فِي الْفَسْخِ كَمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِمَا وَيَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَرِينَةِ انْتَهَى وَفِيهِ إشْعَارٌ بِعَدَمِ تَبَادُرِهِ فِي الْفَسْخِ وَإِلَّا لَتَعَيَّنَ فِيهِ بِلَا قَرِينَةٍ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ فِي خَمْسٍ إلَخْ) -

<<  <  ج: ص:  >  >>