بِمَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّلِيمُ: أَنَّ ذَا الْعَيْبِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي الْفَسْخِ كَرَاهَةً لِإِسَاءَتِهِ الْآخَرَ بِتَحَمُّلِهِ ضَرَرَ مُعَاشَرَتِهِ وَإِنْ رَضِيَ أُجِيبَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ إلَّا السَّلِيمُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَلَا نَظَرَ بَعْدَ رِضَا السَّلِيمِ بِالْمَعِيبِ إلَى مَا ذُكِرَ (الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) إنْ بَقِيَ الْعَيْبُ إلَى الْفَسْخِ وَلَمْ يَمُتْ الْآخَرُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا وَالْقَرْنُ وَمِثْلُهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَيْهِ فِي الْخَاصِّينَ بِهِ وَقِيَاسًا أَوْلَوِيًّا فِي الْكُلِّ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْبَيْعِ بِدُونِ هَذِهِ إذْ الْفَائِتُ ثَمَّ مَالِيَّةٌ يَسِيرَةٌ وَهُنَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ وَهُوَ الْجِمَاعُ أَوْ التَّمَتُّعُ لَا سِيَّمَا وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ يُعْدِيَانِ الْمُعَاشِرَ وَالْوَلَدَ أَوْ نَسْلَهُ كَثِيرًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأُمِّ فِي مَوْضِعٍ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَطِبَّاءِ وَالْمُجَرِّبِينَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يُنَافِيهِ خَبَرُ «لَا عَدْوَى» لِأَنَّهُ نَفْيٌ لِاعْتِقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ نِسْبَةَ الْفِعْلِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَوُقُوعُهُ بِفِعْلِهِ تَعَالَى.
وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ خَبَرُ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» وَأَكَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ تَارَةً وَتَارَةً لَمْ يُصَافِحْهُ بَيَانًا لِسِعَةِ الْأَمْرِ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ الْفِرَارِ وَالتَّوَكُّلِ وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ غَيْرُهَا كَالْعِذْيَوْطِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ الْمُعْجَمِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ عَذْوَطَ كَعَتْوَرِ، وَهُوَ فِيهِمَا مَنْ يُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَفِيهِ مَنْ يُنْزِلُ قَبْلَ الْإِيلَاجِ فَلَا خِيَارَ بِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسُكُوتُهُمَا فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْمَأْيُوسَ مِنْ زَوَالِهِ وَلَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فِي مَعْنَى الْعُنَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ الْعُنَّةِ فَلَيْسَ قِسْمًا خَارِجًا عَنْهَا وَنَقَلَهُمَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَةَ الْعَيْنِ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَقُولُ وَبِذَلِكَ الْمُقْتَضَى يُصَرِّحُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُغْنِي فِي هَامِشِهِ (قَوْلُهُ: بِمَا يُعَيِّنُ إلَخْ) يَعْنِي قَوْلَهُ: الْجَاهِلِ بِالْعَيْبِ إلَخْ لَكِنْ فِي دَعْوَى التَّعْيِينِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إلَخْ) مَفْعُولُ يُعَيِّنُ، وَالضَّمِيرُ لِلْكَارِهِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ ذَا الْعَيْبِ إلَخْ) أَيْ صَاحِبَ الْعَيْبِ خَبَرُ " وَقَضِيَّةُ إلَخْ " (قَوْلُهُ: كَرَاهَةً لِإِسَاءَتِهِ) أَيْ ذِي الْعَيْبِ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْفَاعِلِ وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ، وَقَوْلُهُ: الْآخَرَ أَيْ السَّلِيمَ مَفْعُولُهُ وَقَوْلُهُ: بِتَحَمُّلِهِ أَيْ الْآخَرِ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِسَاءَةِ يَعْنِي لِكَرَاهَتِهِ أَيْ ذِي الْعَيْبِ تَسَبُّبَهُ فِي مَشَقَّةِ تَحَمُّلِ السَّلِيمِ ضَرَرَ مُعَاشَرَتِهِ أَيْ ذِي الْعَيْبِ مَعَهُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَ غَايَةٌ بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَخَيَّرَ إلَخْ وَالضَّمِيرُ لِلسَّلِيمِ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ) جَوَابُ " لَوْ " (قَوْلُهُ: إلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ إلَى إسَاءَةِ الْآخَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ الْعَيْبُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالْقَرْنُ، وَقَوْلَهُ وَأَكَلَ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلَهُ: وَسُكُوتُهُمَا إلَى وَنَقَلَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمُتْ الْآخَرُ) أَيْ الْمَعِيبُ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَهَبَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْقَرْنُ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِتِلْكَ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ) أَيْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذَهَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إلَخْ) أَيْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَجْوِيزِ الْفَسْخِ بِهَا (قَوْلُهُ: عَنْ تَوْقِيفٍ) أَيْ وُرُودٍ فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَلِإِجْمَاعِ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: وَقِيَاسًا إلَخْ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا ذَهَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَقَوْلُهُ: فِي الْخَاصِّينَ بِهِ أَيْ الزَّوْجِ وَهُمَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِدُونِ هَذِهِ) أَيْ بِعُيُوبٍ دُونَ هَذِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ نَسْلَهُ) أَيْ الْوَلَدَ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) أَيْ بِإِعْدَامَيْهِمَا وَكَذَا ضَمِيرُ وَحَكَاهُ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهُ يُعْدِي وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ «لَا عَدْوَى» أُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يُعْدِي بِفِعْلِ اللَّهِ لَا بِنَفْسِهِ وَالْحَدِيثُ وَرَدَ رَدًّا لِمَا يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ نِسْبَةِ الْفِعْلِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَأَنَّ مُخَالَطَةَ الصَّحِيحِ لِمَنْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ سَبَبٌ لِحُدُوثِ ذَلِكَ الدَّاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأُمِّ مِنْ الْإِعْدَاءِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ وُقُوعِ الْإِعْدَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَكَلَ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَخْ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَةِ عَلَى حِدَتِهِ إذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَتَخَيَّرُ بِخَمْسَةٍ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ جُمْلَةَ الْعُيُوبِ سَبْعَةٌ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ خَمْسَةٌ وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْعُيُوبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيمَا عَدَاهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ فَلَا خِيَارَ بِالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقُرُوحِ السَّيَّالَةِ وَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَالْبَلَهِ وَالْخِصَاءِ وَالْإِفْضَاءِ وَلَا بِكَوْنِهِ يَتَغَوَّطُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَقَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ إلَخْ ذَكَرَهُ النِّهَايَةُ وَزَادَتْ عَقِبَ الِاسْتِحَاضَةِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ لَمْ تَحْفَظْ لَهَا عَادَةً وَحَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَالْقُرُوحِ السَّيَّالَةِ وَمِنْهَا الْمَرَضُ الْمُسَمَّى بِالْمُبَارَكِ وَالْمَرَضُ الْمُسَمَّى بِالْعُقْدَةِ وَالْحَكَّةُ فَلَا خِيَارَ بِذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَعَتْوَرٍ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ كَدِرْهَمِ وَادٍ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ فِيهِمَا أَيْ الزَّوْجَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ أَيْ الرَّجُلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ بِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْخَمْسَةِ مُطْلَقًا أَيْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْمَأْيُوسَ إلَخْ) أَيْ الْقَائِمَ بِالزَّوْجِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَصَلَ لَهُ كِبَرٌ فِي الْأُنْثَيَيْنِ بِحَيْثُ تَغَطَّى الذَّكَرُ بِهِمَا وَصَارَ الْبَوْلُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَيَثْبُتُ لِزَوْجَتِهِ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَطْءٌ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِ كِبَرِهِمَا بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ عَدْلٍ وَلَوْ أَصَابَهَا مَرَضٌ يَمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إلْحَاقًا لَهُ بِالرَّتَقِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْخِيَارِ بَلْ قَدْ يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ: فِي الِاسْتِحَاضَةِ وَإِنْ حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِهَا اهـ ع ش وَقَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يُفْهِمُهُ إلَخْ ظَاهِرُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: فِي مَعْنَى الْعُنَّةِ) وَحِينَئِذٍ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ بَعْدُ اهـ حَلَبِيٌّ قَالَ سم وَفِي مَعْنَاهَا أَيْضًا الشَّلَلُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا حَقِيقَةً وَكَذَا الْهَرَمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ -
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مُشْكِلٌ وَإِلَّا فَمَا وَجْهُ اسْتِشْكَالِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: لِإِسَاءَتِهِ الْآخَرَ) أَيْ السَّلِيمَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ إلَّا السَّلِيمُ) أَيْ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا سَلِيمًا وَإِلَّا فَالْخِيَارُ ثَابِتٌ إذَا كَانَا مَعِيبَيْنِ أَيْضًا كَمَا سَيُعْلَمُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ هَذِهِ) أَيْ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْعُنَّةِ) فِي مَعْنَاهَا أَيْضًا الشَّلَلُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ -